لا تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بأية مواصفات ومقاييس تذكر بشأن المواد الاستهلاكية المختلفة التي تستوردها من الخارج. والبحرين حالها كحال دول الجوار التي تغرق اسواقها الكثير والكثير من المنتوجات المستوردة سواء الاستهلاكية أو الصناعية أو غير ذلك. فعندما يشتري المستهلك المنتج الغذائي فهناك جداول توضع على العلب خصوصا المستوردة من اوروبا والولايات المتحدة عن مكونات النسب الخاصة بهذا المنتج الغذائي، بينما على الأجهزة الكهربائية مثلا توضع على المنتج المصنع شارات للدول وارقام الرخص التابعة لقانون المقاييس والمواصفات لهذه الدول. الدول الأوروبية ومن بعد اتحادها فقد وحدت ضوابط ومقاييس السلع المسموح تداولها في السوق، ونرى إشارة إلى ( CE) للتدليل على السلعة تم تصميمها وانتاجها حسب المواصفات التي تحفض سلامة وصحة الناس.
لكن الامر لدينا يختلف، فالمواطن يشتري سلعة او حتى دواء من الصيدلية وسيجد على ما يشتريه رخص واشارات لمختلف الدول، من اروبا الى اميرما الجنوبية، الى اسيا، ولكن لا توجد رخصاً خاصة بنا. فكيف سيعرف المواطن ان كانت قطعة الصابون، مثلا، مناسبة لاستخدام الناس وانها لا تحتوي على مواد غير سليمة، او انها المواد نفسها التي من المفترض ان تستخدم للحيوانات؟ لا نستطيع معرفة ذلك الا اذا كانت هناك مواصفات وضوابط ومفتشية مستقلة تؤكد لنا ان السلعة سليمة. ان المواطن ضحية لعجز الجهاز الحكومي من وضع المقاييس والمواصفات للمنتج وهي مسألة مهمة لا يستهان بها ولهذا نكدس اسواقنا بما هو لنا ولغيرنا من دون ان يفرق المواطن ما هو مناسب له كوننا نفتقر لوجود مؤسسات تفتش وتطبق الاجراءات والضوابط الخاصة بحماية المستهلك.
ان قانون حماية المستهلك جيد ولكنه لن يكون بالدرجة المطلوبة اذا كان القانون يعول علي ادارة حكومية، ففي اوروبا وغيرها من الدول المتقدمة، فان المؤسسات التي تقوم بتفتيش السلع واصدار الشهادات تابعة للقطاع الخاص، والحكومة دورها رقابي على هذه المؤسسات المتخصصة في التفتيش والمراقبة واصدار الشهادات المطلوبة قبل ان يسمح للسلعة بالتداول في السوق. اذا ركز القانون كل شيء بيد دائرة حكومية فان العجز سيزداد وسيكون القانون مجرد حبر على ورق.
ان مشروع قانون حماية المستهلك خطوة مهمة بعد ان حولته الحكومة كمقترح بقانون الى مجلس النواب... وعلى النواب ان يطوروا المقترح لكي ينص على ضرورة ان تكون السلع بحسب مواصفات مقبولة، وان يكون ذلك من خلال مؤسسات معترف بها دوليا.
اننا مجتمعات استهلاكية ولهذا السبب لابد من نشر ثقافة حماية المستهلك عبر وسائل مختلفة وتطبيق قانون للمقاييس والمواصفات على المنتوجات... فنحن نأكل ونشرب ونشتري ادوات كهربائية وادوات تنظيف وغيرها من دون ان نعي انها تصنع لصالح مقاييس غيرنا... ولا ندري ان كان بعضها صالحاً لنا ولابنائنا إن افتقدت بعض المواد الغذائية التي تستورد تحديدا من بعض دول شرق آسيا لهذه المواصفات وخصوصا ان غالبية موادها الغذائية تحتوي على مادة بنزويت الصوديوم الذي هو مسبب رئيسي لكثير من الامراض السرطانية... فأين هي تلك المقاييس واوجه الحماية للمستهلك البحريني؟
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 725 - الإثنين 30 أغسطس 2004م الموافق 14 رجب 1425هـ