توزعت اهتمامات صحف عبرية وأخرى أميركية، بموضوعات عدة تتعلق بالفلسطينيين، من إضراب الأسرى. إلى الحديث عن ضغوط أميركية على «إسرائيل» بشأن إخلاء المستوطنات العشوائية. فيما تناول أحد الكتاب الأميركيين، وسط التطورات الفلسطينية الداخلية، وضع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات الذي بات برأيه «غير ذي صلة في رام الله» أيضا أي بين أبناء شعبه، يقول جيم هوغلاند في «واشنطن بوست». فمع شروع آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي إضرابا عن الطعام للمطالبة بتحسين أوضاعهم وتحقيق مطالبهم. ومع مسارعة سلطات الاحتلال في خطوات انتقامية أبرزها اقتحام المعتقلات ومصادرة حاجياتهم والاعتداء على بعضهم بالضرب وحرمانهم من الاضطلاع على ما يجري في الخارج والتهديد بإطعامهم بالقوة. وتأكيدها أنها لن تلبي مطالب الأسرى ولو أدت خطوتهم إلى الموت. وعلى رغم النصيحة التي أسدتها بعض الصحف لسلطات الاحتلال بضرورة التعامل مع مطالب المعتقلين بحكمة ليس لمصلحة السجناء بل لمصلحة «إسرائيل»! وأقرت «هآرتس»، بأن ثمة حقيقة معروفة حول العالم وهي أن بعض الأشخاص حولتهم السجون إلى زعماء وطنيين، أكدت الصحف العبرية لا اكتراث سلطات الاحتلال بإضراب الأسرى.
أما الأكثر إثارة فهو ما كشفه تقرير «هآرتس»، من أن سلطات الاحتلال تمارس نوعا من التعذيب النفسي عبر إقامة حفلات شواء أو ما يعرف بـ «باربكيو» على مقربة من المعتقلات أو بالأحرى تحت «أنوفهم» لإثارة شهيتهم تقول الصحيفة، بل لإذلالهم وكسر أنوفهم، تقول الحقيقة!. في حين نقلت «معاريف» عن مصادر أمنية، أن سلطات السجون لا تعتزم الخضوع لأكثر المطالب، فقد تحولت السجون في السنوات الأخيرة إلى قيادات عليا لما وصفتها بمنظمات الإرهاب الفلسطينية. وزعمت أن عشرات العمليات الإرهابية الفتاكة جرى التخطيط لها على أيدي الأسرى في ظل الاستخدام الواسع للهواتف المحمولة المهربة إليهم من أفراد عائلاتهم والمحامين الذين يصلون، زعما، لزيارات بريئة.
وأشارت «هآرتس» في خبر افتتاحي إلى أن مصلحة السجون ستعمل على «شي اللحوم» بالقرب من زنازين المعتقلين الفلسطينيين المضربين عن الطعام، وذلك في محاولة منها لمواجهة الإضراب الذي ينظمه المعتقلون الفلسطينيون على سبيل إثارة شهيتهم.
وأضافت أن حراس السجون صادروا سجائر وحلويات وكميات كبيرة من الملح كانت في حوزة المضربين حرصا على ما يبدو من المعتقلين للحفاظ على مستوى المعادن الضرورية لهم أثناء تنفيذهم الإضراب عن الطعام. ولفتت الصحيفة إلى أن مصلحة السجون منعت الزيارات العائلية عن المضربين كما أخرجت أجهزة الراديو والتلفزيون من زنازينهم. وزعمت «هآرتس» أنه تم العثور في حوزة المعتقلين على أوراق تحتوي تعليمات من زعماء المعتقلين بخصوص الإضراب. وأيدت الصحيفة في الوقت نفسه بعض مطالب المعتقلين وخصوصا تحسين ظروف اعتقالهم. مشددة على أن التضييق على هؤلاء سيعزز من احتمالات تحول السجون إلى مدارس لتعليم «الإرهاب».
وأضافت أن ثمة حقيقة معروفة حول العالم وهي أن بعض الأشخاص حولتهم السجون والمعتقلات إلى زعماء وطنيين. وكررت في ختام افتتاحيتها أنه يجدر بالسلطات الإسرائيلية التعامل مع مطالب المعتقلين بحكمة ليس لمصلحة السجناء بل لمصلحة «إسرائيل» على المدى البعيد.
وفي سياق آخر، تواصل الصحف الإسرائيلية رصد ضغوط أميركية على الحكومة الإسرائيلية من أجل تنفيذ الإخلاءات في المستوطنات العشوائية. واستعرض ألوف بن في «هآرتس» أبرز محطات المفاوضات بين تل أبيب والبيت الأبيض في هذا المجال. فاستهل المقالة بالإشارة إلى أن طلب تفكيك المستوطنات العشوائية في الضفة الغربية أدرج في خطة «خريطة الطريق» التي تبنتها «إسرائيل» في مايو/ أيار 2003.
وأوضح أن الإدارة الأميركية تعطي أهمية كبيرة لمسألة الحفاظ على مساحة كافية من الأرض لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة. لذلك فقد مارست ضغوطا على «إسرائيل» من أجل تجميد أعمال البناء في التكتلات الاستيطانية الموجودة أساسا في الضفة. وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية لم تفِ بتعهدها بتفكيك المستوطنات العشوائية على رغم أن رئيس الوزراء أرييل شارون كرر أكثر من مرة التزامه بذلك. وكشف أنه عند عرض خطة فك الارتباط على الجانب الأميركي، أشار المسئولون الإسرائيليون لنظرائهم الأميركيين إلى أنه طالما أن «إسرائيل» ستنفذ انسحابا كاملا من قطاع غزة وأجزاء من الضفة فلن تكون هناك حاجة إلى تفكيك المستوطنات العشوائية.
غير أن الأميركيين رفضوا هذا الرأي مؤكدين أن إخلاء هذه المستوطنات سيثبت صدقية شارون وقدرته على تنفيذ خطة واسعة. وكشف بن أنه في إبريل/ نيسان من هذا العام بعث مدير مكتب شارون، دوف فيسغلاس، رسالة إلى مستشارة الأمن القومي غونداليزا رايس، وعد فيها بتأمين لائحة بالمستوطنات غير القانونية وموعد تفكيكها. ثم أرسل مستشار وزير الدفاع الإسرائيلي لائحة بالمستوطنات العشوائية التي أقيمت منذ مارس/آذار 2001 إلى السفير الأميركي دانييل كيرتزر. غير أن الأميركيين قدموا لائحة مختلفة. إلا أن بن، لفت إلى أنه من المتوقع أن يتوصل الطرفان قريبا إلى لائحة موحدة بهذه المستوطنات.
وأكد أن عبء إثبات حسن النية يقع على «إسرائيل» التي يجدر بها إخلاء المستوطنات المدرجة على اللائحة. وفي موضوع آخر، يتعلق بالفلسطينيين أيضا، كتب جيم هوغلاند في «واشنطن بوست» مقالة تحت عنوان «بعد عرفات... الالتزام» بشأن وضع عرفات على خلفية الفوضى التي شهدها قطاع غزة أخيرا. فرأى أن الفشل أصبح مادة خام يستخدمها عرفات الذي وصفه بأنه الخيميائي (فٌكوىٍىَُّّ) السياسي الأبرز في عصرنا. وأضاف أنه حول سقوطه وإخفاقاته إلى وسيلة لتحقيق النصر والثراء وتعزيز الحكم التوتاليتاري.
ولفت إلى أن المبعوث الأميركي السابق إلى الشرق الأوسط دنيس روس اعتبر في كتابه «السلام الضائع» أن عرفات حول فشله كـ «قائد» إلى انتصار كـ «رمز».
غير أن هوغلاند، استدرك لافتا إلى أن عرفات بعد السلام السطحي الذي توصل إليه مع «إسرائيل» في العام 1993 لم يعد يمثل رمز الثورة الوطنية ولم يعد يجسد معاناة الشعب الفلسطيني. ولاحظ هوغلاند، أنه بعد حصوله على مساعدة المنظمات الدولية والسياسيين الأوروبيين وحتى الحكومة الإسرائيلية، يجد عرفات نفسه في عزلة كاملة. زاعما أن الشعب الفلسطيني تخلى عنه وتركه لوحدته في مقره في رام الله.
وأضاف انه بدلا من أن يتحول عرفات إلى شهيد كما توقع البعض، وجد نفسه غير ذي صلة في رام الله. فالفلسطينيون الشباب (في إشارة إلى ما بات يعرف بالحرس الجديد) استغلوا تدهور وضع الرئيس الفلسطيني من أجل إشعال نزاع على السلطة في قطاع غزة. ورأى هوغلاند، ان خطة الانسحاب التي أعلن عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون أججت المعركة على الجانب الفلسطيني، فكل طرف بات يعمل من أجل السيطرة على غزة بعد الانسحاب من جهة وبعد عرفات من جهة أخرى. واعتبر أيضا فشل عرفات، وخيانته يبرران رفض إدارة بوش، التعامل معه.
وهي مقاربة توقع هوغلاند، أن يتبناها المرشح الديمقراطي جون كيري في حال تم انتخابه. غير ان المعلق الأميركي عبر عن شكه في نجاح سياسة شارون في عزل عرفات حيا في مقره على المدى القصير. إلا انه أكد ان فعالية ذلك على المدى البعيد قد تتبلور من خلال ارتفاع مستوى الالتزام من جانب الفلسطينيين الذين قد يخلفوا عرفات
العدد 711 - الإثنين 16 أغسطس 2004م الموافق 29 جمادى الآخرة 1425هـ