أربعة عشر عاما من الحرب الأهلية المفصلة على مقاس افريقي مرت على الصومال وأتت على الوطن والشعب ولم تخلف سوى الخراب والدمار وشيء من النسيان، لأن العالم مشغول بقضية أشد تعقيدا من المسألة الصومالية وهي «مكافحة الإرهاب». حال لم يشهد لها التاريخ الحديث شبيها، وقف عندها العالم عاجزا عن تقديم حل سحري لمصالحة الاخوة الأعداء.
فمنذ نهاية حكم سياد بري وخروجه من مقديشو في 26 يناير/ كانون الثاني 1991 تآكلت أجهزة الأمن الصومالية وتوقفت جميع مرافقها ومؤسساتها العامة، وغادرها الدبلوماسيون والأجانب في حال ذعر، مخلفين وراءهم موجة من النهب والتدمير المدبر لم تألفها بلاد من قبل وحالاً من الفوضى السياسية تم توزيع أوراقها على أسس قبلية صرفة.
أنا شخصيا لم أكن أعرف عن الصومال سوى المجاعة التاريخية التي أتت على ما خلفته الفوضى. ففوجئت وبعد مرور هذه السنوات بأن الصومال انتخب الأسبوع الماضي فقط رئيسا للبرلمان كبداية لانتهاء تلك الحرب الأهلية. شككت في خريطة العالم التي مازلت أتذكرها، فعدت للأطلس لأحدد موقع ذلك البلد الجغرافي، فوجدته عربيا، وعضوا في الجامعة العربية! عندها عدت أدراجي لأستجمع أخبار الصومال ومن كان يسعى على مدى السنوات الماضية لحل هذه الأزمة، ولأراجع أيضا ملفات جدول أعمال الجامعة والقمم العربية على مدى السنوات الماضية، فلم أجد للصومال عربيا ولو جزءا يسيرا من ملفات المناقشة أو التي يسعى لحلها، وإنما وجدت أيدياً أجنبية حملتها مطامع داخلية للسيطرة على بلد عربي آخر.
كظمت غيظي وسألت نفسي ألسنا عرباً؟ فلم تركنا أخا شقيقا ليكون فريسة لمطامع الأجنبي، ونسينا كوننا نشترك في جسد واحد، إذا اشتكى منا عضو تداعت له سائر الأعضاء لحل قضيته
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 748 - الأربعاء 22 سبتمبر 2004م الموافق 07 شعبان 1425هـ