«المؤسسة العامة للشباب والرياضة»، المتمعن في هذه التسمية يجد أن المؤسسة العامة المسئولة الأولى عن دور الشباب في القرى والمدن عبر الأندية والمراكز الشبابية المسجلة لديها، ومن ثم فهي المسئولة عن الدور الرياضي في هذه المؤسسات الوطنية في المملكة. ولكن المتتبع للشأن المحلي يرى أن المؤسسة العامة وضعت جل اهتماماتها في الرياضة دون الشباب، ما أوجد فراغا كبيرا في هذه المراكز التي تزخر بالعناصر الشبابية، ولكن لم تجد مرحلة الشباب الخطرة بعد الاهتمام المستحق من هذه المؤسسة الرسمية.
العنصر الشبابي في المملكة يعد العنصر الأول في الفاعلية، ولكن هذا العنصر يحتاج إلى الاهتمام وتوفير المستلزمات الأساسية ليفجر طاقاته الإبداعية ليخدم بها وطنه بدلا من الركون للتسكع والانحرافات الأخلاقية وغيرها من الأمور الأخرى لأن البديل غير موجود. ولم تحرك المؤسسة العامة ساكنا في احتضان هذه الشريحة بصورة عملية. نحن نعلم أن المؤسسة العامة لديها لوائح داخلية وقوانين من ضمنها مواد للحفاظ على شريحة الشباب عبر المراكز والأندية، ولكن عندما ندخل في تفعيل هذا الأمر نجد أن المؤسسة العامة بعيدة كل البعد عن دور الشباب في صناعة الإبداع الذي يرفع اسم المملكة في كل المحافل المحلية والخارجية. عندما تصرف المؤسسة العامة موازنة لكل مركز قدرها 2000 دينار للعام الواحد، تطلب من هذه المراكز أن تقيم البرامج الثقافية والاجتماعية والرياضية وتحتضن شباب المنطقة بهذه البرامج المهمة!
ولكن نحن نسأل المؤسسة العامة هل هذا المبلغ الهش يكفي لتنظيم فعالية واحدة من المجالات الثلاثة المذكورة آنفا. مثلا لو أراد أي مركز المشاركة في أية بطولة سواء على مستوى الفريق الأول أو على مستوى الفئات العمرية، فإن هذا المبلغ يحتاج إلى زيادة حتى تستطيع هذه الفرق المشاركة في مختلف البطولات لعام واحد، فما بالك لو أراد أي مركز المشاركة أو إقامة المسابقات الثقافية والاجتماعية فمن أين يأتي بالمبلغ المطلوب؟!
اليوم ونحن نعيش عصر التقنية الحديثة والتكنولوجيا فإن الشباب عندما يريد أن يفجر طاقاته الإبداعية في هذه المجالات يحتاج إلى القدر الكبير من المال ولكن من أين؟! إذا لم تقم المؤسسة العامة بتخصيص موازنة خاصة وكافية لهذه المراكز لاستثمار دور الشباب في رقي المملكة. المؤسسة العامة تعرف جيدا قبل غيرها أن هناك مراكز شبابية تعيش ضنك الصرف المالي بل غارقة في الديون التي تصل إلى 6000 دينار لاحد المراكز لكي يقيم البرامج المحلية ويشارك في الكثير من الفعاليات الرياضية والثقافية.
إذا، من يدفع هذه الفاتورة لحماية الشباب ليحصلوا على المكان الذي يجمعهم ويلمهم ويقودهم إلى الإبداع. على المؤسسة العامة أن تساعد هذه المراكز الشبابية بإقامة الكثير من الورشات العملية إضافة إلى إقامة البطولات الكروية وزيادة المخصصات المالية لهم بل تحسين حالة البنية التحتية لكل المراكز والتي تصرخ أين المنقذ...
هذه رسالة عاجلة نرسلها إلى رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة الشيخ فواز بن محمد آل خليفة بأن يقوم بنفسه بالزيارات المختلفة لكل المراكز في المملكة للوقوف على أحوالها ميدانيا والاستماع إلى مجالس إداراتها عن الصعوبات التي تقف أمامهم لكي تحل بسرعة. ونعتقد أن أية شخصية أخرى تقوم بهذا الدور لن توصل المؤسسة العامة إلى لمس الجرح كما لو قام رئيس المؤسسة العامة بنفسه بهذه الزيارات، وله سوابق حسنة في هذا المجال، واليوم نناشده أن يتواصل بصورة أكثر مع المجريات لكي نحفظ شبابنا من الانحرافات حتى يخدموا وطنهم بكل إخلاص ووفاء.
هذه كلمات سريعة نريد ونود أن نوجهها إلى اخواننا الأعزاء قضاة الملاعب (حكامنا في كرة القدم)، الذين وجدوا أنفسهم في قيادة مباريات دوري كأس خليفة بن سلمان بعدما كانوا يقودون مباريات الفئات العمرية والدورات الصيفية ما جعلهم يحملون المسئولية الكبيرة مبكرا.
نقول لكل حكامنا الأعزاء: أنتم أملنا في الخروج من هذا الامتحان العسير بنجاح وسلام وأمان بالتألق، وان شابت مستوياتكم الأخطاء الفنية والتقديرية، فليس عيبا أن يرتكب الحكم مثل هذه الأخطاء ولكن العيب ان يكررها ولا يأخذ من الدرس العبرة التي تفيده في اكتساب الخبرة. أنتم مطالبون بالتقييم الذاتي بعد كل مباراة بينكم وبين أنفسكم، بالإضافة إلى ذلك عليكم بامتحان أنفسكم أمام من هم أفضل منكم وأوسع خبرة، وتابعوا المباريات العالمية سواء في أوروبا أو أميركا الجنوبية وفي كل مكان في كيفية التصرف والتعامل مع المباريات الحساسة... واعلموا أنكم بشر غير معصومين عن الأخطاء، ولكن لا تدفنوا رؤوسكم في الرمال فتبعدوا أنفسكم عن الأخطاء المرتكبة... الشجاعة مطلوبة في الاعتراف بأي خطأ مع أنفسكم ومع اللجنة فالهدف تصحيح المسار، واعلموا أن الإنسان لا يصل إلى التألق والإبداع من دون أخطاء وعلاجها وإبعاد الضغوط النفسية... حكامنا الأعزاء اعلموا أن الصحافة دورها البناء والعلاج، ولو قرأتم أو سمعتم من جهة إعلامية كلمات خارجة عن الذوق فلا تلتفتوا لها، وعليكم بمن ينصحكم ويأخذ بأيديكم إلى طريق الأمان والسلام. واعلموا أن الإنسان لا يصل إلى هدفه من أول يوم يفتح عينيه على الدنيا ولكن بخطوات ثابتة يصل إلى ما يريد.
الظروف التي صاحبت الحكام الدوليين وابتعادهم الاضطراري جعلكم أمام مسئولية كبيرة، فاثبتوا من خلالها أنكم أهل للتألق، وكلما قرأتم أو سمعتم انتقادا حتى وإن كان لاذعا فاجعلوا من التحدي مع أنفسكم طريقا إلى النجومية عبر الثقة بالنفس وقراءة القانون بدقة نظريا وعمليا ومناقشته باستمرار مع أهل الخبرة. أقيموا علاقاتكم الحسنة مع كل المدربين في كل الفرق والإداريين واللاعبين، واجعلوا الجماهير تصفق لكم في الأخير، وان سمعتم منهم اليوم الكلمات التي تخجل وتخدش، لكن في النهاية عندما تؤدون المهمة ستصلون إلى الطريق السليم.
في الأخير، أدعو كل الصحافيين الرياضيين الإخوة الأعزاء الى أن يبدلوا الكلمات الانتقادية الجارحة ويساهموا في بناء حكام قادرين على قيادة المباريات بالانتقاد الهادئ والبناء والابتعاد عما من شأنه إرباك المسابقة، ونحن على يقين بقدرة إخواننا الصحافيين بأخذ الحكام إلى النجومية بدل إبعادهم عن دورهم الريادي.
إقرأ أيضا لـ "هادي الموسوي"العدد 2376 - الأحد 08 مارس 2009م الموافق 11 ربيع الاول 1430هـ