كثيرا ما نسمع عن ندوات ومحاضرات يتحدث فيها اقتصاديون وتبحث فيها أوراق عمل عن الاقتصاد والبطالة وغيرها من الأمور الاقتصادية (ويهمنا هنا الاقتصاد) وكل ذلك من أجل هدف هم يدّعون أنهم يعملون من أجله وهو رفعة الوطن وخدمة المواطنين، ولذلك فهم يطرحون الجوانب السلبية في هذه المجالات، بعضها أخذت من دراسات لا تمت إلى الواقع الذي نعيشه وقد يكون عملهم بحسن نية وللتعريف بأنفسهم باعتبارهم اقتصاديين، ولكن الشيء الذي خفي على هؤلاء هو أنهم يؤججون مشاعر المواطنين وخصوصاً فيما يتعلق بقضية البطالة ويزيدون النار لهيبا ولذلك تكون عادة النتيجة عكسية والأجدر بالمتحدثين أن يساعدوا الشباب على إنارة الطريق أمامهم وتشجيعهم بالانخراط في فرص العمل المتاحة للتخفيف من وطأة هذه الأزمة المستفحلة.
ولذلك نقول: أيها الاقتصاديون كفى ندوات ومحاضرات وزيادة معانات الباحثين عن عمل وإذا كان لابد من إقامتها فلينصب التوجه نحو توجيههم بأن التدريب والعلم والمعرفة هي أفضل الطرق لإنهاء معاناتهم والمساعدة في نشر الوعي والتعريف بالفرص المتاحة خدمة للوطن والمواطنين وهذا هو الدور الذي يجب أن يلعبه المتحدثون - وما أكثرهم هذه الأيام - إذ إن الحديث عن أرقام وردت في دراسات وما شابه ذلك لن يفيد المجتمع بل يؤجج مشاعره في وقت نحن في أمس الحاجة إلى التركيز على حب الوطن وهي الركيزة الأولى التي يجب أن تنصب عليها جهود كل متحدث يريد أن يبرز مكانته في المملكة. لايزال هناك متسع من الوقت لهؤلاء «الاقتصاديين» أن يعوا أن بروز مكانة الشخص تكمن في خدمة وطنه بالطريقة الصحيحة لا بتأجيج مشاعر الناس البسطاء.
أعجبني إلى حد ما البرنامج الذي تنفذه شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) وخصوصاً عنوان البرنامج وهو «التدريب من أجل البحرين» ويكفي أن البرنامج الذي اجتذب شباباً بعضهم أكمل تعليمه وبعضهم لايزال في أول الطريق هدف إلى المساعدة في تنمية الولاء للوطن على رغم بعض السلبيات التي رافقت البرنامج مثل الأجور المتدنية التي يحصل عليها المترب أثناء التدريب وفي العمل التي تبلغ بين 130 و150 ديناراً في الشهر وكنا نطمح أن تبذل الشركة والمقاولون الذين يستفيدون من ذلك جهودا لجعل البرنامج أكثر قابلية للشباب الباحث عن عمل بزيادة الرواتب لتكون على أقل تقدير 200 دينار في الشهر. غير أن هذا البرنامج هو أفضل بكثير من ندوات ومحاضرات الاقتصاديين ويقدم خدمة جليلة للوطن والمواطنين.
المطلوب فورا: محاضرون من نوع خاص يحبون وطنهم ويحافظون على سمعته ويعملون من أجل رفعته وهذا لا يعني السكوت على الخطأ، وإنما العمل على وضع حلول عملية له لأننا في حاجة ماسة في الوقت الحاضر لتنمية الولاء للوطن لأنه يبدو أن الكثير بدأ ينحدر نحو الدرك الأسفل بتوجهاتهم وأفكارهم التي عفا عليها الدهر. والله من وراء القصد
العدد 716 - السبت 21 أغسطس 2004م الموافق 05 رجب 1425هـ