العدد 711 - الإثنين 16 أغسطس 2004م الموافق 29 جمادى الآخرة 1425هـ

هل موازنتنا تسمح بطمس بحيرة قلالي؟!

جمعني قبل أيام لقاء بعدد من رجال الاقتصاد والسياحة والبيئة. وتطرق النقاش إلى موضوع بحيرة قلالي وخطط وزارة الأشغال لدفنها. وسأل أحد رجال الاقتصاد وهو يملك مكتباً سياحياً عن جدوى مثل هذا العمل في وقت تسعى فيه الحكومة برئاسة صاحب السمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة إلى تشجيع السياحة في البلاد؟ وقال: كيف تقوم الوزارة بدفن معلم سياحي وخصوصاً أن البحيرة هي الوحيدة في كل مملكة البحرين؟! وقال ذلك الاقتصادي إنه زار دولة خليجية تخطط لإنفاق الملايين من أجل خلق بحيرة صناعية واحدة ونحن ندفن ما عندنا. ثم من أين سيأتون بالرمال والكل يشتكي في قطاع الانشاء من شحة الرمل وارتفاع أسعاره؟

وكان الامتعاض كبيراً على وجه الجميع وخصوصاً الاشخاص المهتمين بالبيئة، إذ أكد أحدهم أن دفن منطقة بحجم بحيرة قلالي ينطوي على كارثة بيئية كبيرة لأنهم سيحتاجون إلى جرف كميات ضخمة من الرمل، وهذا سيدمر مصائد ضخمة ويتسبب في انقراض كميات كبيرة من الأسماك، وتساءل البعض عن سر عدم تدخل هيئة البيئة لوقف هذا المشروع الكارثة، لكن رجال الاقتصاد بشكل خاص ابدوا استياءهم من عدم تدخل وزارة المالية لوقف هذا الهدر وتوفير التمويل لهذا الأمر. وقال أحدهم إن وزير المالية رجل يمتاز بالكفاءة والأمانة والنزاهة فكيف يقبل أن تسهم وزارته في دعم هذا المشروع، وقال البعض إنهم سيرفعون هذا الأمر إلى أعضاء مجلس النواب لأن الأمر ينطوي على إغفال للأولويات وهدر للمال العام. فكيف ننفق الملايين على دفن معلم سياحي جميل في حين يشكو كل مواطن من مشكلة الكهرباء؟ وكيف سنشجع المستثمرين على فتح استثمارات في البلاد ونحن لا نملك الكهرباء لحاجة الناس؟

أليس الأولى والأجدر أن نطور الكهرباء والبنية السياحية في البلاد وننشئ محطات جديدة للكهرباء والماء؟ إذا كان لدى وزارة المالية فائض من الأموال يسمح بهذه المشروعات التي تستنزف مواردنا وتضر بيئتنا فمن باب أولى أن تصرف هذه الأموال، في تحسين رواتب الموظفين وخلق فرص عمل جديدة وتخفيض رسوم الكهرباء والماء والعمل والبلدية. وعلمت فيما بعد أن بعض المشاركين في هذا اللقاء تحدثوا مع بعض النواب المهتمين بالمحافظة على المال العام وأبدى هؤلاء استعدادهم لفتح هذا الملف عند انعقاد المجلس، أما في مجلس الشورى فإنه تم مفاتحة بعض اعضاء لجنة حماية البيئة إذ أبدوا حماساً شديداً لهذا الأمر وأكدوا أنهم سيعملون كل ما في جهدهم ومهما كان الثمن لمنع دفن بحيرة قلالي لما يترتب على ذلك من أضرار بيئية لا تحتمل.

إن الكرة الآن في مرمى وزارة المالية ووزارة الأشغال لأن أكتوبر/ تشرين الأول ليس ببعيد، وعلى الوزارتين أن تحضرا للإجابة عن هذه الأسئلة المشروعة أمام مجلس النواب ومجلس الشورى وصحافتنا الوطنية الرائدة التي تطرح هموم المواطنين بكل صدق وتجرد، وعلى وزارة الأشغال أن تفهم أن المواطنين لا يقبلون فكرة دفن البحيرة بهدف اقامة مشروعات اسكانية وغير ذلك، لأن الأراضي كثيرة... فلماذا نضحي ببحيرة قلالي؟

ناصر راشد

العدد 711 - الإثنين 16 أغسطس 2004م الموافق 29 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً