العدد 746 - الإثنين 20 سبتمبر 2004م الموافق 05 شعبان 1425هـ

أسئلة موجهة إلى لجنة ضحايا التعذيب

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

جميل ما عرضه رئيس لجنة ضحايا التعذيب من رد توضيحي بشأن ما نُشر سابقاً، ولكن من حقنا ونحن نراقب حركة هذه اللجنة على أرض الواقع ان نطرح بعض الأسئلة المهمة:

المعروف ان اللجنة تحمل لواء الدفاع عن الشهداء وضحايا التعذيب في مرحلة ما قبل الانفتاح السياسي، ولكن الاشكال الوارد على ذلك هو التركيز فقط على شهداء وضحايا التعذيب في الحركة الأخيرة التي شهدتها البحرين خلال فترة التسعينات، والموضوعية تقتضي التسليم بوجود موجات أخرى من أطياف سياسية مختلفة دخلت السجون قبل حركة التسعينات. فحركة التسعينات لم تكن هي أول وآخر حركة سياسية في هذا الوطن، حتى تنحصر المطالب بتعويض ضحايا حقبة التسعينات فقط. فالمعروف ان الحركة السياسية لشعب البحرين لم تتوقف وانما امتدت عبر عقود طويلة. وفي كل مرحلة من المراحل يكون هناك طيفٌ سياسي معين في مقدمة الحركة فيطبعها بطابعه. وكان من حظّ الاسلاميين أن يكون لهم قصب السبق في تقديم الضحايا والسجناء أخيراً، وخصوصاً بعد أن اشتد القمع على أبناء «الانتفاضة». مع ذلك ليس من الصحيح حصر المسألة بهذه الفترة التاريخية وحدها. ومن الانصاف التسليم بـ «وجود» من سبق أبناء المرحلة الأخيرة، لأنهم عانوا كما عانيتم، وضحّوا كما ضحيتم، فلماذا التركيز فقط على ضحايا التعذيب والشهداء في مرحلة التسعينات؟

الكلام عن شهداء الوطن وضحايا تعذيب أمن الدولة، يتبعه كلامٌ عن ردّ الاعتبار لهؤلاء الضحايا على مستوى الحكم، كما يتبعه المطالبة بحقوق وجبر الضرر وتعويض آلاف من أبناء الوطن، وهؤلاء نصفهم من ضحايا «أمن الدولة»ما قبل التسعينات.

الاشكال الآخر، ما هو مبرر رفض البيان الذي صدر عن أحد أعضاء اللجنة لما تضمنه من إدانة للتعذيب الذي مورس على ضحايا غوانتنامو؟ فالظلم ظلمٌ، وهو مرفوضٌ من أيّ جهةٍ جاء، وهو مدانٌ تحت أي مبرر كان. ولا ينبغي التفريق بين ظلمٍ تعرّضتم له في حقبة التسعينات في البحرين، وبين ظلمٍ يتعرض له اخوان لكم في الدين في سجون السلطة الفلسطينية بغزة، أو في سجون الاحتلال الاسرائيلي أو في معتقل الخيام، أو غوانتنامو. حقوق الانسان واحدة لا يمكن تجزئتها، ويجب ألاّ يكون هناك تمييزٌ بين البشر في شرعة حقوق الانسان. وكما كنتم تنتظرون الآخرين التعاطف معكم في محنتكم وتلومونهم لتفرّجهم عليكم، فمن الطبيعي أن ينتظر الآخرون منكم التعاطف مع أبنائهم، ومن حقّهم أن يلوموكم إذا اتخذتم موقف المتفرج في هذه المحنة. ولا تنسوا انهم أسرى ظلم أقسى قوة متجبّرة على وجه الأرض. اما ان يقال انهم متهمون بالإرهاب، فلا تنسوا انكم كنتم تُتّهمون بالتخريب، وهي تهمٌ لا ينبغي قبولها على عواهنها في ظل العجرفة الاميركية الفاضحة. فالكل شاهد صور التعذيب والانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان في أبوغريب، وفي غوانتنامو، بما يندى له جبين الانسانية. حتى لو كان بعض المعتقلين يذهب إلى اعتباركم مشركين والعياذ بالله، فهذا خطأهم الفكري سيسألهم الله عنه ويحاسبهم عليه، ثم ان «موجة التكفير» في هذه المحنة التي شملت المسلمين لم توفّر أحداً من أهل القبلة، فتوزيع تهم الشرك والكفر أصبحت أسهل من شرب الماء عند بعض المنتسبين إلى الإسلام للأسف الشديد، ومع ذلك فالخطأ لا يقابل بخطأ.

ثم أليس غريباً أن يكون مبرّر الاستنكار على البيان المذكور هو انهم قاموا بأعمال ارهابية، مع ان الغالبية العظمى من المسلمين لا يقرّون أعمال القتل المجاني والتفجيرات وإزهاق أرواح الابرياء، حسب فتاوى العلماء من المذاهب كافة، إلاّ ان المسألة الدقيقة التي ينبغي الانتباه لها هو انهم متهمون، وبعض من أطلق سراحه ثبت انه معتقل عن طريق الخطأ، ولكن لا خطأ ولا إثم ولا تثريب على الأميركيين في هذا الزمن التعيس، بعد أن أصبح بأس المسلمين بينهم شديداً. فضلاً عن ذلك ان من تم جمعهم في معتقل غوانتانامو فانما اعتقلوا من بلد مسلمٍ تعرّض للغزو والاحتلال. ويبقى الإنسان قبل ذلك وبعده، يبقى إنساناً، والمظلوم يبقى مظلوماً.... حتى لو اختلف معكم في الدين أو المذهب والاتجاه. أليس كذلك؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 746 - الإثنين 20 سبتمبر 2004م الموافق 05 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً