العدد 2374 - الجمعة 06 مارس 2009م الموافق 09 ربيع الاول 1430هـ

«يوسف الصديق»...إبداع حقيقي

ايمان عباس eman.abbas [at] alwasatnews.com

منوعات

«الدراما الإبداعية» أداة مفيدة في إقامة التواصل والتفاعل بين الناس، فهي تستثير أجسام ومشاعر وأذهان المتلقين، لذلك فإن أي عمل لا يمكننا أن نطلق عليه «إبداعيا» إلا إذا اقتنع المتلقي برسالته التي يحملها، فالجميع يعلم أنه لا يمكن أن يقتنع الشاعر بقصيدته، إلا إذ حازت رضا متذوقي الشعر ونقاده، كذلك هو الحال بالنسبة إلى الأعمال الدرامية أو السينمائية، فهي لا تحقق النجاح ما لم تكتسح الساحة الفنية، وتحوز رضا أكبر شريحة من المتلقين (الجمهور).

«الدراما الإبداعية» هي كلمة أحببت أن أطلقها على المسلسل الإيراني المدبلج «يوسف الصديق» الذي يحكي سيرة النبي يوسف (ع)، إذ بات هذا العمل الدرامي الذي يعرض كل يوم جمعة في الساعة التاسعة إلا ربع على قناة «الكوثر» الفضائية، ويعاد كل يومي خميس وسبت، يشكل حديث الساحة الفنية هذه الأيام، بل أعتقد أنه بات يحفز الناس لمتابعته، مقابل تركهم لتلك المسلسلات المدبلجة التي تحث على الرذيلة والفساد.

أردت اليوم أن أكتب عن هذا العمل الضخم في إمكاناته وفكرته، لأنه بات الحديث المحبب للناس في البيوت والشوارع وحتى في العمل والمجالس، إذ أبهر هذا العمل الجميع وتأثرت مشاعرهم بقصة النبي يوسف (ع)، كما أنه بات يستثير الشباب للبحث في أمور دينهم ليفهموه على أكمل وجه.

إن تحدثت عن شدة إعجابي وإعجاب عدد كبير من المشاهدين بهذا العمل الدرامي الضخم والرائع، بل قناعتنا بأن هذا العمل يستحق أن يطلق عليه «عمل درامي إبداعي»، لما اتسعت هذه الزاوية لكل تلك الكلمات، لذلك قررت فقط أن أحصر أسباب اعتقادنا بأنه فعلا عمل «درامي إبداعي» في النقاط الآتية:

- تم التعامل مع القصة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم على أكمل وجه، بل لم يغفلوا عن جزء ولو بسيط من هذه القصة الرائعة التي تحمل الكثير من العبر.

- شخصيات العمل تم انتقاؤها بدقة متناهية، بحيث أبدع الجميع في أداء الأدوار المنوطة بهم، والدليل على ذلك أن الناس باتوا متأثرين بقصة وأسماء شخصياته، لدرجة أننا بتنا نراهم يطلقون على أصدقائهم أسماء مثل: «بوتيفر»، «كالي ماما»، «زليخة»، «بيناروس»، «لاوي»، «يهوذا»، «بنيامين» وغيرها من أسماء الشخصيات التي تأثرت مشاعرهم بأدوارها.

- الملابس في المسلسل وتنوعها تأخذك إلى حيث الإبداع اللامتناهي، أما الديكور فيأسرك لا محالة لأنه بكل بساطة تجسيد كامل لعصر فراعنة مصر.

- فن «الجرافيك» كان حاضرا في هذا العمل، وخصوصا في تجسيد الأحلام، سواء تلك التي حلم بها يوسف (ع) أو أميل حوتب الصغير أو حتى السجناء الذين فسر النبي رؤياهم عندما كانوا في السجن، فإن جئت مثلا إلى الحلم الذي رآه أميل حوتب - وهنا اتحدث عن نفسي - فقد أبهرتني طريقة عرضه وتجسيده، بل إنني فزعت وأنا أشاهده واقشعر جسمي، وكأنني أنا التي أحلم.

- العمل أثار الكثير من الأسئلة لدى الجمهور، وخصوصا الشباب، ممن يجهلون تفسير بعض الآيات القرآنية التي تحكي قصة نبي الله، وسأتوقف هنا عند ذكر بعض منها: فهناك شاب أثاره في الحلقات الأولى من المسلسل زواج النبي يعقوب (ع) بأختين في وقت واحد، على رغم أنه حرام شرعا أن يجمع بين أختين، فسأل والده، فأجابه والده بأن هذا الأمر كان طبيعيا لدى اليهود، إنما الدين الإسلامي وبما أنه جاء مقوما فقد حرم ذلك.

ومن تلك الأمور التي أثارت البعض أيضا موت والدة يوسف (ع) وهو صغير، بينما قال تعالى في محكم كتابه الكريم: «ورفع أبويه على العرش فخروا له سجدا» (يوسف: 100) وكانت هذه الحادثة دافعا لهم للبحث عن التفسير الحقيقي لهذه الآية... كذلك الحال بالنسبة إلى تفسير الآية الكريمة: «ولقد همت به وهم بها لولا رأى برهان ربه» (يوسف: 24)، المسلسل أوضح لنا التفسير الحقيقي لهذه الآية، التي ربما يجهل البعض تفسيرها، ولكن هذا العمل الدرامي جاء لينبهنا إلى التفسير الحقيقي.

سأكتفي بهذه النقاط التي ذكرتها، ولكني سأختم بعبارة بعث بها أحد القراء تقول: «لا أستغرب الإبداع الدرامي الإيراني، فقد سبق ورأينا أعمالا ضخمة ومميزة مثل مريم المقدسة، غريب طوس، وغيرهما، ولكني في المقابل أستغرب الصمت العربي تجاه هذا العمل بالذات، حيث لا تجد من يتحدث عن هذا الإنجاز من خلال الإعلام العربي الذي يفتخر بما ينتج من مجون وخلاعة ويتغنى بهما على أنهما سبق لا نظير له... السينما العربية وعبر عمرها الذي قارب قرنا من الزمان ظلت عاجزة عن تقديم حتى شيء من تراثها، حيث لم تستطع السينما المصرية مثلا تقديم عمل إبداعي يتحدث عن فراعنة مصر باعتبارهم جزءا من التاريخ المصري الذي يفتخر به المصريون كحضارة أبهرت البشرية وتركت آثارا خلدت لمدة تزيد على أربعة آلاف عام».

إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"

العدد 2374 - الجمعة 06 مارس 2009م الموافق 09 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 7:37 ص

      التعارف

      امبي ايميل يوسف الصديق

    • زائر 1 | 12:09 م

      مسلسل يوسف الصديق

      بارك الله فيك ياغ فرج الله سلحشور انت و مصطفى زمانى بطل المسلسل

اقرأ ايضاً