في الدول التي تتمتع بالديمقراطية وفي الدول التي تتعالى فيها أصوات الرأي والرأي الآخر نجد مواطني هذه الدول أوفر حظاً من مواطني «حديثي» الديمقراطية كالبحرين، إذ إنهم إذا انتقدوا أو كشفوا عن أخطاء وقصور الآخرين بما فيها المؤسسات فإن حكوماتهم تسعى جاهدة إلى وضع حلٍ عبر الأخذ بجدية ما يعرض، وخصوصاً إن كان النقد بناءً يصب في صالح المصلحة العامة لا في صالح المصلحة الشخصية.
قد تؤدي الأزمات في هذه الدول إلى زعزعة الحكومة وربما استقالتها إن هي عجزت عن حل مطالب المواطن الأساسية، بل وتسعى إلى الإصلاح من أمرها وخصوصاً إن كان الأمر يتعلق بمتطلبات المعيشة الأساسية التي لا يمكن للمرء أن يستغني عنها كالكهرباء والماء.
إن أزمة انقطاع الكهرباء أصابت الجميع يوم الاثنين الماضي من الكبير إلى الصغير، ومن الغني إلى الفقير على حد سواء، وليس كما يحلو للبعض من أصحاب المعلقات الطويلة في صحافتنا المحلية أن يصور حجم أزمة الكهرباء وانقطاعها بالكامل عن جميع مدن وقرى البلاد بأنها مسألة «لا تستاهل» وهي بحجم الابرة، فلم يتم تصويرها بحجم المطرقة؟!
إن مسئولينا عموماً ومسئولي الكهرباء والماء خصوصاً لم يعتذروا علناً وبصراحة للعامة عن سوء تعاملهم مع هذه الأزمة... وعن انقطاعات - تكررة لا تبرر بإلقاء اللوم على طرف آخر، وكأن انقطاع الكهرباء بالكامل بنظر مسئولي هذه الوزارة يكفي لحله إقامة مؤتمر صحافي بوضع حدٍ للأسئلة، متجاهلة (الوزارة) ما نتج عن هذا الانقطاع من تعريض أرواح الناس للخطر في مجمع السلمانية الطبي وفي مواقع أخرى... ألهذه الدرجة وصل الاستخفاف بحقوق مواطنينا يا مسئولي الكهرباء؟! وطالما أن ذلك لم يصب المسئولين بصورة مباشرة فإن عداهم لا يهم «لأن هؤلاء من بعيد لا من قريب».
إن كانت أقلام المعلقات في صحافتنا لا تخجل من نفسها من كتابة سطور «تهضم» فيها حق المواطن وتصور الأزمة تبعاً لأهوائها ومصلحتها الخاصة فلن نستغرب كثيراً أن نجد مسئولينا يتصرفون بهذه الصورة... فكلمة «آسف» صعبة عليهم لأنها ستحط من قدر هذا المسئول أو ذاك كونه يقر «بالخطأ» ولن نعاتب المسئولين بقدر ما نعاتب الحكومة التي عليها أن تتعامل مع هذه الأزمة بحزم؛ لأن صورة البلد ستتأثر إن تكررت الانقطاعات، وذلك من شتى النواحي.
لذلك لابد أن تضع الحكومة على قائمة أولوياتها طرق التعامل مع مثل هذه الأزمات... وتدرب المسئولين على الاعتذار للناس عندما يقع الخلل... لأن المسئول ليس معصوماً عن الخطأ... والاعتراف «بالخطأ» فضيلة؟
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 722 - الجمعة 27 أغسطس 2004م الموافق 11 رجب 1425هـ