مشكلتنا كمجتمع شرقي لا نرضى بالهزيمة واذا أخطأنا نجمّل اخطاءنا ونبحث لنا عن ضحية نضع عليها اخطاءنا. دعونا نطرق ابواب الوزارات. بالله عليكم هل رأيتم في يوم من الأيام وزيراً قال: ايها المواطنون اني اعتذر اليكم عن خطأ الوزارة في هذه الخطة او تلك او عن القرار الفلاني او العلاني.
ابداً الوزير العربي لا يخطئ والمسئول العربي لا يمكن ان يقع في خطأ فهو لا يأتيه الباطل لا من تحت رجله ولا من فوقه... ثقافة المراجعة غائبة عن فكر الانظمة وعن فكر المعارضة... إلى اليوم على رغم تغير الاستراتيجيات وتبدل القناعات، فلا نرى هناك احداً قال: انا راجعت نفسي فوجدت نفسي اني خاطئ في هذا القرار او هذا الموقف. الكل متمسك بقاعدة فقهية غير رصينة سياسياً: من اصاب فله اجران ومن اخطأ فله أجر... بهذه القاعدة لو طبقت سياسيا سيكون لهتلر والحجاج وصدام اجور كثيرة، بعبارة اخرى كل واحد منهم سيمشي وهو يجر خلفه عربة من الاجور.
محلياً وعلى مستوى البحرين لم نر يوماً وزيراً اعتذر إلى الناس على خطأ.
وزارة الكهرباء بعد كل ما حدث خرجت لتقول: ملف الكهرباء تم تسييسه. هيئتا التأمينات والتقاعد قالتا في حينها... يجب عدم المبالغة في تصوير الافلاس... فهو مجرد افلاس اكتواري.
الاوقاف الجعفرية في بداية عزها خرجت علينا وبالمانشيت العريض في الصحافة قائلة: «نتحدى ان يكون هناك فلس واحد خرج في غير محله» كلمة لم يقلها حتى أئمة العدل في بداية صدر الإسلام. لو كان بيدي لقمت بتبديل غالبية ادارات العلاقات العامة في الوزارات لان دورها اصبح مقتصراً على عملية حرق البخور.
هذه العقلية من التعاطي لا يمكن ان تبني بلداً... ماليزيا وسنغافورة وصلتا إلى مكان بعيد ونحن مازلنا نخشى ان نضع اصبعنا على الجرح.
قانون الجمعيات يغلق على الجمعيات السياسية رفع الصوت من خارج البلاد لكنه غير مستعد لفتح حوارات ثقافية معتدلة عبر قناته الاعلامية... اسلاك حديد لا ينفذ الواحد منها الا بسلطان.
تحديث الدولة يجب ان يكون بالمصارحة لمعرفة اين يكمن الخلل، ومشكلتنا اننا نسن قانوناً وفي الوقت ذاته نفكر في كيفية اختراقه، مثال على ذلك: الكل يقول ظاهرة الفري فيزا مخربة للبلد، لكن لا احد يفكر في الاقتراب منها مخافة ان تحترق اصابعه فيها لأن القضية يوجد فيها (هوامير). يا جماعة كلنا مواطنون لا يوجد سمك كبير وسمك صغير وسمك للعمل وسمك للزينة. والاشكالية الاكبر هي في تدخل المسئولين في التجارة. قلما تجد وزيراً لا يعمل في التجارة. تحولت بعض وزاراتنا إلى مزارع خاصة، يبدأ المسئول مديراً إلى ان يصبح وزيراً. تفتش عن امبراطوريته المالية واذا به يبيع هوامير، يدخل البحر، يبيع بربير ورويد ونخج، ألماس وذهب... الخ تلك هي مشكلتنا سياسة (التكويش)... النهاية لا يمكن ان نغير من اقتصادنا والقانون تسقط به الطيور الصغيرة وتعصف به الطيور الكبيرة. البحرين لن يكون لها مستقبل الا بالضغط سلمياً لتطبيق القانون على الجميع، اقول ذلك: لاننا سنكون بعد 13 عاما امام ازمة بطالة كبرى قد تعصف بنا جميعا فيجب على التجار والمسئولين والمجتمع، ان يتنازلوا عن بعض امتيازاتهم لتوصيل البلاد إلى المستقبل الآمن حتى لا ينطبق علينا قول الشاعر سعدي الشيرازي:
«اني اخاف ان لا تصل إلى الكعبة ايها الاعرابي
فان الطريق الذي سلكته يفضي بك إلى تركستان»
نخطط الى اقتصاد حر واتفاقات دولية ونحن لم نتجاوز الاقتصاد الريعي.
علماء النفس يقولون: ان الجيل الواحد لا يتحمل اكثر من هزيمة واحدة فلننظر الجيل الحالي في بطالته، في فقره، في تسكعه في الشوارع، في فراغه، في تململه من خطاباتنا الافلاطونية. فهل يتحمل هزائم مستقبلية سياسية او معيشية او اقتصادية؟ نحتاج الى عقلية منفتحة، سعة صدر، شجاعة، وصدق في النقد وخطط عمل مدروسة وكذلك التركيز على المصلحة العامة المشتركة طبعاً اذا فرقنا بين الوزير والبربير... وسلامتكم
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 746 - الإثنين 20 سبتمبر 2004م الموافق 05 شعبان 1425هـ