العدد 720 - الأربعاء 25 أغسطس 2004م الموافق 09 رجب 1425هـ

العازف البولندي دريونوفيسكي في أصيلة

أصيلة (المغرب) - مصطفى العسري 

تحديث: 12 مايو 2017

بعد الليلة البحرينية الخليجية وليلة موسيقى الفلامنغو، وليلة الموسيقى الأندلسية المغربية وليلة المعزوفات المكسيكية، احتضن قصر الثقافات التاريخي ببلدة أصيلة شمال المغرب ليلة الموسيقى الكلاسيكية، التي استطاع فيها عازف البيانو البولندي مارك دريونوفيسكي شد اهتمام مستمعيه من سكان أصيلة وضيوفهم.

فقد استطاع العازف دريونوفيسكي أن يهدي الحاضرين لحظات انتشاء حقيقية، حلق خلالها بهم إلى عوالم أخرى أنستهم خلافاتهم الفكرية وهم الخارجون على التو من ندوة فكرية تخص آمال إفريقيا الضائعة التي حفلت بالآراء المختلفة والطروحات المتابينة.

وبدا وكأن على دريونوفيسكي أن يوحد بين الآراء ويقضي على التعب الذي ألم بالنفوس في انتظار ندوة أخرى وبدا أيضاً أنه نجح في ذلك بامتياز. فقد خاطب الحاضرين بأنامله التي ينقر بها بمهارة على آلته الموسيقية لتخرج ألحاناً غاية في العذوبة تنساب عبر فضاء القصر ومنه بين خلجات النفوس لتحملها إلى عوالم الصفاء والانتشاء.

وللمكان هيبته وحضوره، فقصر الثقافة بمعماره الأصيل وزخرفته العربية المتميزة أضفى على الفضاء روعة وبهاء. ومع المقطوعات الغربية التي يعزفها دريونوفيسكي بدا للحاضرين وكأن الأمر يتعلق بحوار خاص جداً بين الحضارات أو بالأحرى بين التعابير المختلفة لهذه الحضارات، المعمار المغربي، واللمسات الأندلسية والموسيقى الكلاسيكية.

الحاضرون ليلتها كانوا في مجملهم ممن شاركوا في ندوات أصيلة، وآخرون ممن استهواهم سحر المدينة فجاءوا ينشدون لحظات صفاء بين أهلها الودودين ومع كل مقطوعة تنتهي كانت التصفيقات ترتفع ممزوجة بباقات الورد التي تحمل تعابير العرفان بجمالية اللحظة التي صنعها هذا العازف البولوني.

مارك دريونوفيسكي لم يفعل في هذه الأمسية أكثر من إعادة أداء أعمال لكبار سبقوه مثل موزار وسكارلاتي وشوبان. لكنه لم يفعل ذلك بابتذال، بل أحسن أداء لشوبان كما يعرف بذلك.

هذا الأداء المتميز لم يكن صدفة، فمارك الذي ولد بولندا العام 1946 يجر وراءه نصف قرن من الأداء الموسيقي، إذ بدأ رحلته الطويلة مع عالم البيانو منذ أن كان في سن الرابعة. ومنذ ذلك الحين، تتلمذ كما تحكي ذلك سيرته الذاتية على عازف البيان الشهير زيبينيو ديويكي أستاذه بأكاديمية ريزارد باكست. وواصل المشوار الذي ربطه بهذه الآلة الساحرة فتابع دراسته بالمدرسة العليا وحصل على شهادته بامتياز كبير.

وسجل دريونوفيسكي 12 مقطوعة قصيرة وطويلة «سوناتات»، وأسس مهرجانات هافمان وبوديريوسكي بمدينة ناليشو، وحصل على الكثير من الجوائز وحصد الكثير من الإعجاب





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً