على امتداد السنوات الأربع الماضية شهدت البحرين، ولاتزال، ارتفاعا ملحوظا في أسعار العقار، شمل ذلك الأراضي والمباني المعروضة للبيع أو للإيجار. تذبذبت الأسعار في فترات معينة، كما حصل في أعقاب الحوادث الإرهابية التي عرفتها مناطق مختلفة من السعودية خلال هذا العام، الأمر الذي دفع بقطاعات من الموظفين الأجانب إلى البحث عن مساكن في البحرين، ودفع المضاربين في ساحة العقار السعودية إلى البحث عن منطقة أكثر أمانا، ما أدى إلى ارتفاع نسبي غير متوقع في الأسعار.
باستثناء ذلك بقيت سوق العقار محصورة في الرأس مال المحلي، بمعنى لم ترد إلى البحرين رساميل أجنبية خارجية كبيرة تبحث عن فرص استثمارية تحقق من وراء صفقات العقار في البحرين أرباحا تبرر قدومها إلى سوق بحجم السوق البحرينية كما حدث في دبي على سبيل المثال لا الحصر. ومن جانب آخر فإن الإنتاج البحريني من النفط أو الغاز الطبيعي ضئيل، مقارنة مع الدول المجاورة، الأمر الذي لا يضع بتصرف الدولة مبالغ ضخمة إضافية تبيح لها ضخ مبالغ جديدة في السوق المحلية، تكون بمثابة إعادة تدوير تلك المبالغ في السوق المحلية في مشروعات جديدة الأمر الذي من شأنه إحداث بعض مظاهر الانتعاش الاقتصادي بغض النظر عن الجدوى الاقتصادية لتلك المشروعات، فهي في نهاية الأمر أموال إضافية غير متوقعة دخلت في الدورة الاقتصادية المحلية، دون الحاجة إلى البحث عن مصدر قدومها أو الهدف من وراء تنفيذها (أي المشروعات)، الخوف من هذا الانتعاش الحالي وغير المنطقي في سوق العقار البحرينية هو اندفاع شريحة من الطبقة المتوسطة - مدفوعة بأوهام الربح السريع - نحو هذه السوق عن طريق الاقتراض من أحد المصارف أو مؤسسات التسليف والبدء في مضاربات غير مدروسة لا تستند إلى أي نوع من انواع الخبرة في سوق تحكمها مهارات الخبرة قبل أي شيء آخر.
النتيجة المتوقعة في مثل هذه الحالات أن فئة صغيرة من تلك الشريحة - لا يذكر عددها - تنجح في بعض المضاربات بفضل الحظ وحده. لكن نسبة عالية منها تفاجأ - من جراء نقص الخبرة أو تقلبات السوق غير المتوقعة - بتراجع الأسعار وهبوطها بشكل سريع مغاير لأوهامها. الأمر الذي يضعها تحت رحمة الديون التي تطالبها بها مؤسسات التسليف.
حينها يطل المتربصون بتلك الشريحة برؤوسهم ويخرج خبراء السوق من جحورهم فهم كانوا طيلة تلك الفترة، ومن خلال خبرتهم الغنية في السوق يتوقعون حصول ما حصل. وبفضل السيولة المالية المتوافرة لديهم يتمكنون من شراء أراض جديدة وبأسعار متدنية تعوض خسارتهم المحدودة في بعض الصفقات التي عقدوها قبل تراجع الأسعار.
أما الشريحة المغامرة - والضحية في آن - من الطبقة المتوسطة فليس أمامها سوى بيع ما اشترته بأسعار باهظة بأسعار بخسة نسبيا من أجل تسديد قروضها، وربما نسبة ضئيلة من تلك القروض، المتراكمة أو بيع بعض ممتلكاتها الخاصة من أجل تحاشي الدخول في دوامة القروض
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 740 - الثلثاء 14 سبتمبر 2004م الموافق 29 رجب 1425هـ