في الوقت الذي يقضي فيه معظم الأطفال إجازتهم الصيفية في اللعب والمرح بعيداً عن أجواء الدراسة التي ستعود بثقلها عليهم بعد نحو شهر، يقضي آخرون إجازتهم في العمل لكسب المال وتقديم العون إلى أسرهم. «الوسط» حاورت عدداً من «الباعة الصغار» في سوق جدحفص وآخرين ممن يمتهنون «غسيل السيارات» في السوق المركزي.
ومن بين هؤلاء الطفل محمود السميع البالغ من العمر أربع عشرة سنة والذي تمكن من بناء غرفة متوسطة الحجم لأخيه، من خلال محصلة أربعة أعوام من العمل، هو طالب في المرحلة الإعدادية يمتهن بيع الخضراوات في السوق في فترة الإجازة الأسبوعية، وفي الأوقات التي يتمكن فيها من إنهاء واجباته اليومية، إذ بدأ مشواره مع العمل في إحدى العطل الصيفية مع أحد البائعين في سوق جدحفص وبعد تمرسه في اساسيات المهنة عمل لحسابه الخاص، وذلك نظراً إلى ظروفه العائلية الصعبة، فهو الأخ الأوسط بين ثلاثة اخوة، ومع مرور الوقت استطاع أن يثبت أقدامه في السوق فكون علاقات قوية مع البائعين فيها، وبات يحصل على ما يقارب الستين ديناراً في الشهر لم ينقص منها فلساً حتى تمكن من بناء غرفة الأحلام لأخيه الأصغر.
وعلى مقربة من محمود كان يقف طفل آخر نحيل الجسم ينتظر من يأمره بحمل الأغراض في عربته، ويدعى محمد فاضل ويبلغ من العمر عشرة أعوام يقول عن سبب عمله في حمل البضائع للزبائن «عملت في هذه المهنة حتى لا أذهب للعب واللهو في أماكن بعيدة يكون فيها الخطر محدقاً بي، وبعد غد سيسافر أهلي لقضاء العطلة الصيفية في إيران لذلك أحببت أن أجمع بعض النقود لكي أشتري بعض الملابس والحاجيات للمدرسة من هناك».
وعما إذا كان والداه على علم بما يقوم به تحدث فاضل: «والداي ليس لديهما مانع فهما حريصان على بقائي في هذا المكان حتى لا أبتعد عن المنزل، ومن أجل ذلك قمت باستعارة هذه العربة من صديقي الذي يمتلك اثنتين منها».
أما محمود حسن ذو الخمسة عشر ربيعاً فوضعه يختلف نوعاً ما فهو لا يعمل لحسابه الخاص بل يعمل عند خاله الذي أمنه على بضاعته، فيبذل جهده لقاء ستين ديناراً هي محصلة كل شهر تتوزع بينه وبين خاله فيحصل على خمسة وعشرين ديناراً منها فيما يحصل الأخير على خمسة وثلاثين، وعن ذلك يقول محمود: «عائلتي محتاجة إلى المال الذي أتحصله، لذلك أنفق معظم ما أملكه في شراء المواد الاستهلاكية للمنزل».
وبينما استرسل محمود في الحديث قال طفل آخر يدعى صلاح حسين: «أبي لا يستطيع أن يوفر ما يمكننا من العيش أنا واخوتي البالغ عددهم عشرة أشخاص، فراتبه الشهري لايتعدى 250 ديناراً، فهو يعمل منظفاً في مستشفى السلمانية، لذلك لابد لي من العمل لمساعدته على كلفة الحياة، وأيضاً حتى أتمكن من مواصلة دراستي».
محمد أحمد شاب يبلغ من العمر خمسة عشر عاما، بدأ حديثه قائلا «اعمل كل يوم في غسيل السيارات، ولا آبه لصراخ أو احتقار أي فرد، فما يهمني هو أن اوفر المال اللازم لسد حاجات أفراد أسرتي البالغ عددهم ستة أشخاص، فأنا الأخ الأكبر بينهم».
أما محمود محمد فكان يصول ويجول في كل مكان، فتارة يغسل إحدى السيارات وتارة يحمل الأغراض، وأخرى يقوم بتوزيع الصحف، ذلك أن لا حيلة لديه فوالده متوفى ووالدته لا تعمل، في الوقت الذي تبقى أفواه آخوته - بحسب قوله - مفتوحة تنتظر الطعام
العدد 708 - الجمعة 13 أغسطس 2004م الموافق 26 جمادى الآخرة 1425هـ
اللهم ارزقي الحلال وباعدني عن الحرام ويسر الي اموري
هذوله الاطفال هم الرجال