وضع مقترح «الأصالة» الأخير بشأن تجريم تداول المسكرات، أكثر من طرف موضع الحرج، فمن ذا الذي «سيتجرأ» ويرفض تطبيق هذا المقترح؟
فمنذ سنوات طويلة، و«المناهل» (التسمية الرسمية للحانات) مفتوحة، والبعض يعدها من علامات سماحة المجتمع، وفتحه الأبواب لمن يريد أن «ينهل» منها، وفي المقابل، هناك الجوامع والمؤسسات الدينية المختلفة التي «ينهل» منها على الطرف الآخر من يريد بلا ضغط ولا إكراه، فيما عبّر أحد الليبراليين في مجلس خاص عن رأيه بأن «وجود المناهل (البارات) يعد مكسباً للوطن» على اعتبار خصوصيته في قبول الحريات الخاصة والديانات المختلفة والأعراق والأجناس بلا تعصب أو ريبة... في معظم الحالات.
يبقى في الأمر، «النفع والضرر» من جراء تعاطي المسكرات والمتاجرة بها، والوقوف إزاء التفسيرات النصية في هذا الشأن، وما تفتقت عنه اجتهادات المجتهدين في القرون الأولى للإسلام، ومراعاة الكثير من الظروف، وما يمكن أن تعكسه عملية «تجفيف» منابع المسكرات، سواء منها المستوردة، أو المصنعة محلياً (الوطني). وما يمكن أن يعوض به المعتمدون على «المناهل» لتسيير أعمال فنادقهم ومطاعمهم، و«الناهلون» الذين تعبر عنهم الأرباح المتعاظمة للشركات المتخصصة في استيراد وترويج المسكرات، وأين سيديرون رؤوسهم، وهل سيفتح الأمر الباب لبروز فئة من المهرّبين، ويرتفع سعر «البُطل» من (لا أعرف كم) إلى 40 أو 50 ديناراً ليالي العطلات والأعياد كما هو في الدول المجاورة، ويتقاتل أناس كثيرون للحصول عليه، وإلا لجأوا إلى الكولونيا وتنتعش في المقابل صناعة «الوطني» الأكثر تدميراً من أي نوع معروف من المسكرات...؟ المفارقة الأطرف هنا، من الذي سيعمل على تفنيد حجج «الأصالة» ويرد عليهم مقترحهم ويثبت لهم بأن «... الخمر والميسر والأنصاب والأزلام...» ليست رجساً من عمل الشيطان، ويقف على رؤوس الأشهاد ليعبر عن رأيه بصراحة، بدلاً من بدء عمليات «التخزين» ليوم أسود ربما يأتي؟
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 745 - الأحد 19 سبتمبر 2004م الموافق 04 شعبان 1425هـ