الحديث عن وجود منهجين لدى المعارضة في التعاطي مع الجماهير سببه الإحساس بوجود خطر محدق يهدد كيانها بسبب سوء أداء المعارضين، وقدرة الحكومة على استثمار الفرص لمنعها من تحقيق مطالبها. وإذا يئس البعض من المعارضة نتيجة تيئيسها له، فهناك من يرى ضرورة تحذيرها من تجاهل الانتقادات عن أدائها السياسي قبل أن يقع المحذور. ولفرز المنهجين، المنهج الذي يتعاطى مع الجمهور وقت الحاجة، والذي ينطلق منه في قراراته المصيرية، يمكن رصد علاقة استثنائية بين رئيس جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان ورئيس جمعية العمل الديمقراطي عبدالرحمن النعيمي، بوصفها تجلياً صارخاً لجدلية التكتيكات البينية في قبال حركة الجماهير، والمصداق الأوضح للمنهج الأول. النعيمي وسلمان كانت لهما علاقة متميزة في المنفى ضمن دائرة التكتيك البيني، وهذا جزء من إشكالية هذا المنهج، لأنه يحصر العمل السياسي في دائرة العلاقات الشخصية. ومع مراعاة ظروف المنفى، وكون الارتباط بالمؤسسات السياسية والحقوقية من صلب عمل قيادات الخارج، فالظرف اختلف مع قدومهم إلى البحرين، إذ العمل الشعبي متجذر ومؤسس له من قبل أصحاب المبادرة. أخطر ما في التكتيك البيني بين الاثنين تحركه كعلاقة شخصية، وتشكيله بعداً رمزياً طاغياً ومهيمناً على استحقاقات العمل السياسي كله، وإقصاؤه للكثير من القيادات النوعية في المحطات الفاصلة، والأخطر منه حصره في ثنائية جمعيتي «العمل» و«الوفاق»، من كون الأولى نخبوية، والثانية جماهيرية، إلاّ أنه مكَّنَ الأولى تنظيمياً وسياسياً، وأضعف الثانية في المستويين ذاتهما، نتيجة تساوي الجمعيتين في الثقل السياسي في ظل غياب الاستحقاق الشعبي، وتباين الحاجات بين نخبة «العمل» المتمكنة تنظيمياً واقتصادياً، وجمهور الوفاق المحروم بشتى أنواع الحرمان. وللأمانة التاريخية: لو أن جمهور «الوفاق» ذاته جمهور «العمل» (الجبهة الشعبية) أيام السبعينات، لما ارتضت هذه القسمة المجحفة، ولو تمكّنت «العمل» من الجمهور حالياً، لانتهجت بشكل تلقائي المنهج الثاني
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 748 - الأربعاء 22 سبتمبر 2004م الموافق 07 شعبان 1425هـ