منذ الاستقلال في 14 أغسطس/ آب 1971م وإلى اليوم، ماذا قدمت الحكومة للمواطن؟ فالدول تسعى للاستقلال لكي تستغل مواردها (نفطية كانت أو خدمات... إلخ) في صالح الوطن والمواطن، وبالتالي ينعكس ذلك على حياة المواطنين في مختلف الجوانب. وسنتطرق إلى بعض تلك الجوانب، سواء في مجالات الحقوق المواطنية أو السياسية أو الصحة والعلاج أو الإسكان والعمل... إلخ من محطات تستوجب التوقف عندها وإثارة الأسئلة بشأنها، ومعرفة وقياس التقدم الحاصل فيها.
في السياسة، طالما عانى المواطنون من قانون أمن الدولة، وما كتب عن هذا القانون يغني المقام بما لا مزيد عليه. فمن ملاحقة المواطنين في كلامهم وطريقة سيرهم وتجمعاتهم وزجهم في السجون، وسيناريو المسرحيات التي كانت تصاغ وتنفذ ببراعة تامة، حتى غدا نصف الشعب لا يثق بالنصف الآخر، وكل متربص بالآخر، إذ حتى الجدران أصبحت لها آذان! وتم تغييب الشعب، وكبتت حريته في الحديث، وتمت مصادرة الحقوق، ومنع من تنظيم قوى المجتمع في أحزاب سياسية تعبر عن مصالحه. هكذا كانت حياة المواطنين بعد الاستقلال، ولغاية الانفراج السياسي قبل عامين من الزمن.
وفي مجال توفير فرص العمل، أصبحت العمالة الوافدة تقدر بمئتي ألف ويزيدون، ورقم العاطلين عن العمل من البحرينيين ناهز العشرين ألفاً! وهناك بعض السلوكيات التي مارستها الحكومة فاقمت من أزمة البطالة؛ منها حرمان «الكثير» من أبناء الطائفة الشيعية من العمل في بعض المواقع كوزارتي الدفاع والداخلية والحرس الوطني، وهذه الإجراءات على رغم ضررها الواضح على المواطنية وتعزيز اللحمة الوطنية، من الناحية السياسية أو الحقوقية، فإن ضررها المباشر والمؤثر كان على الحال الاجتماعية والاقتصادية لتلك الفئة.
من الممكن الحديث عن الكثير من الجوانب التي حدث فيها تحسن في حياة المواطنين في البحرين خلال الفترة من الاستقلال لغاية اليوم، ولكن السؤال: هل ما تم بتخطيط مدروس يراعي الزيادة السكانية والاحتياجات المستقبلية، أم جاء من دون وعي للتطورات المحلية والاقليمية والعالمية. فعلى صعيد الإسكان تم تشييد 3 مدن، وبعض البيوت المتناثرة هنا وهناك، ووجدنا أنفسنا بعد 30 عاماً أمام أزمة إسكانية خانقة وشح في الأراضي، ما دعى بعض مسئولي وزارة الإسكان إلى التفكير في طريقة «بيوت أقفاص الحمام، والتمدد الرأسي وتمليك الشقق» فأين القطع الكبيرة البحرية منها والبرية؟ كلها أضحت ملكاً خاصاً!
أما خدمات الكهرباء، فحدّث ولا حرج، فأية سياسة تلك التي أودت بالبحرين إلى هذا الطريق المظلم، وأي تخطيط هذا وأي تقدم؟ وأي ترويجٍ للبحرين سياحياً ونحن نعاني من انقطاع الكهرباء؟ والمرء يسأل إن كان حقاً اننا نعيش تقدماً على جميع المستويات أم ان هذا حديث الأحلام؟! كيف نروج للبحرين كمركز «مالي» وانقطاع الكهرباء مبرمج؟
اما في مجال الصحة، فنسأل: لماذا تذهب الأفواج البحرينية للعلاج في الخارج، الأردن، إيران، السعودية... إلخ؟ لو كانت لدينا وزارة تهتم برقي المستشفيات وزيادة تدريب الأطباء لما ذهب أحدٌ إلى الخارج، ولكن إذا ذهب المواطن للطبيب وشخص مرضه بـ «كيت وكيت»، وذهب للخارج (إحدى الدول التي ذكرناها) وشخصوا مرضه بخلاف ما شخصه الطبيب المحلي وعولج ونجح علاجه، فأية ثقة لدى المريض تبقى في العلاج في البحرين، مع أن البعض «متفائل» بأنه من الممكن أن توجد سياحة علاجية!
ولعل هناك الكثير من القبور التي ينبغي «نبشها» قبل الحديث عن الإنجازات، وعلّنا نتحدث عنها في وقفات مقبلة، وكل عام وشعب البحرين يصرخ: «مدد يا مولانا مدد»
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 710 - الأحد 15 أغسطس 2004م الموافق 28 جمادى الآخرة 1425هـ