قال مدير أوقاف القدس المحتلة المهندس عدنان الحسيني ان الأوقاف تسلمت كتاباً من المحكمة العليا الإسرائيلية يشير الى ان احد المستوطنين ويدعى آريه كنج سكرتير حركة موليدت المتطرفة قدم التماساً الى المحكمة المذكورة يطالب فيه بان تصدر أمر منع مؤقت ضد المسلمين والأوقاف الإسلامية بشأن وقف دفن الموتى في مقبرة باب الرحمة الإسلامية في الواجهة الجنوبية للمسجد الأقصى المبارك بحجة انها ليست مقبرة، والدفن فيها مخالف للقانون الإسرائيلي.
ويرى الحسيني هذا الأمر مخالفاً وتدخلاً سافراً في شئون المسجد الأقصى والأوقاف الإسلامية، مؤكداً ان مقبرة باب الرحمة هي مقبرة إسلامية عريقة منذ ما يزيد على 1400 سنة وفيها رفات عدد من الصحابة والتابعين ومنهم عبادة ابن الصامت وشداد ابن اوس والآلاف من العلماء والصالحين والأعيان المسلمين. مؤكدا ان الدفن في هذه المقبرة مازال مستمراً حتى الوقت الحاضر وهي من المقابر الإسلامية الرئيسية في بيت المقدس.
وأضاف الحسيني ان الأوقاف الإسلامية لن تتعامل أو تتجاوب مع هذا الطلب الذي يشير الى مدى الاستهتار الذي وصل إليه بعض المستوطنين والمتطرفين اليهود مشيراً الى ان هؤلاء المستوطنين المتطرفين اصبحوا يتعرضون الى امور غاية في الحساسية وتندرج ضمن صلاحيات الأوقاف في محاولة لاختراق الأملاك والأوقاف الإسلامية.
وانتقد الحسيني في تصريحات صحافية هذه التجاوزات مشيراً الى انها ملفتة للنظر وتدل على ان هناك مغازلة ما بين الشرطة والحكومة والمحاكم الإسرائيلية، الأمر الذي يهيئ لهم المزيد من العدوان والتطرف والتدخل فيما لا يعنيهم».
واضاف الحسيني: «نحن نرى في هذه الممارسات والتصرفات الإسرائيلية خطورة بالغة وخصوصاً ان المقبرة تجاور الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك».
وشدد على ان الأوقاف الإسلامية ستتابع هذه القضية الحساسة مع المسلمين ومع جميع الأطراف ذات العلاقة في البلاد وخارجها لوضع حد لهذه الانتهاكات وخصوصاً مع الأردن والقيادة الأردنية التي تتولى مسئولية رعاية الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة.
وجاء في الالتماس المقدم ان المستوطن طالب باصدار أمر منع مؤقت لحين الفصل في الالتماس بموجبه يتم منع الأوقاف والمسلمين من حفر ودفن الموتى على اعتبار أن الأرض هناك غير معدة كمقبرة والدفن فيها مخالف للقانون والأنظمة والعدل والنزاهة على حد زعمه.
وقال الحسيني في هذا الصدد: «ان الأوقاف قررت عدم التوجه الى المحكمة ومقاطعتها لانها لا ترى فيها صاحب اختصاص للنظر في مثل هذه القضية الحساسة والواضحة أسباب رفعها».
ويعتبر هذا المستوطن وحركات «موليدت» وعطرات كوهنيم وشفوبنيم وغيرها من الحركات الدينية المتطرفة والمدارس الاستيطانية المختلفة ارض المقبرة وجميع المنطقة المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك جزءا من ارض الهيكل المزعوم وانه يجب عليهم العمل على استعادتها من «الأغيار» غير اليهود. فمنهم من يلجأ الى السلطات القضائية الإسرائيلية وبعضهم يعد العدة لعدوان جديد على المسجد والأوقاف الإسلامية المحيطة به.
من جانبه قال رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية الشيخ عبدالعظيم سلهب في تصريحات تضمنها تقرير نشرته صحيفة «الدستور» الاردنية أن مقبرة باب الرحمة هي مقبرة إسلامية، وان المسلمين يدفنون موتاهم فيها منذ الفتح الإسلامي وفيها قبر الصحابيين الجليلين عبادة بن الصامت، أول قاض في فلسطين والقدس وشداد بن اوس. وأضاف: «لقد فوجئنا بأن جهات إسرائيلية (سلطة حماية الطبيعة) تقتحم المقبرة وتزيل جدارا قديما، مؤكدا أن هدم الجدار يعتبر اعتداء على المقبرة وقد لحقت أضرار بالقبور نتيجة لهذا الاعتداء غير المبرر».
وأشار الشيخ سلهب إلى أن الأوقاف الإسلامية لا تمارس أعمال الحفر في المقبرة، ولا يوجد في المدينة سوى ثلاث مقابر وهي باب الرحمة واليوسيفية وباب الساهرة.
وأضاف انه عندما تم بناء الحديقة التي بنتها بلدية القدس المحتلة جرى الاعتداء على القبور وقاموا بهدمها وبعثرة عظام الموتى، وفي حينها حاول المصلّون في بيت المقدس منع هذه الاعتداءات إلا أن الجهات الإسرائيلية ضربت بعرض الحائط كل ذلك، مشيرا إلى أن الاعتداءات مستمرة من قبل هذه الجهات الإسرائيلية وليس من قبل المسلمين. وقال انه من حق المسلمين أن يدفنوا موتاهم في مقبرتهم، رافضا أي تدخل للجهات الإسرائيلية في شئون المسلمين.
واستنكرت مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية الحملة الإسرائيلية ضد مقبرة باب الرحمة وقالت في بيان لها: «لا يكفي ما تقوم به المؤسسة الاسرائيلية من اعتداء على المسجد الأقصى والتضييق على أهالي القدس الاحياء، وتقوم اليوم بالاعتداء على مقابر أهلنا الاموات في القدس، والتي تحوي قبوراً للصحابة الكرام والتابعين والعلماء المشهورين من السلف الصالح». وأضافت: «إن المؤسسة الإسرائيلية تحاول طمس كل معلم إسلامي في مدينة القدس وأنحاء بيت المقدس، ولكن مؤسسة الأقصى تؤكد أن كل حجر وشبر في المدينة المقدسة وانحاء البلاد تشهد على اسلامية هذه البلاد، وكل المحاولات المتكررة لاجتثاث الجذور الإسلامية لهذه البلاد لن تجدي نفعاً، وان مؤسسة الأقصى ستواصل عملها في إعمار وإحياء المسجد الأقصى ومدينة القدس وصيانة المقدسات في بيت المقدس واكنافه ما استطاعت إلى ذلك سبيلا».
وقال مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ عكرمة صبري إن الادعاءات الإسرائيلية تهدف إلى التحرش للتمهيد لتدخل السلطات الإسرائيلية في شئون الأوقاف الإسلامية، وأضاف الشيخ صبري أن الأوقاف الإسلامية حريصة كل الحرص على حفظ الآثار والتراث
العدد 706 - الأربعاء 11 أغسطس 2004م الموافق 24 جمادى الآخرة 1425هـ