بورصة البحرين تحركت مؤشراتها بقوة خلال الأيام الماضية، وازداد عدد الشركات ذات الاداء الجيد في البورصة وتحسن وضعها المالي، وقبل أيام عدة صعد مؤشر البورصة، لأول مرة، إلى ما فوق 2900 نقطة.
من جانبها تشير معلومات مؤسسة نقد البحرين إلى أن أنشطة سوق التأمين تزداد، وأن الأداء إيجابي، وارتفعت أقساط التأمين خلال العام الجاري 16 في المئة لتصل إلى 188 مليون دولار في حين تجاوزت موجودات الشركات العاملة في سوق التأمين 1,750 مليون دولار. ومنذ أن بدأت نشاطها في التأمين في ابريل/ نيسان الماضي، أصبحت شركة «سوليدرتي» أكبر شركة تأمين في البحرين بالإضافة إلى ذلك فإنها تؤمِّن على أساس الشريعة الإسلامية (منتجات التكافل تشمل الحج، العمرة، التقاعد، التعليم، الحياة، الخ...).
ازدياد نشاط البورصة وازدياد قوة السوق التأمينية، مؤشران جيدان للبحرين وهما ينبئان بأن المستقبل المالي للثروة الوطنية سيكون أفضل. ولعل من أسباب هذا التحسن الملحوظ هو ازدياد أسعار النفط، والتدفق النقدي الذي شهدته البحرين من قبل اخواننا السعوديين والكويتيين الذين دخلوا سوق العقارات البحرينية، وعضوية البحرين في منظمة التجارة الدولية واعلان البحرين التزامها بمبدأ الشفافية وتحرير السوق والمحادثات مع الولايات المتحدة الأميركية بشأن اتفاق التجارة الحرة الذي تم توقيعه في 14 سبتمبر/ أيلول الجاري.
هذا التحسن في الأداء الاقتصادي دفع باتجاه المنافسة الحسنة مع دول الجوار، ولذلك سارعت حكومة دبي أمس الأول إلى إصدار مرسوم يقضي بإقامة «مركز دبي المالي العالمي» كمنطقة حرة مالية مستقلة مالياً وإدارياً والعمل على إكمال جميع التشريعات المطلوبة دولياً لتحقيق الاعتراف الدولي، وبالتالي إفساح المجال أمام تدفق رؤوس الأموال والاستثمارات إلى دبي والمنطقة. وكان مركز دبي المالي تعرض لهزة قبل أشهر بعد إقالة اثنين من الخبراء (هاي ديفنسون وفيليب ثووب) ما سّبب صدمة للجميع، ولكن دبي - وكما هي عادتها - انحنت أمام العاصفة وتحركت بعد ذلك بقوة وعينت الرجل القوي ولي عهد الإمارة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لإدارة المركز المالي.
الأخبار من البحرين ودبي جميعها تصب في النهاية في خير أهل الخليج، ولكن أملنا - بالنسبة إلينا في البحرين - أن نستفيد من التحسن في الوضع الاقتصادي الحالي ومن أسبقيتنا في التجارة الحرة (مع منظمة التجارة الدولية، والآن مع أميركا) بأن يكون ذلك من أجل خير جميع أبناء الوطن. ولعل المشروع الأهم الذي يجب أن يستفيد من التحسن الاقتصادي هو مشروع سمو ولي العهد لإصلاح سوق العمل البحرينية.
سوق العمل في البحرين مشوهة، وأشارت الأرقام التي عرضتها مؤسسة «ماكينزي» إلى انه على رغم ازدياد ثروة البحرين الوطنية خلال الأعوام الماضية فإن متوسط دخل المواطن في القطاع الخاص (وهو القطاع الوحيد الذي ينمو حالياً) انخفض من 420 الى 352 ديناراً شهرياً خلال العقد الماضي. علينا أن نفهم جذور المشكلة لكي نعالج الموضوع ونتأكد من أن تحسن ثروة الوطن ينعكس مباشرة على ثروة كل مواطن.
حالياً، فإن الثروة تتكدس لدى فئة صغيرة جداً، والنمو الذي حصلت عليه البحرين ذهب إلى هذه الفئة الصغيرة... وما هو مطلوب منا جميعاً هو أن نضمن أن الثروة المقبلة ستكون للجميع، وهذا يتطلب إزالة الخلل في سوق العمل وإصلاح الأنظمة الرقابية وإصدار التشريعات المتطورة وتغيير الثقافة لدى الحكومة واصحاب العمل والمواطنين من أجل اقتصاد متطور يستهدف رفع مستوى معيشة المواطن أولاً وقبل اي شيء
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 744 - السبت 18 سبتمبر 2004م الموافق 03 شعبان 1425هـ