يروي رجل أعمال أن لديه ثلاثة موظفين يعملون في مجال المبيعات من ثلاث جنسيات مختلفة، الإنجليزي يحصل على ضعف ما يحصل عليه البحريني، والبحريني يحصل على ضعف ما يحصل عليه الهندي، مع أنهم الثلاثة في الرتبة ذاتها، ومكاتبهم متلاصقة ومتجاورة... إذن، لماذا هذه الفجوات في الرواتب؟ يقول رجل الأعمال نفسه، إنه لم يقم بذلك اعتباطاً أو عنصرية، بل لأن سوق العمل في البحرين - وكذلك في دول الخليج العربية حين يذهبون للتسويق - يفضلون الإنجليزي ويثقون به، وبالتالي يحصل على أفضل الصفقات، وإذا ما قيس البحريني بالهندي، فبعض الجهات المحلية والخليجية تتصل به وتقول له: «لا ترسل هذا الهندي مرة أخرى»، لا من عيب فيه، بل لأنها تفضل التعامل مع البحريني - على الأقل - ولو كان الإنجليزي مكانه لكان الأمر أفضل. رجل الأعمال هذا يقول، انه لا يستطيع أن منح الثلاثة الراتب نفسه «إنني لا أستطيع أن أغير واقع السوق ونظرته».
لا يبتعد ما قاله رجل الأعمال هذا عما يحدث يومياً، فلقد تذكرته، عندما كنا في ورشة العمل يوم الاثنين الماضي لنتعرف على مشروع إصلاح السوق بوصفنا مجموعة من الإعلاميين، فعندما تحدث الشريك الإداري في مؤسسة ماكنزي، كيتو دي بور، كان الحضور وكأن على رؤوسهم الطير، صمت مطبق، وإنصات وتركيز، وما أن ترك بوير المجال للشرح والاستفاضة لمدير إدارة التوظيف في وزارة العمل والشئون الاجتماعية أسامة العبسي، حتى سادت الهمهمات، وعلت أصوات الهواتف، وترك الكثيرون مقاعدهم للتدخين وتبادل الأحاديث خارج الصالة.
في الاستراحة تلقى العبسي سيلاً من التقريض والمديح على تمكنه وطريقته المشوقة في العرض، ولكن المفارقة في التعامل مع الاثنين، تبين أن «زمّار الحي لا يطرب»، وأن العقليات العامة، هي التي تحتاج لإصلاح أولاً لتتقبل المواطن الجيد وتثق به وتعتمد عليه، حتى ينجح ويؤسس درب من سيأتون بعده
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 750 - الجمعة 24 سبتمبر 2004م الموافق 09 شعبان 1425هـ