العدد 2377 - الإثنين 09 مارس 2009م الموافق 12 ربيع الاول 1430هـ

الرسالة من «معرض دبي العالمي للقوارب»

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

انطلقت يوم الثلثاء 3 مارس/ آذار 2009 في نادي دبي الدولي للرياضات البحرية فعاليات الدورة السابعة عشرة من معرض دبي العالمي للقوارب، ترافقه مجموعة من التساؤلات، حول أوضاع دبي المالية، ومدى قدرتها على الخروج من أزمتها الخانقة التي تعيشها. الإعلام الإمارات، والدبوي منه على وجه الخصوص، حاول أن يحيط المعرض بمجموعة من التغطيات المشيرة إلى نجاحه، فأبرز مشاركة 721 شركة عارضة، من 50 دولة، 20 في المئة منها شركات جديدة، إلى جانب استقطابه «عددا من العلامات التجارية الراقية التي ليس لها علاقة مباشرة بقطاع الملاحة الترفيهية، مثل أستون مارتن وتيفاني وداماس»، مرجعة ذلك، وعن قصد، «للمكانة الراقية التي يحتلها المعرض». هذه النبرة الترويجية تبدو واضحة في تصريحات الرئيس التنفيذي لمركز دبي التجاري العالمي، هلال سعيد المري، الذي أكد «أن معرض دبي العالمي للقوارب نما حتى أصبح واحدا من أهم الفعاليات الملاحية العالمية، وبأن دورة هذا العام ستكون الأكبر والأكثر إثارة في تاريخه».

لكن من يعود قليلا إلى الوراء، كي يطالع تاريخ المعرض، سيلاحظ تراجعا واضحا في أرقام هذا العام مقارنة بأرقام السنوات الثلاث الماضية. فالدورة السابقة التي عقدت في الفترة ما بين 11 إلى 15 مارس 2008، استقبل المعرض «أكثر من 800 شركة ونحو 400 قارب، وهو الرقم الأعلى منذ انطلاق المعرض في العام 1992» وفي تلك الدورة أعلنت شركة الخليج لصناعة القوارب «غلف كرافت»، «إنها باعت خلال أول يومين من معرض دبي العالمي للقوارب 2008 جميع قواربها المعروضة من طراز سيلفر كرافت، حيث باعت 100 قارب من هذا الطراز بقيمة إجمالية بلغت نحو 6 مليون دولار أميركي».

أما في دورة العام 2005، ووفقا للأرقام الرسمية، فقد «شهد معرض دبي العالمي للقوارب بيع 140 قاربا، منها 25 يختا كبيرا، لتحطم بذلك المبيعات ما تم تسجيله في الدورة الماضية (2004). وتشير البيانات التي تم جمعها حينها، وقبل انتهاء الدورة إلى أن المبيعات تخطّت حاجز المئة مليون دولار».

وعندما نصل إلى دورة 2006، نجد مركز دبي التجاري العالمي الجهة المنظمة للمعرض، يعلن حينها «عن زيادة بنسبة 51 في المئة في مساحة المعرض، وبعرض يزيد على 123 قاربا في مياه البحر. وأكثر من 100 زورق على اليابسة».

وبعد ذلك بعام وفي دورة 2007، تؤكد 80 في المئة من الشركات المشاركة في دورة 2006 مشاركتها في دورة العام 2007، ويطلب العديد منها أجنحة أكبر للعرض، الأمر الذي جعل المدير العام للمعارض في مركز دبي التجاري العالمي «تريكسي لو» يذهب إلى القول بأن «العديد من الزوار اعتبروا دورة هذا العام علامة فارقة في تاريخ المعرض، بحيث استطاع تحقيق قفزة كبيرة من حيث مكانته الدولية ونوعية زواره». وفي هذه الدورة تناقلت وسائل الإعلام ، كأحد أدلة ازدهار صناعة معرض دبي العالمي للقوارب خبر «مشاركة يخت يصل ثمنه إلى 60 مليون دولار استخدمت في صناعته مواد من بينها العقيق».

هذه النبرة التفاؤلية التي سادت التصريحات الرسمية عن المعرض نلمس تراجعها النسبي عندما يتعلق الأمر بدورة 2009 الحالية. فها هو، الرئيس التنفيذي لمركز دبي التجاري العالمي، الجهة المنظمة للمعرض، هلال سعيد المري، يمهد للتراجع الدبوي بالحديث عن أزمة قطاع القوارب، الذي، حسب قوله «شهد تأثرا واضحا وكبيرا عالميا، وإذا نظرنا إلى المعارض الأميركية والأوروبية على سبيل المثال، فإننا نجد أن الانخفاض فيه تقريبا وصل إلى ما بين 30 إلى 40 في المئة».

وعلى رغم أن المري ينفي تأثر معرض دبي لكونه لم يعانِ من أي «انخفاض جراء الأزمة» وبأنه على «العكس، من ذلك، شهد نموا». لكن هذا النمو الذي تحدث عنه المري لم يتجاوز «زيادة نسبتها 20 في المئة في أعداد الشركات المشاركة، بالإضافة إلى عرض أكثر من 400 من اليخوت، أما من ناحية الجهات الدولية، فقد بلغت نسبة الزيادة حوالي 25 في المئة». وهي نسبة ضئيلة عند مقارنتها بنمو السنوات الثلاث الماضية، بل وحتى مقارنتها مع توقعات دبي من إقامة المعرض.

ولعل المدير التنفيذي لنادي دبي الدولي للرياضات البحرية، سعيد حارب، كان أكثر واقعية ووضوحا من المري، حيث نجده يربط بين واقع دبي والأزمة العالمية قائلا: «الأزمة الاقتصادية هي جزء لا يتجزأ من واقعنا، ونحن جزء من هذا الواقع، ولكن هذا لا يعني أن نتباكى ونقف مكتوفي الأيدي».

رسالة واضحة يبعثها معرض دبي للقوارب، الذي سرت بعض الشائعات أن لم يتم بيع أي قارب فيه، تحذر مما ينبغي أن يتوقعه، ليس دبي وحدها، وإنما دول الخليج دون أي استثناء، التي لن تجني أية فائدة من استمرار دفن رؤوسها في الرمال، وتجاهل الأزمة. فهي إن كانت اليوم، وعلى نحو مبكر تهب على دبي، فهذا لا يعني أن دبي ستكون الضحية الوحيدة، بل لربما تكون دبي، ونظرا لعلاقاتها الدولية الوثيقة، وسمعتها المالية المتينة، أقل المتضررين، وأكثهم سرعة في التشافي.

وإن كان ما أصاب دبي، نظرا لما يصفه المدير الإقليمي لمؤتمرات يورو موني «EuroMoney» ريتشارد بأنك قد جاء «نتيجة لأنها ليست ذات اقتصاد واقعي»، فإن الآخرين ستكون مصيبتهم أعظم لأن اقتصادهم من الهشاشة بمكان بحيث لا يستطيع أن يصمد أمام أية أزمة من مستوى ونوع تلك التي تواجهها دبي اليوم.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2377 - الإثنين 09 مارس 2009م الموافق 12 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً