روجت الحكومة لمشروعات معارضة عدة، لعل أبرزها حضوراً في الأذهان، الندوة التي نظمتها الجمعيات الأربع في نادي العروبة، لإعلان موقفها المقاطع للانتخابات النيابية، حينها حاولت الحكومة منع انعقاد الندوة، فتعاطف الناس مع المقاطعين، وحضروا بالآلاف (طبعاً ليس 70 ألفاً كما أعلن المنظمون). وكذلك المؤتمر الدستوري، إذ منعت الحكومة عرباً وأجانب من دخوله فوجهت الأنظار إليه، وتناقلت أخباره وكالات الأنباء.
في هذه المرة المسألة تتكرر وإن كانت بصورة أخرى. إذ أخطرت وزارة العمل والشئون الاجتماعية مركز حقوق الإنسان بضرورة الالتزام بقانون الاجتماعات في الندوة التي سينظمها الجمعة المقبل عن الفقر، كما حظته على الالتزام بقانون الصحافة والمطبوعات، أي ألا يوزع تقريره على الناس كما فعل في ندوة التمييز المثيرة للجدل، من دون أخذ ترخيص، ربما لن يحصل عليه من وزارة الإعلام. ويمكن للحكومة، لو أرادت، أن تبعث للمركز بعشرات المواد القانونية التي تمنعه من الحديث.
قلق الحكومة ينطلق من الضجة التي فجرها مركز حقوق الإنسان، حين دشن تقريره عن «التمييز» قبل أشهر عدة، وعلى رغم اختلاف الكثيرين مع المركز في أسلوب الطرح، فإن التمييز فعل واقع. في هذه المرة، لا يوجد ما يجعل السلطات تثير كل هذا الجدل، ولا يعتقد أن المركز سيركز على فئة دون أخرى، فهو سيتحدث عن الفقر في البحرين، بغض النظر عن لون الفقراء وطائفتهم وعرقهم ومناطق سكناهم. ربما كان الأجدى أن تبعث وزارة العمل بمندوبها إلى الندوة، وتؤيد وجود الفقر (النسبي)، وأنها ليست غافلة عن الموضوع، وتقدم المساعدات بالملايين إلى الأسر المحتاجة، حتى وإن قيل أنها تقدمها من دون رؤية واضحة، أو تنسيق مع الصناديق والجمعيات الخيرية والإسلامية.
أظن أن مركز حقوق الإنسان سيشكر الحكومة على ما قامت به، وهو ربما يأمل منها تحركات سلبية ضده، لعل ذلك يزيد من حجم الناس التي ستهتم بموضوع، هو أصلا محل اهتمامها
العدد 747 - الثلثاء 21 سبتمبر 2004م الموافق 06 شعبان 1425هـ