وزارة التجارة افتتحت مركزاً للمستثمرين في مجمع السيف، ونافست في أسلوب عملها شركات القطاع الخاص، بل إن بعض هذه الشركات عليها ان تتعلم الان من مركز متطور في تقديم الخدمات وقائم على اساس مفهوم «المحطة الواحدة». ومعنى ذلك ان أي مستثمر، مواطن أو أجنبي، يود الحصول على رخصة لمشروع أو تخليص معاملة استثمارية فإنه ما عليه إلا الذهاب الى المركز لكي يتم التعامل معه من قبل الجهات المختصة الموجودة في «محطة واحدة» ومرتبطة بقاعدة معلومات الكترونية واحدة... وهذا يعني الدخول في عصر «الحكومة الالكترونية».
«مركز المستثمرين» واحد من الأجزاء المهمة للحكومة الالكترونية، وهذه يجب ان تعمم على جميع جوانب الحياة العامة. والمواطن يمكنه الاستفادة من نظام «المحطة الواحدة» تماما كما هي حال المستثمرين. فالمواطن في عدد من الدول المتقدمة يستطيع تخليص مختلف أنواع المعاملات وهو جالس في منزله... كل ما يحتاج اليه هو الدخول على الانترنت والذهاب الى الموقع الالكتروني المختص وملء الاستمارات المطلوبة لتخليص هذه المعاملة أو تلك.
الجانب الآخر والمهم هو تطوير «الشراكة بين القطاعين العام والخاص» من خلال الربط المعلوماتي الذي يسهل تقديم الخدمات الحكومية لكل من يحتاجها من المواطنين أو المستثمرين أو الباحثين. ومفهوم الشراكة يتعزز من خلال الشفافية في التعاطي مع المعلومات بين مقدمي الخدمة ومستخدميها من دون وسائط تتسبب في تأخير المعاملات أو في تسرب الفساد والرشوة أو في تقديم هذا على ذاك على أساس المحسوبية أو المنسوبية.
الفوائد من الربط الالكتروني والمحطة الواحدة وغيرها من التسهيلات الداخلة في مفهوم «الحكومة الالكترونية» كثيرة. فبالاضافة الى خلق الشراكة والشفافية فإن استخدام امكانات الدولة يزداد لدى الكثير من الناس الذين يبدأون بالتعرف على هذه الامكانات بوسائل مبسطة، ثم إن الحكومة تستفيد لاحقاً لأن الأعمال التجارية تزداد ويزداد الطلب على الخدمات، كما تسارع كثير من شركات القطاع الخاص إلى إضافة المعلومات الخاصة بها في قواعد المعلومات، ما يعني المزيد من الشراكة والتعاون والنمو في الأعمال.
وهناك تقليل النفقات على الجميع (الحكومة، المستثمر، المواطن)، لأن الأوراق تقل والسرعة تزداد، والمعلومات المطلوبة متوافرة، وبالتالي فإن مهنة «المخلّصين» تقل الحاجة اليها، لتنمو مهنة أخرى أفضل مستوى للمعيشة لمن يعمل فيها وهي مهنة تقنية المعلومات.
وهناك أيضا دقة المعلومات، فلأن المعالجة الكمبيوترية تستطيع تحمل معلومات أكثر وبصورة دقيقة، فإن الاخطاء تقل أو تصحح، ما يزيد من الثقة المتبادلة بين المسئولين والمستثمرين والمواطنين.
إن دخولنا عصر «الحكومة الالكترونية» سيساعدنا على المزيد من الشفافية والديمقراطية، وعلى تقليل البيروقراطية المترهلة، كما سيساعدنا على تقليل التدخل الحكومي الا فيما يخص حماية المواطن من أصحاب النفوذ والمصالح الخاصة الذين يستطيعون القيام بكثير من التلاعبات عندما تطفأ الأنوار ولكنهم يهربون كما يهرب الخفاش مع انبلاج ضوء النهار.
أملنا في أن تتوسع هذه الممارسات لتصبح هي القاعدة، وليست فقط للتجربة أو للتطبيق في مجال واحد دون بقية المجالات
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 711 - الإثنين 16 أغسطس 2004م الموافق 29 جمادى الآخرة 1425هـ