العدد 720 - الأربعاء 25 أغسطس 2004م الموافق 09 رجب 1425هـ

الشعر والتلقي

حسين السماهيجي comments [at] alwasatnews.com

لا شكّ أنّ خطاطة التواصل بين «الباث» باعتباره طرفا مرسِلاً و«المتلقي» باعتباره طرفًا مستقبِلاً للكلام في الأحوال الاعتيادية، تختلف عن الخطاطة التواصلية التي تعتمد «النص الشعري». وأنا هنا أكد على عبارة «خطاطة التواصل الشعري» بما هي منحدرة عن أفق تواصلي أعلى هو «التواصل الأدبي»، وبما هي شكل من أشكاله الكثيرة. هذا مع الالتفات إلى أن «التواصل الشعري»، هو أيضًا، يأخذ أشكالاً معددة.

وما يلفت النظر، هنا، أي في عملية التواصل الشعري، أن أطراف الخطاطة التواصلية قد يجري إحلال عناصر متعددة ومتغايرة في وظيفتها محلَّها، ولكنْ، بما يتيح إمكان تواصل شعري فعّال، يمكّنه من تحقيق وظائف متنوعة، تعيد، هي، بدورها، تخليقَ خصائص الأطراف الثلاثة الأساسية بما يتناسب واللحظة الجمالية والوظيفية، وهذه الأطراف الثلاثة هي:

الشاعر «باثّ النص» النص المتلقي

ولنا أن نتذكر، دومًا، أن هذه الخطاطة لم تنكسر قط، وأنْ لا حياة للنص إلا بطرفيه الآخرين. وإذا كنّا غير معنيين، في هذه اللحظة، بالذهاب بعيدًا في درس أشكال التواصل الشعري في المطلق، فإننا معنيون - لاعتبارات شتى - بإعادة النظر والتأمل في هذه العملية ضمن السياقات المتصلة بنا، سواء على مستوى كتابة الشعر أو على مستوى التنظير والنقد لقضاياه التواصلية.

هنا، بالضبط، ستذهب هذه الكتابة لملامسة تخوم هذه القضية المعقدة بما ينطلق من واقع التجربة الخاصة والعامة في كتابة الشعر وتلقيه. وسننصرف إلى الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع، محاولين الوفاء لها بقدر ما تتصل بنا منذ لحظة الحداثة الشعرية العربية - التي سأحددها، إجرائيا، بلحظة انكسار النموذج التاريخي نهاية الأربعينات من القرن الماضي، مع ما رافق ذلك كله من انزياحات وعودات متعددة -. أشير إلى أنّ اللجوء إلى هذا القيد الإجرائي إنما يأتي بغرض عدم الوقوع في شرك الخلافات التي لا تنتهي على موضوعة «الحداثة الشعرية العربية» وتاريخيتها، ومن أراد ذلك فليطلبه في مظانه. سأحاول، أيضًا، استثمار تاريخٍ طويلٍ وممتدٍّ من «التواصلية الشعرية» التي لا نزال نحياها بصورة مستمرة، معتمدًا في ذلك على نموذج قدّمته البحرين، ولاتزال. وهو نموذج يطرح الكثير من الأسئلة على المشهد الشعري المعاصر الذي أغفل الكثير من الإنجازات التاريخية وأعرض عن استثمارها. مع محاولة الانطلاق، من ثَمَّ، إلى آفاق أرحب.

تبقى ملاحظة أخيرة، تتمثل في أن بعض جوانب هذا النقاش قد تتصل اتصالاً مباشرًا بميدان الدراسات الثقافية... وهي دراسات تتغيّا في بعضٍ من جوانبها الوقوع على الأنساق الخاصة التي تتحرك من خلالها النصوص الشعرية وأشكال التلقي الخاصة بها

العدد 720 - الأربعاء 25 أغسطس 2004م الموافق 09 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً