حقق العرب في أولمبياد أثينا حتى يوم أمس (أي قبل ثلاثة أيام من الختام) ثلاث ميداليات، اثنتان منها ذهبية عن طريق المتألق المغربي هشام الكروج والإماراتي أحمد آل مكتوم، وفضية بواسطة المغربية الشابة حسناء بنحسي، بالإضافة إلى الميداليات التي ضمنها الملاكمان المصري أحمد السيد والسوري الشامي بتأهلهما للدور نصف النهائي. وعلى أبعد تقدير سيتمكن العرب مع نهاية الأولمبياد من تحقيق 6 ميداليات.

ولو قارنا هذا الحصاد البسيط مع حصاد سباح واحد من الولايات المتحدة الأميركية لأدركنا الفرق الشاسع في الرياضة بين الدول العربية والدول المتقدمة وخصوصاً أميركا. فسباح أميركا الأول مايكل فيلبس الذي يبلغ من العمر 19 عاما حقق لبلاده في أولمبياد أثينا 8 ميداليات منها 6 ذهبيات وفضيتان، ليتجاوز لوحده العدد الذي يطمح إلى تحقيقه كل الرياضيين العرب في أثينا.

من ذلك نرى كيف تصنع الدول المتقدمة رياضييها ليكونوا مؤهلين لتحقيق إنجازات مذهلة وهم في سن صغيرة، وهذا ينطبق أيضا على السباح الإسترالي الشهير ثورب الذي حقق أربع ميداليات في أثينا، ومثلها في سيدني قبل أربعة أعوام ويومها كان عمره 22 عاما. هذا الفارق الكبير يدق جرس الإنذار لمستقبل الرياضة العربية العاجزة عن توليد الأبطال المنافسين بشكل دائم، وإذا حققنا ميداليات فإننا نحققها بجهود استثنائية ومن خلال موهبة استثنائية مثل المغربي الرائع هشام الكروج. ولكن بذهاب هؤلاء الأبطال تظل رياضتنا عاجزة عن إيجاد البديل وذلك لغياب المصانع الرياضية الحقيقية القادرة على توفير الاستمرار خارج نطاق المواهب التي تظهر بين فترات متباعدة. فالولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا واستراليا تجدها دائما على قمة ترتيب جدول الميداليات وقادرة على تحقيق الإنجازات في جميع الألعاب، ليس لأنها تملك أفراد غير عاديين ونحن لا نملكهم، ولكن لأنهم يملكون بيئة مناسبة وداعمة للرياضة ومصانع رياضية قادرة على تأمين الاستمرار وصناعة الأبطال الجدد جيلا بعد جيل، من دون انتظار لفترات زمنية بعيدة ليخرج من خلالها أفراد يمتلكون إمكانات خاصة تؤهلهم لخطف الميداليات، مثلما ينتظر العرب منقذهم من جيل إلى جيل