في أجواء لم تتعود عليها البحرين من قبل، دشن سمو ولي العهد الحوار الوطني عن «إصلاح سوق العمل» بهدف السيطرة على مشكلة البطالة قبل أن تستفحل وتنفجر خلال السنوات العشر المقبلة.
يوم الخميس 23 سبتمبر/ أيلول 2004 سيبقى شاهداً على أن القيادة السياسية الناجحة هي التي تواجه المشكلة بكل وضوح ومن دون لف أو دوران، وهي التي تعترف بالمشكلة كلها، وهي التي تشرك مختلف الأطراف في مناقشة الحلول.
سيشهد التاريخ أن أحد أركان القيادة السياسية أشرف على ندوة طرح فيها أكثر ما يطرح في ندوات تنظمها المعارضة. بدأت الورشة بكلمة لولي العهد يقول فيها إنه لا يرضيه وجود عاطل عن العمل من بين كل ثمانية مواطنين بحرينيين، وانه يشعر بعدم الرضا بأن مستوى الأجور تدنى ومازال يتدنى، وانه ليس سعيداً بالنموذج الاقتصادي الحالي الذي يقضي على طموح المواطنين الذين اصبحوا منسيين ولا دور لهم في المعادلة الحالية. كما قال انه لا يود السماع ان هناك مشكلة، وانما يجب ان يكون الحديث عن طرق حل المشكلة، وان يكون الجميع صريحاً ومشاركاً برأيه وجهوده من أجل الدخول في مستقبل أفضل بكثير مما تقوله الأرقام الحالية التي تتوقع ان يظهر لنا جيش من العاطلين حجمه ستون إلى سبعون ألف مواطن في العام 2013، إذا لم تتم معالجة الأمور.
ثم كانت المفاجأة الثانية وهي عرض فيلم من جزءين، ظهر فيهما المعلق التلفزيوني الدولي رضوان خان، الذي دخل مناطق ومنازل الفقراء في كرانة والرفاع والمالكية وتحدث مع عدد من العوائل والشباب... من يشاهد الفيلمين لا يصدق أن أحد أركان الدولة يقف خلفهما، بل يعتقد أن إحدى جهات المعارضة هي التي أعدّتهما لأنهما يتحدثان بصراحة عن آلام الناس وضياع أحلامهم.
توزع المشاركون على 16 طاولة، كل طاولة احتوت ممثلين عن مجلس الوزراء، أصحاب الأعمال، البرلمان، النقابات أو الجمعيات الأهلية أو السياسية، المفكرين والاختصاصيين، واحدى الطاولات شارك فيها ولي العهد نفسه وبجانبه وزير العمل السعودي غازي القصيبي، إذ جلسا طوال اليوم يستمعان ويتحدثان مع الآخرين، شأنهما شأن بقية المشاركين.
وبعد المداولات كانت الفرصة للحديث مع ثلاثة من المستشارين الدوليين الذين استعان بهم مجلس التنمية الاقتصادية وهم استاذ علوم الإدارة في جامعة بنسلفانيا بيتر كابالي، كبير الاقتصاديين في ملتقى الاقتصاد العالمي أغستو لوباز كلاروس، ومدير مؤسسة ماكينزي في ألمانيا كلاوس بينكرت.
الأسئلة المكتوبة والشفهية التي وصلت الى طاولة الحوار كثيرة وجريئة، جاء ضمنها: هل ان الأرقام صحيحة؟ ما هي احتمالات الفشل؟ هل هناك خطة احتياطية لو فشلت الحلول؟ هل هناك إرادة ودعم من الحكومة لدعم حزمة السياسات؟ هل سيقف التجار امام هذه الحلول أم سيساندونها مع ضمانات بذلك؟ وأسئلة عدة اخرى جميعها كتبت وسجلت وسلمت الى ديوان ولي العهد ومجلس التنمية الاقتصادية وتمت الاجابة على عدد منها على رغم حساسيتها.
المشروع أمامنا، والجميع مسئول عن المشاركة برأيه، سواء بالتأييد أو التحفظ، إذ لا يمكن المضي من دون إرادة سياسية من أعلى الهرم، ومساندة الحكومة ودعم أصحاب الأعمال والنقابات، والأهم من ذلك مشاركة الشارع السياسي والجمعيات السياسية صاحبة الثقل الأكبر
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 750 - الجمعة 24 سبتمبر 2004م الموافق 09 شعبان 1425هـ