توجد لدينا في البحرين قرابة ست جمعيات أهلية لها علاقة بالبيئة، ثلاث منها تحمل اسم البيئة ضمن اسمها والأخريات يرتبط نشاطها بالبيئة النظيفة. ومع ذلك فإن البيئة البحرينية ليست لها حماية حقيقية، ويعتدى عليها يومياً أمام مرأى ومسمع الجميع. وقد استبشرنا خيراً بتوجيه سمو رئيس الوزراء مطلع الأسبوع، إذ أمر بعدم دفن «خليج توبلي». لكن وفي الوقت ذاته أكد أهالي جزيرة النبيه صالح استمرار الردم على ساحل جزيرتهم، والذي يعتبر امتداداً لخليج توبلي، وأن الذي يقوم بالردم يمارس نشاطاته ليلاً معتقداً أن الأهالي نائمون، وأن الحكومة ستغض الطرف عنه لأنه ليس الأول أو الأخير الذي يدمر او سيدمر بيئة البحرين أرضاً وجواً وبحراً.
على المستوى العالمي، التفت العلماء والسياسيون ومنذ ثمانينات القرن الماضي إلى قدرة الإنسان على التأثير (سلبا) على الطقس العالمي من خلال التطور التكنولوجي وزيادة عدد السكان والجهل الذي يدفع البعض لتدمير الغابات والثروات الطبيعية من أجل تحقيق الأرباح أو مد النفوذ على حساب مستقبل الإنسانية وعلى حساب الطقس الذي يعتمد على بيئة سليمة.
وعلى رغم أنه من الصعب قياس التغييرات العالمية في الطقس حول العالم وربطها مباشرة بسبب واحد، فإن الواضح لدى المجتمع الدولي أن الأسباب تعود إلى بث الغازات المضرة في الجو، وتعود الى التصحر (تحويل الأراضي الزراعية إلى صحراء، وقطع الأشجار، وتدمير التربة الزراعية)، وتدمير التنوع البيولوجي، وتدمير الحياة البحرية، ورمي المخلفات الضارة في الأماكن المفتوحة أو في مياه البحر... إلخ. وعلى هذا الأساس فإن المجتمع الدولي سعى إلى حماية البيئة وتشريع اتفاقات دولية؛ لأن عدم وضع حد لهذا الأمر سيعني اختفا الجزر تحت البحر وسيعني حدوث كوارث إنسانية.
الهموم البيئية كثيرة، وجميعنا مسئولون عنها، وإلا فإننا نشارك في تدمير ما لدينا محلياً ونساهم في تدمير العالم لأبنائنا في المستقبل، وسيلعننا أبناؤنا لأننا أورثناهم البلاء وامتصصنا الخيرات ودمرنا مصدر خيرات المستقبل.
في منتصف الثمانينات تسارعت الدول لتوقيع اتفاق دولي لحماية طبقة «الأوزون»، وهي طبقة من غاز الأوزون ترتفع قرابة 30 كيلومتراً عن سطح الأرض وهي تحجب الأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن الشمس. واكتشف العلماء أن هناك ثقباً في هذه الطبقة يسمح بمرور الأشعة المضرة للإنسان، وأن سبب ذلك انبعاث حثيث لمجموعة من الغازات تسمى مجموعة CFC (كلور وفلور وكاربون). وطالب المجتمع الدولي بتحريم هذه الغازات من معدات التبريد وغيرها، لكي تلتئم طبقة الأوزون مرة أخرى.
ثم التفت المجتمع الدولي إلى أن هناك مجموعة أخرى من الغازات تقوم بدور آخر وهو تحويل الأرض إلى ما يشبه البيت الزجاجي يؤدي الى الاختناق GREENHOUSE EFFECT. ويلعب غاز ثاني أكسيد الكاربون الدور الأكبر في هذه الظاهرة، ومصدر هذا الغاز أساساً هو محروقات السيارات. ومرة أخرى صدرت التشريعات لمنع حال الاختناق التي تتسبب فيها هذه الغازات.
واستمرت التشريعات لحماية التنوع البيولوجي وحماية الغابات وحماية البيئة البحرية ومنع التصحر، وكلها عوامل ستسبب - مجتمعة - كوارث للإنسانية ما لم يتوقف طمع الإنسان وجشعه ويبدأ في فهم أن ما يقوم به اليوم سيدمر الطبيعة على أبنائه مستقبلاً، وأن أجيال المستقبل ستلعن الأجيال الحالية التي أورثتها كوناً غير قابل لأن يعيش الإنسان فيه بمأمن من الكوارث الطبيعية التي يتسبب فيها إنسان اليوم.
أكتب هذه الملاحظات وأعلم أنها لن تحرك ولا شعرة واحدة لدى أي شخص يمارس تدمير البيئة المحلية لدينا في البحرين
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 725 - الإثنين 30 أغسطس 2004م الموافق 14 رجب 1425هـ