نحو جاذبية مشتركة يبدو أن إصلاح العلاقة بين القطاع الخاص وبين العمالة المحلية أصبح ضرورة قصوى وبندا عاجلا في أية خطة اصلاحية لسوق العمل، وذلك بعد أن تشبع القطاع الحكومي ولم يعد بوسعه هضم العاملين فيه بعد أن بلغ درجة التخمة، وانخفضت معدلات الانتاجية لكل فرد الى رقم سالب في بعض الدوائر بحسب أحد خبراء الانتاجية المعروفين.
فالأرقام كما أوردتها دراسة مؤسسة ماكينزي تشير الى أن نمو توظيف البحرينيين في القطاع العام لم يزد على 2,8 في المئة خلال العقد 1992 الى 2002، كما أن القطاع الخاص ساهم بـ 87,5 في المئة من الوظائف التي خلقت في الاقتصاد خلال الفترة من 1990 وحتى 2002 وعددها الاجمالي 96 ألف وظيفة بينما لم تزد نسبة الوظائف التي خلقها القطاع العام على 16,7 في المئة من اجمالي الوظائف خلال الفترة نفسها.
ولهذا كانت الخطوة الأولى في تحقيق أهداف المثلث الاصلاحي (إصلاح سوق العمل، الاصلاح الاقتصادي وإصلاح التعليم) الذي ترتكز عليه توصيات «ماكينزي» هي جعل البحرينيين الخيار المفضل لشغل الوظائف وجعل القطاع الخاص محركا للنمو.
وهذا ليس حلا مبتكرا فوزير العمل مجيد العلوي قال لكاتبة السطور في أول لقاء بعد تعيينه وزيرا قبل عامين إن من أهم أهدافه «جعل القطاع الخاص جذابا للباحثين عن عمل، وكذلك زيادة جاذبية العمالة البحرينية للقطاع الخاص». وقبل ذلك بكثير كانت هناك محاولات كثيرة لجعل القطاع الخاص الوعاء الأكبر لاحتواء العمالة التي تدخل إلى سوق العمل سنويا، ولكن الآليات التي اتبعت لتحقيق ذلك لم تفعل شيئا سوى زيادة الفجوة بين الطرفين. والسبب في ذلك يعود الى أن الضغوط التي تخلقها الزيادة المتسارعة في عدد الداخلين الى سوق العمل التي تربك أصحاب القرار، والافتقار الى التواصل والتنسيق والتكامل بين أجهزة التعليم والتدريب وبين احتياجات السوق بالاضافة الى تفوق البدائل للعمالة البحرينية كلفة وجودة، هذا عدا التخبط لسبب عدم وجود استراتيجية اقتصادية واضحة ومعرفة، جميعها كانت عوامل أدت ليس فقط الى توسيع الفجوة بل قادت الى تنافر شديد بين الطرفين.
وأسباب التنافر تعود بالدرجة الأولى الى سوء تطبيق برنامج البحرنة الذي حول البحرينيين الباحثين عن عمل الى «أفراد كسالى» وإلى عبء وأحيانا كثيرة إلى كابوس لا يتحرج أصحاب الأعمال من التحايل للتهرب منه. والسبب في ذلك يعود الى أن البرنامج لم يأخذ في اعتباره ضرورة خلق جاذبية مشتركة لاقامة علاقات دائمة تلبي مصالح الطرفين على المدى الطويل.
وكانت المشكلة تكبر وتتحول الى وجع مزمن اقتصاديا واجتماعيا وكانت وزارة العمل دائما في فوهة المدفع تلهث فلا تصدر منها سوى حلول ترقيعية بما تسمح لها قدراتها منفردة ومنعزلة عن مواقع المسئولية الأخرى.
ولذلك يبدو التوجه الأخير الى توصيف مشكلة البطالة والنظر اليها بالمنظار الأشمل، وعلى أساس ذلك اقتراح خطوات اصلاحية شاملة ومتكاملة على مختلف الأصعدة ذات العلاقة، سببا معقولا لاعطاء سوق العمل جرعة من التفاؤل بانتظار حل جذري مختلف
إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "العدد 745 - الأحد 19 سبتمبر 2004م الموافق 04 شعبان 1425هـ