العدد 747 - الثلثاء 21 سبتمبر 2004م الموافق 06 شعبان 1425هـ

هوس يختبئ في جلباب عدم الرضا... فينشر حمّى المركّبات الدوائية والوعود الدعائية

برزت في السنوات الأخيرة الحملات الدعائية بشكل ملفت بشأن المركبات الدوائية التي تستخدم لحل مشكلات صحية مختلفة. منها ما يقدم الحل لمشكلة زيادة الوزن أو قلته، ومنها ما تخصص لتكبير بعض أعضاء الجسم، ومنها ما ذهب إلى حل المشكلات الجنسية.

بلاشك ان النظرة الاجتماعية لاستخدام هذه المركبات تغيرت واتخذت شكلاً أكثر جرأة بالتحدث عن مشكلات لم يكن الحديث عنها متاحاً في الماضي كما هو الآن، ما عزز الدافع الإعلامي الذي قدم نجاحاً مبكراً لانتشار هذه المركبات، وهذا ربما يعكس حالاً من الهوس لدى البعض للإقبال على استخدام هذه المركبات التي تجاوز الحاجة الفعلية لحل مشكلة صحية ما.

لكن في المقابل، ألا تقدم هذه المركبات حلاً يبدو سريعاً لمشكلة قد تحتاج إلى فترة زمنية طويلة فيما لو اعتمد الفرد لحلها أسلوباً آخراً للتعامل معها؟ ألم تنتشر هذه المركبات في دول متقدمة بين أناس لا يرغبون في الخضوع للجراحات التجميلية لحل مشكلة تتعلق بمظهرهم؟ والأهم، هل تخضع هذه المركبات للرقابة الصحية وهل جرى اعتمادها من قبل الجهات الصحية الرسمية قبل عرضها على الجمهور؟

تقول الصيدلانية أولى في إدارة الصيدلة ومراقبة الأدوية بوزارة الصحة سحر القحطاني: «ان الادارة - بصفتها الجهاز الإداري الوحيد المخول السماح بإدخال أي دواء إلى الأسواق البحرينية - تمارس دورها الرقابي تبعاً للمرسوم الأميري الصادر في العام 1997 وهو قانون مزاولة الصيدلة. هذا القانون بدوره يخضع جميع الأدوية والمركبات الصحية للفحص والمعاينة كي يتم اعتمادها وتسجيلها لدينا والسماح ببيعها للجمهور».

وتضيف القحطاني «الأدوية هي التي تباع في الصيدليات كما هو متعارف عليه، اما المركبات الصحية فهي التي تباع في المؤسسات التجارية والتي تدخل في تصنيعها الاعشاب وبعض المواد الطبيعية، ومنها ما يستخدم لتخفيف الوزن وعلاج بعض المشكلات الصحية، هذه المؤسسات التجارية لا يسمح لها ببيع أية مركبات صحية قبل حصولها على تراخيص من جهتنا والتقييد بإخضاع أي منتج صحي تقوم باستيراده للمعاينة من قبلنا للحصول على اذن ببيعه في الأسواق البحرينية».

وتقول: «نخضع أي دواء أو مركب دوائي للفحص والمعاينة ولا يتم إصدار أية تراخيص لبيع أي دواء الا في حال وجود وكيل معتمد لاستيراد هذا الدواء أو مؤسسة تجارية معتمدة لدينا في حال المركب الدوائي».

وتستدرك القحطاني بالقول: «على رغم الدور الرقابي الذي نمارسه، فاننا لا نستطيع أن نضمن خلو الأسواق بنسبة 100 في المئة من أي دواء أو مركب دوائي قد يتم ادخاله وبيعه بطرق غير قانونية، وهذا الأمر قد يحدث في أية دولة في العالم».

مقاييس الدواء

وبشأن المقاييس التي يتم اعتمادها في عملية معاينة أي دواء أو مركب دوائي تقول القحطاني: «إن هناك شروطاً لتسجيل الأدوية والمركبات الدوائية يتم التقيد بها قبل عملية التسجيل، منها أن تكون الجهة المنتجة شركة معتمدة تمارس الصناعة الدوائية بشكل جيد ويجب أن تكون مسجلة لدينا في البحرين من خلال وكيل لها معتمد في المملكة. في حال وجود هذا الوكيل يتم تسجيل منتجاتها لدى الإدارة».

وتضيف «قبول عملية التسجيل يتطلب أن يكون الدواء أو المستحضر خضع للاختبارات السريرية ويتم تمريره على مختبر الرقابة الدوائية لكي يخضع للتحليل للتأكد من استيفائه الشروط المطلوبة بشكل كامل قبل أن يتم تسجيله».

وتزيد «في حال المركبات الدوائية، نحرص - أثناء عملية التحليل - على أن يكون المركب خالياً من أية هرمونات أو (الكورتيزون) أو أية مواد قد تسبب مخاطر صحية على المدى البعيد. هناك أيضاً معاينة للفترة الزمنية التي تم استخدم فيها المركب قبل أن يسمح ببيعه للجمهور».

وعما إذا كانت هناك بعض الحالات التي واجهتها إدارة الرقابة واستوجبت إعادة النظر في عملية تراخيصها، تقول القحطاني: «إن التعامل مع تراخيص الأدوية يبدو أكثر أمناً وذلك لخضوعها لمنظمة الصحة العالمية (دبليو اتش او) التي نحصل منها على جميع القوانين الصحية، باعتبارها جهة من الجهات المختصة في سن القوانين المتعلقة بالأدوية، وكذلك المنظمات الصحية الدولية الأخرى التي لدينا اتصالات دائمة معها. اما بالنسبة إلى المركبات الصحية فهناك حاجة إلى المتابعة والرقابة الدائمة وخصوصاً ان هناك أشخاصاً يقومون بإدخال بعض المركبات الدوائية التي يتم شراؤها عن طريق الشبكة الإلكترونية وهذه في العادة تكون كميات صغيرة قد لا يتسنى للجهات المختصة في المنافذ الحدودية العثور عليها وتحويلها إلينا لكي يتم إخضاعها للفحوصات».

وتزيد «في حال وصول أي طرد يحتوي على أي نوع من الأدوية أو المركبات الدوائية نقوم باستدعاء صاحب الطرد ونقوم بفتحه لكي نتأكد من ان هذا الدواء مسموح بدخوله إلى المملكة ولا يترتب على استخدامه أية مضاعفات صحية مع وجود وصفه طبية معتمدة تؤكد حاجته الشخصية إلى استخدام هذا الدواء. هذا بالنسبة إلى الاستخدام الشخصي، أما إذا كان جلب هذه الكمية بغرض الاتجار فلا يتم تسليمه الطرد». وترى القحطاني ان عملية الوعي لدى الجمهور تؤدي دوراً كبيراً في تدعيم الدور الرقابي الذي تمارسه وزارة الصحة، والتقليل من حدوث أية مشكلات قد تترتب على سوء الاستخدام لأي دواء أو مركب دوائي.

وتقول في هذا الشأن: «يفترض في أي شخص من الجمهور يرغب في شراء أي مركب دوائي أن يتأكد من هذا الدواء مسجل لدى وزارة الصحة ومصرح بيعه للناس. الوعي لدى الناس بدأ يتزايد في السنوات الأخيرة مما كان عليه الوضع قبل أعوام. الناس بدأت تخشى استخدام أي دواء من دون التأكد من جوانب استخدامه أو التأثيرات الجانبية التي قد تترتب على استخدامه، لم يكن هذا الأمر موجوداً في الماضي».

وتضيف «هناك أناس قد يجازفون ويستخدمون بعض المركبات الدوائية رغبة منهم في الحصول على نتائج مرضية بالنسبة إلى مشكلة ما، لكن في الوقت نفسه هناك أناس يحرصون على الاتصال بنا وأخذ المعلومات الوافية عن بعض الأدوية أو المركبات الدوائية المتوافرة في الأسواق قبل شرائها، وهذا يعكس حال الوعي لدى الجمهور». وترى القحطاني ان الدور الإعلامي مهم جداً لنشر ثقافة استخدام الأدوية أو المركبات الدوائية مشيرة إلى أن هناك تعاوناً دائماً بين وزارة الصحة ووسائل الإعلام المختلفة بغرض التثقيف وتؤكد ان الدور الإعلامي مهم لزيادة الوعي لدى الناس بشأن المركبات الدوائية.

لكن القحطاني ترى ان الإعلام والحملات الدعائية للأدوية والمنتجات الجديدة قد يكون لها تأثير آخر ضار.

تقول في هذا الصدد: «الانسياق وراء الدعاية بشأن دواء ما من دون وجود أي سند صحي، يزيد من فرص حدوث سوء الاستخدام لأي عقار أو مركب دوائي قد لا يقدم النتائج المرجوة، بل يخلق مشكلات لدى المستخدم لم تكن موجودة أصلاً قبل استخدامه للدواء».

العامل النفسي

وترى القحطاني أن النساء اكثر عرضة من الرجال للانجراف وراء المركبات الدوائية، وخصوصاً إذا تعلق الأمر بتحسين المظهر الخارجي لديهن.

تقول: «تبدو النساء أكثر اقبالاً من الرجال على استخدام المركبات الدوائية بغية الحصول على مظهر خارجي أفضل وخصوصا إذا تعلق الأمر بتخفيف الوزن أو شد الوجه أو تحسين مظهر منطقة ما في الجسم. هذا الامر يعكس الحال النفسي لدى سيدة ما بأن تكون في مظهر أفضل مما هي عليه، لكن اعتقد ان الوعي والتثقيف لدى عامة الناس يستطيعان التحكم بشكل أفضل في إقبال النساء أو الرجال على شراء مركب دوائي ما دون التأكد بشكل وافي من سلامة استخدامه».

الحلول المتاحة

ومنذ سنوات، ومؤسسات تتزايد تأخذ على عاتقها منح الحلول من خلال مركباتها الموصوفة، ومنها مؤسسة «خيبر» المتخصصة في بيع المركبات الدوائية الجديدة وخصوصاً تلك التي تعنى بالتجميل، إذ يقول صاحبها عبدالكريم الشمروخ، المستهلك البحريني أصبح يثق اكثر في المركبات الدوائية التي تطرح في الأسواق نتيجة للوعي الكامل لديه بأنها قد خضعت للرقابة الصحية.

ويشير الشمروخ إلى أن البحث عن حل لمشكلة صحية ما أصبح أمراً متاحاً أكثر بفعل تزايد الوعي وانتشار الفضائيات على رغم ان الحرج مازال موجوداً لدى البعض.

يقول الشمروخ: «جميع المركبات الصحية التي نقوم ببيعها تخضع للفحص والمعاينة من قبل وزارة الصحة قبل السماح ببيعها للجمهور العام. هذا الاشراف أوجد حالاً من الطمأنينة لدى المستهلك البحريني قبل الاقدام على شراء اي منها».

وفيما إذا كان تغيير النظرة الاجتماعية بشأن طرق التعامل مع مشكلة صحية ما يخلق اقبالاً لدى الناس على شراء المركبات الدوائية يقول الشمروخ: «اعتقد ان الحرج مازال موجوداً إذا كان الأمر يتعلق بمشكلة الضعف الجنسي على وجه الخصوص. كثير من الناس يأتون للمؤسسة ويصرون على إبراز عبارة انهم بحاجة لهذا المركب لغرض إعطائة لشقيق أو صديق، كثير من الناس لا يودون القول انهم هم أصحاب المشكلة، وهذا ناتج عن الشعور بالحرج، وخصوصاً اننا في مجتمع يتحفظ بالحديث عن هذه المشكلات».

ويضيف «لقد تبدلت النظرة الاجتماعية ومقاييس الجمال عند الناس، وتبعا لذلك أصبحت هناك رغبة لديهم في الظهور بمظهر أفضل مما هم عليه. هذا يعود إلى انتشار وسائل الإعلام والمجلات والفضائيات. كثير من الناس أصبحوا يحلمون بمظهر شبيه بمظهر من يشاهدوهم على شاشة التلفاز».

الإقبال

يقول الشمروخ إن الاقبال على المركبات الدوائية لا ينحصر على النساء فقط أو الرجال فقط، بل بحسب المركب الدوائي والمشكلة التي يقدم لها حل. «بل أصبحت هناك معرفة كبيرة بأسماء المنتجات والبلاد المنتجة لها، لذلك نجد الإقبال عليها تبعاً لاسم الشركة المنتجة التي تصنعها».

ومن وجهة نظر الباحث الاجتماعي عبدالله حداد، فإن أجيال اليوم تبدو اقرب لأن تكون «صنعة إعلامية» تحوي أزمة اجتماعية.

يقول حداد: «لم يعد الإنسان في عالم اليوم - وخصوصاً في الدول المتأخرة التي تخلو من الخطط الاقتصادية والاجتماعية - قادراً على صنع شخصيته ومتحكماً في نضوجه واختياراته وتوجهاته وتطلعاته واتجاهات سلوكه الاجتماعي كما كان من قبل».

ويضيف «بعد أن استطاعت الشركات الصناعية - وبالتعاون مع شركات التسويق والدعاية والإعلان العالمية أن تنتج وتوصل كل الاحتياجات المعيشية إلى السوق المحلية من دون عناء - راحت تفكر في خلق توجهات ورغبات ودوافع استهلاكية مختلقة كي تضمن استهلاك ما تنتجه الآلة الصناعية الرأسمالية، ما جعل لشركات الإعلان دوراً متعاظماً. أصبح الإعلان عالمياً أحياناً يوازي أكثر من نصف كلفة السلعة لما له من دور في زرع الميول والدوافع الاستهلاكية، فصار الإنسان على الأرض برمتها مستهلك موجه ومختلق يلبي احتياجات خلقها الإعلان (المشوق) أكثر منها احتياجات ضرورية».

ويرى حداد انه لما كان المستهلك غير الثري يلجأ إلى السوق لتلبية وإشباع احتياجاته الضرورية الواضحة ويبتعد قدر الإمكان عن السلع الكمالية التي قد ترهق موازنته وكان بحق يجسد مقولة الرأسمالية «المستهلك إنسان رشيد»، صار يفكر أولاً ثم يحدد ما هي السلعة الضرورية وما هي السلعة الكمالية بعد أن ضاق الفارق بينهما نتيجة لتطور مستواه المعيشي الذي أدى إلى تزايد احتياجاته. فلما كانت السيارة وجهاز التلفزيون والكمبيوتر سلعا كمالية أصبحت من أولويات الحياة وفي أعلى قائمة الاحتياج».

لكن حداد يرى في الاتجاه المتزايد نحو الاستهلاك تحت تأثير الحملات الإعلانية اتجاهاً خطيراً.

يقول: «نشهد صرعة خطيرة في هذه الدوافع بحيث تعدت الاحتياجات الضرورية والكمالية التقليدية الموضوعية (السلع المفصولة عن جسد الإنسان وتلبي حياة نوعية عالية الجودة معيشياً) فصارت تتوجه لاحتياجات ذاتية شخصية لصيقة كالرغبة في تحسين شكل جسم الإنسان وقدراته الطبيعية».

كلنا أطباء أنفسنا

ويضيف «فبعد أن كانت تلك المتطلبات من اختصاص طبيب التجميل يحددها بناءً على تشوه خلقي أو حادث حريق أو اصطدام أو أن الفرد يعمل بواسطة الرياضة وكمال الأجسام لتحسين مظهره الخارجي أو لإثبات قدراته وتفوقه الجسماني، صار ذلك الفرد يلجأ اليها بأقصر الطرق وبقرار ذاتي خاص وبواسطة أقراص من الصيدليات ومحلات العطورات وتجميل الجسم غير واع أو آبه لمخاطر ذلك التعاطي ومن دون أن يكون للجهات المسئولة دور في توعيته».

وعن اسباب هذا التحول، يقول حداد إن تعرض الشباب لجرعات إعلانية موجهة ومدروسة ومركزة من قبل الشركات الإعلانية بقصد خلق ميول ودوافع من هذا النوع للتوجه إلى محلات البيع للحصول على السلعة أو الخدمة التي يوفرها وكلاؤهم، من شأنها أن تؤمن تحقيق هذا الإنسان (السوبر الذي لا يوجد الا في الأفلام) أو تدعي القدرة على تحقيقه كتلك الفتاة الجميلة ذات القوام الرشيق وصدرها النموذجي وعيونها الواسعتين وانفها النحيل ذات التقوس الجمالي القياسي وخصرها النحيف وبطنها المشدود الخالي من الشحوم. أو تلك القدرة الجنسية الخارقة التي يحلم بها الرجال مع أن كثير منهم ليسوا في حاجة إليها».

ويرى حداد ان هذه الصرعات التي صار الشباب يتوجهون إليها عن طريق عمليات التجميل أو بأقراص خاصة كالفياغرا وفصائلها والتي تباع في الصيدليات أو المحلات العناية بالجسم، إنما جاءت بسبب الجرعات الإعلانية المتزايدة التي تأخذ شكل فاصل إعلاني أو برنامج توثيقي متكامل كبرنامج سوان (The swan) مثلاً بهدف خلق دوافع استهلاكية لهذه السلع والخدمات (التي هي في حقيقتها ليست ضرورية الا لفئة محدودة وبإرشاد طبي) أو بهدف شد المشاهد لقنوات معينة من أجل ازدياد قيمة الإعلان فيما بعد لخلق تلك الدوافع المستجدة».

وبحسب حداد، فإن تلك الميول والصرعات الجديدة والخطيرة إنما تعبر عن قدرة وإبداع الصنعة الإعلامية في عصرنا الحاضر والتي صار يوجهها بجرعات متزايدة بتخطيط وتوجيه من الشركات المصنعة كي تضمن إقبال المستهلك إليها. ويضيف «هذه مسألة منطقية لا نستطيع الحد منها، لكنها تعكس أزمة اجتماعية حادة في حياة الشباب ناتجة من الفراغ الذي يعيشونه بسبب غياب البرامج الكفيلة بتأطير طاقات الشباب التي ينبغي الالتفات إليها لما لها من أهمية قصوى، قبل أن تستشري وتزيد فتسبب حالات اكتئاب وانتحار عند عدم القدرة على اشباع تلك الميول أو لشح المال أو للضرر الجانبي الذي يخلفه ذلك النمط الاستهلاكي».

أسارى وما هم بأسارى

ويرى حداد ان هذه الميول الاستهلاكية - تحت تأثير الدعايات - تكشف من جانب عن قضاء الشاب والفتاة لجزء كبير من الوقت أمام التلفزيون، فيكونون أسارى تلك الإعلانات. وتكشف من جانب آخر عن نضوب البرامج التي يمكن أن تستفيد منها هذه الفئة الشبابية كي تحسن من أدائها العلمي وتفجر من طاقاتها وهواياتها التي تعود على الوطن بالفائدة، وتكشف أخيراً تقاعساً أو عدم اهتمام بالتخطيط للبرامج الاجتماعية التي تحفز الشباب - بقسميه - في الانغماس في الرياضة والقراءة وممارسة الهوايات الموسيقية والفنون التشكيلية وضعفاً خطيراً في البرامج التلفزيونية الهادفة التي تجذب المواطن لمتابعة ما يجري في بلده من خلال جهازه الاعلامي إذاعة وتلفزيون، ومؤسساته المعنية».

يتوقف الباحث حداد ليتساءل: «هل نحن ضد التطور وتحسين الإنسان عن طريق عمليات التجميل؟ هل نقف معارضين متزمتين لمجرد توافر إمكانات تجميلية يمكن أن تحسن من شكل إنسان ما يشعر بقلق وأزمة نفسية فتحيله تلك التغيرات إلى إنسان سعيد مقبل على الحياة؟

ويجيب «لن نقف أمام التقدم الطبي وسيرورة الحياة، إنما الذي يهمنا هو عدم تحول تلك الإمكانات إلى سلعة عامة للمراهقين تحدث أضراراً طبية خطيرة حينما تكون متاحة لهم إلى حد اللعب أو عدم الوعي بالأضرار الطبية والاجتماعية والنفسية التي لم تسلط عليها الأضواء من قبل الجهات المختصة، ولبعدها عن رقابة الأسر التي قد تفوق يوماً بعد حدوث مرض عضال بأبنائها بعد فوات الأوان».

ويضيف: «نحن مع التطور وجودة الحياة، بل نحن في أشد الحاجة إلى مثل هذا الانجاز الذي يمكن أن يعالج حالات نفسية أو عضوية تبعث على السعادة والبهجة في حياة المريض، ولكن عبر آليات معينة وجهات تقررها كطب التجميل مثلاً أو أولياء الأمور وتحت رقابة الدولة والاسرة معا حتى سن معينة. لكي لا تحدث أضراراً جانبية قرأنا الكثير عنها في الصحف والمجلات في أنحاء كثيرة من العالم أدت الى الوفاة في بعض الأحيان».

ويرى حداد ان توجه نسبة كبيرة من الفتيات إلى هذه المحلات بهدف تحسين بعض مقاطع أجسامهم، وتوجه كثير من الشباب في الثلاثينات من العمر فأكثر لأقراص التفوق في القدرة الجنسية، يعكس توجهاً جديداً غير مسبوق في الميول والدوافع أوجدته الشركات التجارية لضمان تسويق منتجاتها أو للإقبال على برامجها الخدمية».

دور الأجهزة

ويؤكد حداد ان على أجهزة الدولة المختلفة أن تؤدي دورها في دراسة الاتجاهات السلوكية المستجدة ومخاطر بعضها بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة لزيادة الوعي المجتمعي بطبيعة ما يحدث من تغير في عقول أفراده، خصوصاً الشباب منهم، وخصوصاً تلك المتعلقة باحتمال حدوث مخاطر صحية تزيد من أعباء الدولة في قضايا الصحة العامة وموازناتها. وأنه لابد أن يعرف الشباب من خلال البرامج الاعلامية الكفؤة الموجهة خطورة هذه الأقراص وحالات الحاجة إليها.

ويضيف «لابد من خلق توجه عام يعزز من احترام الموهوب في شتى مناحي الحياة ويعزز من تقدير واحترام العمل التطوعي والأهلي والسياسي في مؤسسات المجتمع المدني كافة، وهذا من شأنه أن يقضي على آفة الفراغ ومخاطره».

ويختم كلامه بالقول إن وسائل الإعلام المحلية - وفي مقدمتها التلفزيون والإذاعة - ومؤسسة الشباب وبرامج الشئون الاجتماعية تحتاج إلى الكثير من الكفاءة والذوق الرفيع لدفع أفراد المجتمع إلى متابعتها بشغف حتى يمكن للدولة وأجهزتها طرح خطة اجتماعية عامة مدعومة من الشباب تدفع بالتقدم الاجتماعي. لا يتم ذلك الا بالتغيير الشامل لهذا البؤس الإعلامي والبرامج الشبابية الكسيحة التي تخيم على بلدنا العزيز هذه الأيام والتي لم تستطع دفع الشباب لتتبعها والتي يغلب عليها طابع رد الفعل أو العمل غير المدروس

العدد 747 - الثلثاء 21 سبتمبر 2004م الموافق 06 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً