منهجان عند المعارضة لابد من المفاصلة بينهما قبل تكبد خسائر فادحة على المستوى السياسي، لأن الركود والتململ شملاً قطاعات كبيرة من أبناء الشعب من السياسة والسياسيين على رغم ضغط السياسة اليومي عليها.
الأول: يدير العملية السياسية من داخل الغرف المغلقة، ويستخدم ورقة الجماهير حين يحتاجها. أما الثاني: فيؤكد أن حركته وقراراته المصيرية نابعة من الجماهير، وبين هذين المنهجين، تتلبس إشكالية أثارتها بعض الأوساط السياسية أثناء احتدام الجدل بشأن قرار المقاطعة والمشاركة على شكل سؤال: من يقود من؟ الجماهير تقود الرموز؟ أم الرموز تقود الجماهير؟ المنهجان يؤكدان قيادة الرموز للجماهير وليس العكس، لكنهما يختلفان في الآلية، ما يعني أن هذه الإشكالية محض تخيلات سببها غلبة موقف سياسي على آخر، ولا ينفي ذلك ضرورة ترجيح أحد المنهجين، فمن يحرّك قناعاته وقراراته المصيرية عبر الجماهير، لا يرى تركها من دون قائد، وإنما يطالب القادة بالنزول إلى الشارع لقيادته، اعتماداً على المبدأ الفقهي الذي يؤكد أن الفرد مكلف ومحاسب على قناعاته التي اتخذها بناء على تكليفه، ولا يشاركه الحساب من وجهه للفعل الخاطئ أو الصواب، وهذا يؤسس إلى ضرورة تحرك الجماهير بناء على القناعات لا الأوامر، على قاعدة المشاطرة في القرار. خلاف هذا المنهج، منهج يرى استثمار الجماهير وقت الحاجة، عبر بناء حس عسكري قائم على تنفيذ الأوامر، حتى لو ساق الناس إلى الجحيم، وهذا خلاف كرامة الإنسان وكونه مكلفاً ومحاسباً على تكليفه. المنهجان عند المعارضة نابعان من قناعتين، مصدرهما: قيادات الداخل (أصحاب المبادرة)، وهي تتبنى خيار الجماهير، ولهذا أفرزت قيادة تاريخية موحدة، وقيادات الخارج (لندن وسورية) التي اعتادت العمل الحزبي والتكتيكات البينية، وهي تتبنى خيار تحريك الجماهير وقت الحاجة، ويجب أن تفاصل جميع القيادات بلا استثناء بين المنهجين، لأننا فقدنا بوصلة القيادة، وضيعنا الجماهير
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 746 - الإثنين 20 سبتمبر 2004م الموافق 05 شعبان 1425هـ