لعل الدعوة التي أطلقها رئيس تحرير «الوسط» منصور الجمري للأخوة الأعزاء بشأن حمل الرايات المختلفة، تعبر عما كنا (كاتب السطور ومجموعة من مثقفي الطائفتين الكريمتين) نتحرّج من طرحه بينما هي تدافع عن أحقية المواطنين جميعاً في الخدمة في القطاع العسكري بشقّيه الدفاع والداخلية والقوة المساندة لهما (الحرس الوطني)، إذ تطرّق رئيس التحرير إلى موضوع جدّ حساس، وتحسب له هذه الصراحة، وأعانه الله على مختلف المتاعب التي سيلقاها، من المشاكسين الذين يسترسلون في الطعن والسباب والإرهاب النفسي والفكري، متعذّرين ومتعللين بحرية الرأي وغيرها من حجج واهية، وهي حرية مذمومة لا تنتج تآلفاً اجتماعياً، علاوة على أنها حرية خارجة عن النظام العام لمجتمعنا البحريني المتآلف اجتماعياً، فالفكرة الجديدة أو الجريئة لابد وأن تُثير غباراً من حولها.
وما كتبه الجمري في شأن رفع الرايات المختلفة عن راية البحرين، هو انه سلوك غير سليم، فالبحرينيون جميعاً يفخرون بعلم بلادهم، وهم كذلك يفخرون بحمل جنسية موطنهم، ويطمحون في حمل راية الشرف في الدفاع عن البحرين والانخراط في صفوف قوة دفاع البحرين، أو في المحافظة على أمن مجتمعهم بالانضمام لسلك وزارة الداخلية وأيضاً الحرس الوطني. وكثيراً ما ألتقي مثقفي الطائفة الشيعية الكريمة، وفي مرات كثيرة هم ينكرون هذا التصرف ولا يحبذونه، ولكن من يجرؤ على الكلام؟ وها هو منصور ابن الشيخ عبدالأمير الجمري يقتحم هذا الباب، الذي الكل من الولوج فيه هياب، وقديماً قيل «ما تخف منه اقتحمه»، وبما أنه فتح الباب على مصراعيه في هذا الجانب، نتمنى أن يستمع الإخوة الأعزاء لندائه.
وعلى الخط ذاته، وعن هاجس توظيف البحرينيين في سلك الدفاع والداخلية، مازال الإخوة في وزارة الداخلية يصمون آذانهم عن النداءات المتكررة والمستمرة في الصحافة، ولم يلتفت الوزير إلى أمر هؤلاء الأجانب الذين هم واقفون على مداخل ومخارج البلاد، في المطار كما على جسر البحرين والسعودية، ولا نعلم متى سيتم بحرنة تلك الوظائف، فالمسافر أول ما يلفت نظره عند دخول البلاد شخص أجنبي، وآخر من يودعه من البلاد شخص أجنبي، فهل عجزت البحرين أن تقوم بتدريب بحرينيين للقيام بمهمات هذه الوظيفة؟
ولو امتزجت النوايا الحسنة عند الجانبين (الوزراء والمراجع الدينية في البحرين) فإن إشكالية التوظيف في الدفاع والداخلية والحرس الوطني في طريقها إلى الحل، فالشيعة ليسوا حكراً في أرض البحرين فقط، فإنهم في الكويت كما في عمان والإمارات، في كل تلك الدول يتمّ توظيفهم في الوظائف العسكرية، ومع ذلك هنا في البحرين لا يتم توظيفهم لماذا؟ إذا كان المقصود الولاء فلا ضامن للولاء، بل حتى الأب لا يضمن ولاء ابنه للفكرة نفسها التي يؤمن بها، ورأينا ذلك في إحدى الدول القريبة وعلى أعلى المستويات، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى لا يمكن التشكيك في ولاء المرء لمجرد دينه أو مذهبه، ولا يمكن تعميم فكرة عدم الولاء على طائفة بأسرها، وفي الوقت نفسه هناك عمل ما مطلوب من المراجع الكرام تأديته تجاه هذه القضية المفصلية في حياة المرء، وهناك أيضاً عمل من الممكن أن يقوم به المثقفون من أبناء القوم بتأديته تجاه أهليهم وذويهم، في هذه القضية تحديداً، والقيام بكشف أبعاد وخطورة مثل تلك التصرفات وضررها على أبناء الطائفة الكريمة، وتلك التصرفات لم يجن منها أبناء الطائفة شيئاً!
وتبقى المواطنة الحقة هي مطلب الجميع، المواطنة التي ليس فيها انتقاص من كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية، لمجرد دينه أو مذهبه أو لونه أو عرقه أو قبيلته. وهي ما نتمّنى تدريسها مع دعوة جلالة الملك لتدريس «النظام السياسي والدستوري» في المدارس والجامعات
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 717 - الأحد 22 أغسطس 2004م الموافق 06 رجب 1425هـ