العدد 721 - الخميس 26 أغسطس 2004م الموافق 10 رجب 1425هـ

«لا يصلح للصدر إلا واسع الصدر»

رسالة إلى السيدمقتدى الصدر (2/2)

حسن الصحاف comments [at] alwasatnews.com

نبادر إلى القول إلى أنك كنت أمام مسئول اميركي في العراق له من الحنكة والخبرة ما يجب ملاحظته يدعى بول بريمر، يكبرك بالسن، فهو تقريبا في الخامسة والستين من عمره، وهو كما يقال «دبلوماسي مخضرم» ومسئول سابق في «وزارة الخارجية الاميركية»، أي انه صاحب خبرة عملية وله إلى جانب ذلك صلاحيات واسعة من أجل الوصول الى الهدف المعلن: «التحول الديمقراطي» والأهداف غير المعلنة الساخن منها والبارد وتحت تصرفه جيش مدرب وذو كفاءة عالية من العدة والعتاد وإن كان ينقصه «الدافع». كما لا ننسى ان تحت تصرفه كل الاموال والنفط من أجل «إعمار العراق» أو إدماره. وله خبرة طويلة في «مكافحة الارهاب» وقد حث على النيل مما ســــمي آنــــــذاك بـ «الدول المارقة» (لا داعي لتسميتها فقد ماتت التسمية منذ زمان، منذ جاء إليكم). وقد قام باعتقال أكبر «طاغية» وجماعته واحدا واحدا وهو يعد العدة لاعتقالك (صدرت مذكرة باعتقالك من قاض عرقي، غير انه لم يوفق إلى ذلك) أو اغتيالك، كما «تعهد» الجيش الأميركي في العراق بتدمير «جيش المهدي» الذي تتزعمه أو تسليم نفسك للشرطة «لكونك وأتباعك تجاوزتم الحدود، ولكون ممارساتكم لا يمكن التسامح معها». وقد بدأ بإغلاق صحيفتكم «الحوزة» واعتقال كثير من قياديي أنصارك منهم مصطفى اليعقوبي؛ وصرح مراراً وتكراراً «بانه لن يتسامح مع أنشطة رجل الدين الشيعي الراديكالي مقتدى الصدر». عن محلل ال «بي بي سي» للشرق الاوسط «روجر هاردي»، فكن على حذر لأن الحرب الآتية إذا لم نكن ذا أفق واسع فيها لن تبقي ولن تذر (بداية هذه الحرب نعيشها جميعاً).

وقد رددت على مجمل تلك المقولات في خطب «الجمعة» التي تلقيها على المصلين والعالم؛ وبعد اشتباكات عنيفة دارت عند حدود «الكوفة» أعلنت فيها انه لن تحل «جيش المهدي» وتكرر هذا الإعلان مراراً، متحديا «الأميركيين» بذلك وأبديت رغبة في ان يعتقلوك أو يقتلوك على أن تفعل ذلك وهذا في حد ذاته موقف بطولي نحسدك ويحسدك العالم عليه. كما هددت بـ «إضراب عام» يشل الحياة في العراق. وهاجمت «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق» الذي يشارك في «مجلس الحكم» (قبل تسلم السلطة) في الوقت ذاته هدد «من جهته، ممثل آية الله السيد علي السيستاني في النجف من ان عصيانا مدنيا سيعلن في حال اقتحام قوات التحالف كربلاء أو النجف». وهذا التهديد لا شك عزز من موقفك، وقد ذكرني بموقف رجل قرشي هاشمي عظيم إذ قال: «والله لو أعطوني الشمس في يد والقمر في يد على أن أترك هذا الامر ما تركته» وقد سانده وعاضده رجل قرشي عظيم هو الآخر. كما طالبتكم «الحوزة العلمية في النجف»، «عدم اللجوء الى العنف ضد التحالف لتفادي سفك الدماء في حرم الامام علي وقالت في بيان نشرته صحيفة «الوطن» الكويتية في صفحتها الأولى: «اذا رفضتم وقررتم المواجهة فغادروا الى خارج المدينة وقاوموا المحتل هناك إذ لا بشر ولا بناء... لكيلا تحملوا غيركم نتيجة قراركم».

المشكلة الحقيقية التي واجهها «الحاكم المدني» يوم ذاك «بول بريمر» تكمن في عدم معرفة ونقص في خبرته للشيعة في «العراق» ناهيك عن الفكر الشيعي عموماً والمشكلة الشيعية والإسلام الشيعي السياسي في «العراق»، «صدام حسين» كان يفاخر بانه أحد القلائل الذين يعرفون الشعب العراقي حق المعرفة، و«بريمر» لا يلام في ذلك لأنه كما قال الكاتب المتميز «عادل رؤوف» في كتابه عن «العمل الإسلامي في العراق»، «ليس من السهل استنتاج تصوّر دقيق للمفارقات الخطيرة والكبيرة التي مرّ بها العراق خلال القرن الماضي، ليس في إطار العمل الإسلامي فيه، وإنما في إطار أزمة هذا البلد الكلية، وأوجه هذه الأزمة وانعكاساتها الداخلية على الخارج، أو تحديد وتكوين أبعادها الخارجية، فلقد بات واضحاً أن هنالك مأزق فهم لواقع العراق على ضوء حال هذا البلد الذي دخل القرن الواحد والعشرين محطماً، بعد سلسلة من الحروب والكوارث والحصار الاقتصادي، وآثار ذلك النفسيّة والمجتمعية، فمثلما هو استقبل القرن العشرين بواقع من التخلّف والحروب على أرضه، أو حروبه مع هذا الخارج فإنه استقبل القرن الجديد وهو متخلّف عن حركة العالم العلمية، ومكبّل بأعباء حروب أعادته قرناً إلى الوزراء، ويعيش حصاراً ودماراً مرعباً». في هذا الواقع المؤلم يقول «مصطفى كاظم» محرر في الـ «بي بي سي» «تعرضت الطائفة الشيعية في العراق في الحقبة الماضية لإجراءات سعت للحد من نفوذها لعل أهمها الحرمان من المشاركة الفعالة في الحكم. فلم يحظ الشيعة كسكان في العراق بتمثيل في المؤسسات السياسية بما يتناسب مع حجمهم».

مع هذا فقد لعبت «الحوزة» في تاريخ العراق جميعه ناهيك عن تاريخ العراق الحديث المتشابك بأطياف فكرية وعشائرية وعرقية دوراً «سياسيا مهما لعل أبرز معالمه ثورة العشرين التي اندلعت العام 1920 ضد الاحتلال البريطاني». (مصطفى كاظم)

و«ثورة العشرين» هي إحدى أبرز الثورات في تاريخ «العراق»، ولكن قبل الحديث عن هذه الثورة دعونا نذكر العرب الذين يبدو انهم نسوا، وكم هم مسلحون بنعمة النسيان أن رجال «العراق» من الشيعة الابطال ثارت ثائرتهم عندما غزت «إيطاليا» في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 1911 ليبيا «العظمى» الآن، قد وقع جميع كبار علماء الشيعة «فتوى تدعو الى الجهاد ضد ايطاليا»، وقد قيل شعر كثير بهذه المناسبة هنا قطرة:

«عرب على قسمات وجه وليدهم

متبـــين عنـــــوان طــــيب المولــــد

أبني العـرب لا بــراح عن الحــرب

ولا عـــــــــن الفخــــــــار براحــــــــا

أجهلتـــم بأنــــنا مــــذ خلقــــــــــنا

عــــرب ليــس يــنزل الضــيم فينا

(ليت الشاعر يعلم الآن كم من الضيم ينزل بأبناء العرب)

ثلاث سنوات بعد ذلك التاريخ، أي في السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني 1914 نزل أول أفواج «الجيش البريطاني» الذي اتى لاحتلال «العراق»، وجاهد شعب «العراق» يوم ذاك أيما جهاد في كفاحه ضد الغزو والاحتلال البريطاني ودعا إلى الجهاد «في كل مسجد من مساجد العراق» وكانت «ثورة العشرين» هي الراية الأعلى. وقاد «جعفر أبوالتمن» المجتمع إلى الثورة ضد المحتلين والغزاة، جميع هؤلاء الذين قادوا الثورة حالفهم النصر لكونهم واسعي الصدر والحكمة. لقد قاد المجتهد الشيخ «جعفر كاشف الغطاء» مجتمعه لحماية «النجف» وتعاون «الزغرات» و«الشمرات» لطرد «الاكراد» العام 1915. وها هم المتوهمون الآن لا يريدون لأهل العراق إعلان الجهاد ضد من يغزو ويحتل ويعين «مجلس حكم» ويسير جيوشه في كل زقاق وشارع و«هاي وي» إن وجد «هاي وي» في العراق لم تقصفه تلك القوات في اقتحامها معقل العرب. قال الشعراء يوم ذاك:

«يارجال العراق لستم يتامى

لتؤدوا (وصــاية) في العــراق

لا هنـــئتم بمــاء دجلــة يومــاً

إن رضيتم بالذل والارهـــاق»

هكذا صاغ «محمد حبيب العبيدي» شعره في ذاك الزمان، أما الآن فالشعر يصدح في فضاء الأمة يستنهضها من عثرتها، فهل يستطيع؟ نترك الزمن والتاريخ ليجيبا على ذلك مع إيماننا بأنه يستطيع.

ولا ننسى أن نذكر أن في ذلك الزمان، زمان الاستعمار والاحتلال طرحت مؤلفات عظيمة دعت إلى وحدة السنة والشيعة، منها كتاب «محمد حسين كاشف الغطاء»: «الدين والاسلام أو الدعوة الاسلامية» وها نحن الآن نرى ثمرة ذلك الاجتهاد إذ تتكاتف الجهود وتتلاقح الافكار وتتعاضد الاكتف والزنزذ حاملة السلاح من كل نوع.

أما في نهاية القرن السابق أي القرن العشرين «سلطت الحكومة السابقة ضغوطا كبيرة على المرجعية الشيعية تمثلت في اعتقال واغتيال وقتل عدد من أبناء الأسر الكبيرة كأسرة الحكيم وأسرة آل الصدر التي قتل منها العام 1980 آية الله محمد باقر الصدر، وهو صاحب مؤلفات في الفكر الإسلامي بينها «فلسفتنا» و«اقتصادنا»، والمرجع الأعلى محمد صادق الصدر الذي اغتيل العام 1999 بعد إصراره على إقامة صلاة الجمعة للشيعة وإمامتها في مسجد الكوفة، الأمر الذي أثار غضب النظام الحاكم حينذاك خوفا من أن تتحول إلى حافز للتمرد». وفي مارس/ آذار 1991 «قصفت القوات العراقية الموالية لـ «صدام» الثوار الشيعة في أضرحة ومساجد «النجف» و«كربلاء» داكة المدينتين بنيران المدفعية والدبابات» وكانت تلك الاعمال «وحشية» وانطلقت شعارات تردد بصوت عال: «لا شيعة بعد اليوم» وشبه ما كان يجري بأعظم مما فعله الجيش الالماني بلندن. ولقد اصطف كثيرون مع السلطة تلك التي رأسها «الطاغية» وهم الى الآن على استعداد للاصطفاف إلى جانب أية سلطة تطيح بكم (الصدر) وبموقفكم الانساني البطولي لذلك نرى أن تلتزموا بسعة الصدر وسعة الأفق وروح التسامح عن صغائر الأمور من أجل الحقيقة القائلة «إن المسئولية عن مصير العراق تكمن أساساً بيد الشيعة. واليوم يواجه العراقيون داخل البلاد وفي المنافي أصعب امتحان لهم حتى الآن: أن يثبتوا بشكل مقنع ان قيادة عراقية جديدة ذات صدقية يمكن ان تنبثق، قيادة يمكن ان تكون بديلاً عن البعث ويمكن ان تشرف على انتقال العراق الى دولة تراعي المصالح المتنوعة للشيعة والسنة العرب فضلاً عن مصالح الأكراد». (المصدر: اسحاق نقاش «شيعة العراق»)

تقول الورقة التي تنشرها «الولايات المتحدة الأميركية» عن «مبادئ الديمقراطية» ان قضايا الحرب والسلم من اصعب القضايا التي تواجهها أية دولة وأكثرها أهمية، ففي مثل هذه الاوقات تتجه كثير من الدول إلى قواتها المسلحة لتوليها زمام القيادة والتحكم في الامور. غير أن ذلك لا يحدث في الدول الديمقراطية لكون قضايا «الحرب والسلم» أو «التهديدات التي يتعرض لها الأمن القومي»، «لا يقررها أحد سوى الشعب عبر ممثليه المنتخبين» وفي النظام الديمقراطي تقوم «القوات المسلحة»، «بمهمة خدمة البلاد لا قيادتها. والقادة العسكريون يقومون بتقديم المشورة للقادة المنتخبين وتنفيذ قراراتهم. وأولئك القادة المنتخبون من قبل الشعب هم فقط الذين يمتلكون سلطة، ويتحملون مسئولية، تقرير مصير البلاد» و«إن فكرة سيطرة المؤسسة المدنية على القوات المسلحة تمثل مبدأ جوهريا من مبادئ الديمقراطية» وإن «حكم الغالبية ومبدأ حماية حقوق الأقلية» عمودان تقف عليهما الديمقراطية وأن من بين حقوق الإنسان التي يجب على أية حكومة كانت أن تحميها وترعاها: «حرية الكلام والتعبير والحرية الدينية وحرية المعتقد؛ والإجراءات القضائية المتبعة والحماية المتساوية بموجب القانـون؛ وحرية التنظيم، والتصريـح بالـرأي، والمعارضـة والمشاركـة مشاركـة كاملة في الحياة العامة للمجتمع». ان الديمقراطية المتسامحة والجاهدة في ايجاد الحلول الابداعية لمشكلات المجتمع ومشكلات الغالبية والمنفتحة على كل أبواب النقاش ونوافذه هي التي ستنتصر في النهاية على نفسها وخصوصا على جميع المشكلات التي تواجه المجتمع التي تقوده. في العراق لا «قوات مسلحة» ولا «ممثلون منتخبون» فلذلك الصعوبة هنا مضاعفة. المشكلة الحقيقية التي تواجهكم وتواجهنا أنه لم نر أحداً يعمل بما تسطره الكتب من حروف من نور تلك التي كانت تتدول في حياة التاريخ وتلك التي تتداول في نهاية التاريخ وموته وبروز السوبرمان الذي لا يُقهر.

لقد قال آية الله «محمد حسين كاشف الغطاء» قبل ذلك بكثير ان أي خطر لا يندفع عن الاوطان «إلا بتحقيق حرية الشعوب والعدالة الاجتماعية وقلع جذور الظلم والعدوان وقمع رذيلة الحرص (الشره) على حق الغير والتجاوز عليه، فهل أنتم يا معشر الأميركان ويا حكومة الولايات المتحدة ويا دولة الانجليز، هل أنتم واجدون تلك الصفات؟ وهل عندكم شيء من القيم الروحية والمثل العليا؟ وهل أبقيتم للقيم الروحية قيمة؟!، وقديماً قال الحكماء: ان فاقد الشيء لا يكون معطياً، أليست أعمالكم الفضيعة وضربتكم القاسية للعرب والمسلمين في فلسطين قد سوّدت وجه الدهر وألبست الأعصار جلاليب الخزي؟» وهذا الخطاب الموجه بشكل صريح آنذاك لم تنتبه له «أميركا» وهي اليوم إن كنا نقرأ ما يجري على الساحة العراقية قراءة صحيحة لا لبس فيها من ناحية الشكل والمضمون لن تنتبه إلى ما يجري كما هي لم تنتبه لما جرى في فيتنام ولبنان والصومال وغيرها من دول على المضمار نفسه.

يذكر جميع المحللين السياسين أن «الولايات المتحدة» تواجه «مأزقاً طويلاً وصعباً مع المقاومة في العراق» هذا على الصعيد العسكري، كما هي تواجه مصاعب جمة على الصعيد الاقتصادي والتربوي والفكري والديني والعرقي وما يسمونه الطائفي، هذه حقيقة يعرفها الجميع بما فيهم أميركا، غير إنه لا ينتصر فيها من لا يمتلك سعة الصدر والنفس الطويل. أميركا لم تكن تمتلك سعة الصدر والنفس الطويل من قبل وليس في اعتقادنا أنها ستمتلكه الآن ولا في المستقبل المنظور في الشأن العراقي. نعلم أن الاشتباكات الكثيرة بين مناصيريكم وقوات الاحتلال ادت إلى قتل كثير من الرجال والنساء والاطفال وهدم كثير من المنازل والمساجد وغيرها من أماكن مقدسة تم انتهاك حرمتها. ونعرف ان الجيش العراقي الذي أنشأته قوات الاحتلال رفض القتال إلى جانب قوات التحالف فهو لن يطلق رصاصة واحدة ضد مواطن عراقي ناهيك عن أن يكون هذا المواطن من عشيرته أو من طائفته الاسلامية الكبرى أو من قوميته. نعرف أشياء كثيرة تشير إلى انتصاركم شريطة سعة الصدر وطول النفس.

في 17 يناير/ كانون الثاني 1991 بدأت قوات الولايات المتحدة والحلفاء ضرب بغداد وأهداف أخرى من العراق والكويت بموجات من الغارات الجوية. هكذا بدأت حرب الخليج من اجل تحرير الكويت. لقد تحدى «صدام حسين» كل شيء وشق صفوف العراقيين من أكراد وشيعة وسنة وبابليين وآشوريين وأصحاب الدار. لقد كان الرئيس بوش الأب يخاف «من تمزق العراق» وكانت «الولايات المتحدة» تتبع سياسة «رفع اليد»، «صدام حسين» لم يحسن قراءة الصورة ولم يحسن قراءة الكلمة ولم يحسن نعمة الاصغاء لصوت العقل، «صدام حسين» الذي «ارتقى إلى السلطة من طفل فقير يطلق الرصاص على هاشات أهله وذويه ليصبح حاكماً مطلقاً» تحوّل بعد ذلك «عبر تاريخه الحافل بالحوادث من حليف للغرب إلى عدو يخشاه الغرب ويحتقره»! حاول أن ينتقم من الغرب ومن بعض أصحابه العرب فخسر كل شيء ولم يربح نفسه التي هي تتألم الآن أيما ألم.

نعرف حق المعرفة ان الانتقام لا يقدم عليه إلا الانسان غير النبيل أما النبيل فمهمته في الحياة أكبر من الانتقام، مهمته الاساسية زرع الحياة الجميلة بورد جميل لا بالشوك الذي يدمي القلوب قبل الأصابع التي لعبت بالنار والتي لم تلعب بها.

نحن نعلم وأنتم لا شك تعلمون أن الأخذ بالثأر والانتقام هي من شيم الصغار: صغار العقل وصغار الهدف. نعلم بأنكم تعلمون إذ إنكم من سلالة آل بيت النبوة الذين تعذبوا على مدى التاريخ الاسلامي كله من طغاة كل منهم يصبح أكثر طغيانا من سابقه، ونعلم ان جميع أهل بيت النبوة ابتعدوا عن الأخذ بالثأر والانتقام متسلحين بتلك المقولة العظيمة التي يرجع صداها زمنا بعد زمن: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» تلك المقولة التي عفت عن كل أفعال الطغاة والجبابرة والمتوهمين بالسلطة والقوة. نعرف انكم أكبر من أن تنتقموا من «صدام» «الطاغية» وأعوانه «الطغاة» نعرف انكم أيضا أكبر من أن تنتقموا ممن ساهم في تسمين الطغاة عبر التاريخ وتمويلهم بكل ما يحتاجونه من أدوات ظلم الناس وتعذيبهم. نعلم انكم سترسمون صورة جديدة للإسلام المتعالي عن صغار الافعال وأصحابها، الاسلام المتسامح مع جميع ألوان الطيف الفكري.

كلمات أخيرة لابد من قولها:

يحاول «المحتل» أن يقدم لكم ما يرى انه يستطيع من خلاله شراء ذممكم وشراء بلدكم وشراء شرفكم وشراء مستقبلكم فإياكم إياكم القبول بها وتذكروا أقدم نصيحة لأحد أبطال العراق الذي خير بين «الزيت والملابس» أو الموت:

«عندما يقدمون لك خبز الموت،

فاياك أن تأكله.

وعندما تعرض عليك مياه الموت،

فلا تشربها...

نصيحتي هذه التي قدمتها اليك، لا تتجاهلها؛

والكلمات التي بها خاطبتك تمسك بها بقوة!»

نحن لا نريد أن ينكسر ظهرك وتقل حيلتك ويشمت بك الأعداء، نحن نريد لك النصر ورفعة الرأس والجنة التي يحن قلبك إليها منتصراً على كل أشكال الظلم والاستهجان بالإنسان.

في شارع «السعدون» المؤدي إلى ساحة الفردوس وفي شوارع كثيرة في أنحاء العراق «تمرق سيارات كثيرة محملة بمئات الشباب الذين تقل أعمارهم عن العشرين، وفي سرعة البرق يسد هؤلاء مداخل الطرق وينزلون إلى الساحة وهم يرددون «عاش... عاش... عاش الصدر، أميركا والمجلس كفر». (المصدر: شبكة الجزيرة)

سيظل أنصارك يرددون «عاش... عاش... عاش الصدر، أميركا والمجلس كفر».

وستظل أنت تردد: «سنكون قنابل موقوته في وجوههم» إلى أن يمنحنا الله النصر.

سيكون النصر حليفكم. وسيكون هذا النصر كبيراً بقدر كبر سعة صدركم. فليكن الصدر واسع الصدر في كل الظروف حتى تلك الحالكة منها.

كلمة أخيرة نرجع صداها لجدكم الإمام علي بن أبي طالب (ع): «أول عوض الحليم عن حلمه أن الناس أنصاره»

العدد 721 - الخميس 26 أغسطس 2004م الموافق 10 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً