العدد 706 - الأربعاء 11 أغسطس 2004م الموافق 24 جمادى الآخرة 1425هـ

أول مصرف إسلامي في أوروبا... ودور البحرين

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

وهكذا ينطلق المسلمون بأحلى صورهم في أوروبا بالإعلان خلال الأيام الماضية عن تأسيس «البنك الإسلامي البريطاني» باعتباره أول مصرف إسلامي في المملكة المتحدة وأوروبا متخذا من مدينة «بيرمنغهام» البريطانية مقرا رئيسيا مع خطة لافتتاح أول الفروع في بيرمنغهام، ولندن في سبتمبر/ أيلول المقبل. وسيتولى الاشراف على نشاطات المصرف الإسلامي خبراء من بينهم مصرفيون بحرينيون وعالم دين بحريني هو الشيخ نظام يعقوبي.

«المصرف الإسلامي» يعتبر أنجح «مشروع أسلمة» قامت به الحركة الإسلامية التي استطاعت ان تقدم مؤسسة حديثة على أساس إسلامي. فالإسلاميون لم ينجحوا بصورة كافية في أسلمة كثير من المؤسسات الحديثة (مثل الحزب السياسي) ولكنهم نجحوا بإعجاب دولي في أسلمة مؤسسة من أهم اركان العصر الحديث وهي المصرف، وبدأوا الآن يدخلون أوروبا من أوسع أبوابها. فهناك الآن الجاليات الإسلامية التي تود ان تودع أموالها في مصرف يسير على الشريعة الاسلامية وهؤلاء ليسوا أقل أهمية من المسلمين في بلاد الاسلام، بل لربما نرى العكس خلال السنوات القادمة مع تطور نفوذهم ومؤسساتهم في الغرب.

كانت الكويت أول من فكر بصورة جدية في أسلمة الأعمال المصرفية عندما أرسل بعض المسئولين والمهتمين بالشئون المصرفية في الستينات إلى المفكر والفقيه السيد محمد باقر الصدر في النجف الأشرف يستفسرون عن الضوابط الشرعية لمصرف يمارس عمله من غير ربا. وكان اتصالهم بالصدر دون غيره لانه ألف كتاب «اقتصادنا» مفصلا الخطوط العامة لنظام اقتصادي يلتزم بالضوابط الشرعية. وجا ء رد السيد الصدر مفصلا ايضا وتم طبع الرد لاحقاً على هيئة كتاب وصدر باسم «البنك اللاربوي في الاسلام». ومنذ ذلك الرد الشرعي تطورت وجهات النظر على أساس عملي وأصبحت أعمال الصيرفة الإسلامية تدّرس في الجامعات وتمارسها أفضل القدرات والخبرات المصرفية التي اثبتت انجاز الأعمال والربح من خلالها من دون «ربا»، وهو ما يطلق عليه فقهاء الإسلام «المرابحة».

ونحن نفخر بأن أحد علماء الدين البحرينيين، الشيخ نظام يعقوبي، من الذين سيتولون الاشراف الشرعي على أعمال أول مصرف إسلامي أوروبي، وتاريخنا البحريني يخبرنا بأن هذا ليس غريباً على أهل البحرين. فالشيخ يوسف العصفور (توفي العام 1772م) يروي قصة جميلة عن «المرابحة» حدثت أيام الشيخ محمد بن سليمان المقابي الذي توفي العام 1674م وكان من كبار تجار اللؤلؤ وتسلم ايضاً منصب «شيخ الاسلام» الذي يتولى الاشراف على القضاء والأمور الحسبية، وكان يقيم صلاة الجمعة.

ويذكر ان المقابي كان يشتري اللؤلؤ (بالجملة) عند انتهاء موسم الغوص وعودة الصيادين ومن ثم يبيعها بالتجزئة ضمن اتفاق بينه وبين عدد من الغواصين. وكان تجار اللؤلؤ يقدمون الى منزله بعد انتهاء موسم الغوص لشراء محصلة الصيد، وكان يقوم بذلك على أساس «المرابحة». فقد كان يتسلم أموالا من الأهالي لشراء اللؤلؤ ثم يبيعه وبعد ذلك يشركهم في الأرباح. ويذكر ان شخصاً من بني جمرة باع الشيخ المقابي لؤلؤة غير معروفة الثمن، ولكن عندما باعها المقابي استطاع الحصول على سعر كبير، أكبر بكثير من سعر الشراء. ولذلك التقى المقابي ذلك الشخص ليشاركه في الأرباح غير المتوقعة التي حققها، الا ان الشخص المذكور قال انه باعها عن طيب خاطر بالسعر الزهيد وهو لم يتحدث عن الاشتراك في الربح. وبعد الاصرار وتوسط طرف ثالث اشترك الاثنان في الربح الاضافي. الفكرة هي ان المقابي كان يصر على «المرابحة» حتى في أمر لم تكن «المرابحة» ضمن شروط البيع في هذه الحال ... وهذه هي اصالة البحرينيين في الماضي، وهم ايضا الذين استطاعوا في العصر الحديث المساهمة في صوغ وتصدير التطبيق العملي لمفهوم «المرابحة» إلى أوروبا، عوضا عن المصرف القائم على اساس المعاملات الربوية

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 706 - الأربعاء 11 أغسطس 2004م الموافق 24 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً