ليس بالمستغرب أن تستنفر المجالس البلدية وتعبر عن تساؤلاتها بشأن مبررات نقل مشروع البيوت الآيلة للسقوط إلى المؤسسة الخيرية الملكية، على اعتبار أنها كانت طوال أكثر من عامين الحاضن والراعي الأساسي لهذا المشروع بالتعاون مع وزارة شئون البلديات والزراعة، ولكن في الوقت ذاته عليها أن لا تنسى أنها من طالب بتدخل الديوان الملكي لحسم مشكلة الموازنة المحدودة، حتى وصل الأمر إلى بذل مساعٍ للاجتماع مع وزير الديوان الملكي لطرح الموضوع على طاولة النقاش وبحث سبل إيجاد مخارج لحلحلته.
وبالتالي سواء تحرك الديوان الملكي بشكل جزئي لإنقاذ المشروع عبر دعم الموازنة أو بشكل كلي بنقله إياه ليكون تحت إدارته من خلال المؤسسة الخيرية الملكية، فإن ذلك يستند في الأساس على مطالبات المجالس البلدية في هذا الاتجاه حتى وإن اعتقدت أن ذلك انتزاع لصلاحياتها المتصلة بالتجديد الحضري.
وإذا جئنا للواقع سنجد عمليا أن المجالس البلدية غير قادرة على تمويل «الآيلة للسقوط» بصورة مباشرة، لأنها في الأساس تسير عملها من خلال الموازنة التي تخصصها لها وزارة البلديات من إيرادات الصندوق البلدي المشترك، وهو ما دفع أعضاؤها لطرح فكرة اللجوء إلى القطاع الخاص للمساهمة في دعم هذا المشروع الإنساني.
ولو قدر للقطاع الخاص أن يلقي بثقله في هذا الاتجاه، لحصل تقدم كبير على مستوى إنجاز البيوت في الوقت المناسب، ولكن من المؤكد أن ذلك لن يكون بقدر دعم الدولة المباشر والمتمثل في الديوان الملكي.
ولا شك لدي شخصيا في قدرة المؤسسة الخيرية الملكية على التعامل مع هذا المشروع بكل جدارة واقتدار، وخصوصا أن «الآيلة للسقوط» بحاجة إلى جهة بحجم الديوان الملكي تكون توجيهاتها ملزمة لجميع الجهات الحكومية المعنية، لتسريع عملية قطع التيار الكهربائي وتوصيله مجددا بعد الانتهاء من البناء، إذ سبق أن واجه المشروع مشكلات عدة على هذا الصعيد عندما كان في عهدة وزارة الإسكان.
وفي هذا الوقت العصيب، من الضرورة أن تتضافر جهود جميع الأطراف ذات العلاقة بالمشروع، وأن لا تنشغل المجالس البلدية كثيرا في مناقشة دواعي نقله إلى «الخيرية الملكية»، فهناك عوائل فقيرة أخرجت من بيوتها الخربة إلى مساكن مؤقتة ولم يدفع لها بدل الإيجار نتيجة عدم توافر اعتماد مالي لهذا الغرض، وهي حاليا تواجه ضغوطا نفسية كبيرة إثر مطالبات المؤجرين بدفع مستحقاتهم نظير الأشهر الماضية.
وكذلك توجد أسر بقت لعام أو اثنين تترقب الانتهاء من بناء منازلها ولاتزال تنتظر بصيص أمل يعيد إليها شيئا من تفاؤلها، فضلا عن حالات أخرى تترقب هدم بيوتها الآيلة وإعداد الخرائط والتصاميم للبدء في المراحل اللاحقة.
المجالس البلدية عليها أن لا تتخلى عن دورها المحوري في مساندة المشروع وإن كان خارج نطاق مسئوليتها حاليا، فوجوده تحت إدارة المؤسسة الخيرية الملكية لا يعني أنها غير قادرة على أن تترك بصماتها على كل جنبة من جنباته، وخصوصا أنه يمس شريحة واسعة من المواطنين بصورة مباشرة، وهي في الواقع تمثل جهة تشريعية منتخبة جاءت من رحم هذا الشعب، وعليها مؤازرة الجهات الرسمية أيا كانت صفتها لتحقيق آمال وتطلعات من صوت لبرامج أعضائها الانتخابية.
العيش المريح في مسكن لائق بالكرامة الإنسانية يجب أن يشمل جميع الأسر المحتاجة التي ما عرفت يوما الطمأنينة وهي تبصر الحجارة تتساقط فوق رؤوسها، بصرف النظر عن من يكون مصدره، فالغريق يتشبث بأي شيء حتى يبقى على قيد الحياة وإن كانت قشة، وهنا أؤكد مجددا أن المؤسسة الخيرية الملكية خير من يأخذ بيد هذه الفئة الفقيرة ليرسم على شفاهها البسمة والتفاؤل.
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 2376 - الأحد 08 مارس 2009م الموافق 11 ربيع الاول 1430هـ