العدد 713 - الأربعاء 18 أغسطس 2004م الموافق 02 رجب 1425هـ

فن «الأراجوز المصري» مهدد بالانقراض

يواجه فن الاراجوز، احد الفنون الشعبية المصرية، خطر الانقراض بعد اكثر من سبعة قرون على ظهوره، إذ لم يتبق سوى فنان واحد يمارسه هو «العم صابر» الذي يقدم هذا الفن في الموالد والاحتفالات الشعبية منذ نحو 50 عاما.

واعجب مصطفى عثمان، او العم صابر من مواليد امبابة العام 1939 بهذا الفن بعد ان شاهد احد ابرز لاعبي الاراجوز الفنان الراحل شكوكو في احد مسارح منطقة الكيت كات الشهيرة بنواديها الليلية ابان الاربعينات والخمسينات.

وقال صابر لوكالة فرانس برس «عندما كنت صبيا تسلقت الاشجار لأشاهد عرض الاراجوز الذي قدمه شكوكو ومن حينها غادرت المنزل والتحقت بالمسارح التي تتنقل بين الموالد في ارجاء مصر حيث تعلمت الكثير».

واضاف مستعيدا ذكرياته الأولى «بدأت من الصفر ولانني كنت لا ازال يافعا، قمت بتنظيف الأرض وخدمة الفنانين فتشربت حب الغناء تدريجيا وحفظت 24 بابة (البابة نص مسرحي يستخدمه الاراجوز)».

وتابع يقول «سنحت لي الفرصة عندما رفض معلمي سيد الاسكندراني ان يقدم الاراجوز فطلب مدير المسرح مني تقديمها. ومن حينها وانا اقوم بهذا الدور».

واشار الى أن «أهمية الاراجوز تراجعت في موطنه الأصلي في الموالد والاحتفالات الدينية بعد صعود تيار المتشددين الإسلاميين أواخر الثمانينات ومحاصرتهم للكثير من الفنون التي تشتهر بها هذه المناسبات مثل الراقصات والغازيات والاراجوز».

واعتبر العم صابر ان «الأمور تغيرت بشكل كبير بعد انتشار التلفزيون والسينما والمسارح وبينها مسرح العرايس حتى ان الملاليم التي كنا نحصل عليها كانت تكفينا بشكل افضل من الجنيهات التي نحصل عليها الآن».

وعزا «تراجع الاراجوز الى هذه المتغيرات التي اسفرت عن عدم ظهور اجيال جديدة تتابع مسيرة هذا الفن الذي فقد الكثير من فنانية ولم يبق منهم سواي وأحمد زوربا الذي عمل مع مسرح شكوكو لكنه تقدم في السن وتوقف عن العمل».

وكانت المخرجة المصرية المقيمة في الولايات المتحدة ايزيس سرتال كشفت عن خطر الانقراض لدى حضورها الى مصر لبحث حول فن الاراجوز وهو «اول فن شاهدته في طفولتها في صعيد مصر في الموالد وحفلات عيد الميلاد التي تقيمها العائلات الميسورة» هناك.

وكشفت سرتال ان نوعين من الفن معرضان فعلا «لخطر الانقراض وهما فن الاراجوز وفن خيال الظل، وهو اول اشكال المسرح التي عرفها العرب في بغداد نقلا عن الهنود والصينيين وانتقلت اليهم عبر إيران قبل اكثر من ثمانية قرون».

وبعد سقوط بغداد في القرن الثالث عشر اثر الغزو المغولي، قام طبيب العيون ابن دانيال الموصلي بنقل خيال الظل الى مصر إذ شاعت الفكرة لدى المصريين وعملوا على نقل حكاياها الى شخصية الاراجوز. والاراجوز دمية لها مواصفات محددة كان رأسها ينحت من الخشب فاستعيض عنه في الفترات الأخيرة برأس بلاستيكي.

وحدد استاذ المسرح في أكاديمية الفنون نبيل بهجت ان من سمات الاراجوز انه «يمثل الشخص الفهلوي الذكي ابن البلد سليط اللسان الذي يثأر للفقراء ويسعى دائما لفضح المسكوت عنه بتحطيم المحظور المفروض على المجتمع من قبل المؤسسات الرسمية والثقافية والدينية».

واضاف «بدأنا البحث عن فناني خيال الظل والاراجوز فلم يتبق من الفنانين الشعبيين في هذا الفن سوى العم صابر في فن الاراجوز ووجدنا ان فنان خيال الظل حسن حنوف توفي قبل ثلاثة أشهر بعد أن صورنا عنه فيلما تسجيليا كآخر فنان شعبي في هذا المجال».

ويستخدم فنان الاراجوز اداة مصنوعة من قطعتين من النحاس داخلهما وتر يضعها في فمه ليؤدي صوت دمية الاراجوز بشكل مميز عن بقية الشخصيات التي تشارك في تمثيل البابة.

يشار الى أن فناني الاراجوز يقومون بتقديم 24 بابة منها الاراجوز وزوجته، والاراجوز ورجل الدين، والاراجوز ورجل الأمن، والاراجوز والبخيل.

ووافق مدير المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية سامح مهران على ورشة لتدريب فنانين جددا على الارجوز فور ابلاغه من قبل سرتال وبهجت بخطر انقراض هذا الفن.

واتاحت لهم فرصة تقديم عرض مسرحي «على الأبواب» يمزج بين خيال الظل والاراجوز من تأليف بهجت واخراج سرتال بمشاركة فنانين شاركوا في ورشة التدريب وشكلوا اول فرقة مستقلة وخاصة لمثل هذا النوع من الفن باسم «فرقة ومضة»





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً