العدد 708 - الجمعة 13 أغسطس 2004م الموافق 26 جمادى الآخرة 1425هـ

الاتجاه الصدري العراقي... وصلاة الجمعة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لاشك في أن حجم الاتجاه الصدري في العراق هو الأكبر من بين كل الاتجاهات الأخرى، ولكن السؤال: كيف تجمّع هذا العدد الكبير خلف قائد شاب هو السيدمقتدى الصدر؟

بداية، فإن لعائلة آل الصدر مقاماً كبيراً لدى المسلمين الشيعة، وهذه العائلة موجودة في العراق وإيران ولبنان، ومنها قادة كبار مثل الإمام موسى الصدر الذي كان يقود المسلمين الشيعة في لبنان حتى اختفائه في ليبيا في أغسطس/آب 1978. وهناك أيضاً الفيلسوف السيدمحمدباقر الصدر وهو واحد من أفضل الفقهاء المبدعين والذي يرجع إليه الفضل في إعادة طرح الإسلام بما يلائم هذا العصر في كتبه «فلسفتنا» و«اقتصادنا» و«الأسس المنطقية للاستقراء» و«البنك اللاربوي في الإسلام» و«التفسير الموضوعي للقرآن». لكن الاتجاه الصدري العراقي الحالي لا ينتمي إلى موسى الصدر أو إلى محمدباقر الصدر وانما إلى فقيه آخر وهو السيدمحمد صادق الصدر (والد السيدمقتدى الصدر)، فما هو الجديد الذي أتى به محمدصادق ليتكون لديه هذا الاتجاه العريض؟ الجواب: أن السيدمحمد صادق الصدر أحيا «صلاة الجمعة» في التسعينات بعد الغزو العراقي للكويت وحتى استشهاده على يد عملاء صدام حسين في العام 1999. ومع إحيائه «صلاة الجمعة» أحيا أيضاً شبكة المبلغين التي انتشرت في كل أرجاء العراق، والنظام البعثي كان في حال يرثى لها بعد غزوه الكويت، فغض النظر (مؤقتاً) في بادئ الأمر عما كان يقوم به السيدمحمد صادق الصدر.

«صلاة الجمعة» قضية معقدة لدى المسلمين الشيعة، وجاء السيدمحمد صادق الصدر وبسطها ودشّنها على أرض الواقع. فقهاء الشيعة ينقسمون إلى مدرستين؛ إحداهما «المدرسة الأصولية» وهي السائدة في أكثرية المناطق والبلدان، والثانية هي «المدرسة الاخبارية» التي تنتشر في البحرين وبعض المناطق القليلة.

«الاخباريون» كانوا في الزمن الماضي يقولون إن «صلاة الجمعة» لا يمكن اقامتها إلا من خلال الإمام المعصوم ولذلك فإنها مؤجلة حتى ظهور الإمام المعصوم. ولكن هذا الموقف تغير أساساً على يد الشيخ يوسف العصفور (المتوفى العام 1772م) الذي أجاز اقامتها وحذف عنها الشروط الصعبة، وهكذا فإن أصحاب المدرسة الاخبارية هم الذين يحيون صلاة الجمعة في البحرين خلال القرون الثلاثة الماضية (قبل ذلك كان فقهاء المدرسة الاصولية في البحرين يقيمون صلاة الجمعة ولكنهم كانوا ايضاً مبسوطي اليد، بمعنى انهم كانت لهم سلطة قضائية وسياسية نافذة آنذاك).

علماء «المدرسة الأصولية» يقولون إن صلاة الجمعة تشترط أن يكون امام الجمعة «مبسوط اليد» بمعنى أنه ممسك بالسلطة أو مباشر لبعض صلاحياتها، كإقامة الحدود. ويمسك امام الجمعة عصاً (عكازاً) كإشارة لانبساط يده، وفي حال الحرب فإن امام الجمعة يمسك بالسيف أو بالبندقية كإشارة لقدرته على عن الاسلام.

جاء السيدمحمد صادق الصدر وازال هذا الشرط، (انبساط اليد) ولذلك أصبح أول فقيه من المدرسة الأصولية يقيم صلاة الجمعة في أجواء معادية للحكم الإسلامي، وبسبب ذلك ثارت خلافات بينه وبين بعض الفقهاء آنذاك. السيدمحمد صادق أضاف شيئاً آخر أيضاً وهو لبسه الكفن الأبيض وهو يقيم صلاة الجمعة، وهو شيء لم يكن معروفاً لدى أئمة الجمعة. وبعد ذلك كسر أيضاً السيدمحمد حسين فضل الله القاعدة «الأصولية» وأقام صلاة الجمعة في بيروت، وأيضاً ثارت بعض الخلافات الفقهية بسبب كسر شروط المدرسة الأصولية. ومع إقامة «صلاة الجمعة» قامت مؤسسة كبرى تابعة للسيدمحمد صادق الصدر بربط كل المناطق العراقية المحرومة ببعضها بعضاً، ولم يلتفت نظام صدام حسين إلا والمد الإسلامي الكبير يقوده فقيه من داخل العراق، ولذلك لم يتحمل صدام الامر فسارع إلى القضاء على الصدر.

وبعد اندحار نظام البعث، كانت جماهير السيدمحمد صادق الصدر وشبكة العلماء التي انشأها ومؤسسته التي اعتمدت على صلاة الجمعة جاهزة للتدشين على أرض الواقع... الاميركان ومجلس الحكم حاولا تجاهل السيدمقتدى الصدر ولم يستطيعا فاصطدمت الحكومة المؤقتة بجماهير الاتجاه الصدري التي أصبحت تطلق على نفسها «جيش المهدي»

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 708 - الجمعة 13 أغسطس 2004م الموافق 26 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً