العدد 721 - الخميس 26 أغسطس 2004م الموافق 10 رجب 1425هـ

حصالات من تايلند إلى قبرص!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هذا المنظر شاهده الكثيرون من المسافرين عبر أقطار الأرض، وفي الكثير من دول العالم النامي والمتقدم، إذ تستقبلك بعض الصناديق الخشبية أو البلاستيكية أو الزجاجية في قاعات المسافرين، سواءً كنت مسافراً إلى تايلند أو قبرص أو تركيا أو ماليزيا، تم وضعها لاستقبال التبرعات لأعمال الخير والبر، في نَفَسٍ إنساني جميل يخاطب نزعة الخير في النفس البشرية، بغض النظر عن دينه أو مذهبه أو جنسه أو جنسيته، بلغة مهذبة وصامتة، وتدعوه إلى أن يكون ايجابياً لا متفرجاً. والمسافر الذي سينفق المئات أو الآلاف من عملة بلاده، لن يتوانى عن التبرع ببعض «الفكة»، التي ستجتمع منها مبالغ كبيرة ستذهب لأعمال البر والاحسان وبرامج الإغاثة والعون وحتى تدريس أبناء الفقراء والنجدة في أيام الكوارث.

هذه الفكرة ليست مستوردةً ولا هي بدعة، ولن تكون موضع اعتراض أحد، فهي تلتقي في الصميم مع ما يدعو إليه الإسلام، هذا الدين الحنون الجميل. فمن الوصايا الإسلامية للمسافرين «التصدق»، دفعاً للبلاء وتسهيلاً لأمور السفر، منذ أيام الجِمال. وإذا كانت المشقة تقلصت اليوم، فإن الأخطار زادت بعد أن حلّت الحافلات والطائرات محل النياق. ومن شأن هذه الفكرة الجميلة أن تدرّ مبالغ كبيرة تدعم العمل الخيري في البحرين. قبل سنوات حاولت بعض الصناديق الخيرية أن تضع بعض الحصالات في المنفذ البري الوحيد في البحرين: الجسر، ولكن أثيرت إشكالات عدة بعضها يحمل بعض الوجاهة: كيف نعطي هذا الصندوق دون غيره؟ وإذا فتحنا الباب كيف نغلقه؟ وأين سنضع أكثر من 50 حصالة؟ وكيف سيتم جمع هذه الأموال بطريقة سلسة؟ وكيف نضمن حسن استخدامها؟

كان عدد الصناديق الخيرية آنذاك لا يزيد على 55، ولكن وصل العدد الآن إلى 77، أي بزيادة 22 صندوقاً خلال ثلاث سنوات. وبالتالي سيتكرر طرح الاشكال والأسئلة السابقة، وقد تبرز بعض الخلافات. ولكن ربما سيوفر إشهار اتحاد الصناديق الخيرية إجابة جيدة على هذه الأسئلة. فبوجود حصالات خاصة تحمل شعار الاتحاد، ستكون هناك جهة مركزية موثوقة تمثل هذه المؤسسات، وتتولى جمع الأموال بطريقة منظمة، ويمكن للجهات الرسمية أن تراقب صرف هذه الأموال لتحقيق مبدأ الشفافية والعدالة في التوزيع، إذ المطلوب أن توزّع محاصصة على جميع المؤسسات والجمعيات الخيرية، من الطائفتين، بغضّ النظر عن انتمائها إلى الاتحاد، حتى لو تطلب الأمر النشر الدوري في الصحف أولاً بأول. وهذا يستدعي توافر قاعدة بيانات معتمدة وموثوقة بشأن ثقل كل مؤسسة وحجم القطاع البشري الذي تخدمه.

وإذا كان من المحزن ما انتهى إليه أمر الاتحاد أخيراً، من عدم الاجتماع على كلمة واحدة، وبقاء الاختلاف سيد الموقف، فإن الواقع يستدعي أن يبدأ هذا الاتحاد المرتقب بخطوات مدروسة، متأنية، فالمجال أمامه واسع، والآمال المعلقة عليه كبيرة. وهناك أعمالٌ لا يمكن للصناديق القيام بها فرادى، وما قضية الحصالات إلاّ واحدة من الامثلة التي نفكر فيها، ونأمل أن يهتم بها المعنيون بالعمل الخيري في البلاد، من أجل النهوض بالعمل النافع المفيد لقطاعات كبيرة من أبناء هذا المجتمع العزيز.

الكرة في ملعب الصناديق، عليكم ان تتحركوا لتقديم الطلب مجدداً كجهة أهلية تعمل على خدمة الصالح العام، للحصول على موافقة الادارات المشرفة على مداخلي البلد، الجسر والمطار. ألا قد بلّغت؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 721 - الخميس 26 أغسطس 2004م الموافق 10 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً