توجد قضايا مهمة تهم حقوق الإنسان أمام اللجنة الفرعية خلال دورتها الحالية، كإدارة العدالة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومنع التمييز وحماية الشعوب الأصلية والأقليات، إضافة إلى قضايا المرأة والرق والإرهاب. وفي اعتقادنا، فإن هذه القضايا مهمة جداً، ونحن واثقون من أن خبرات الأعضاء ستؤدي باللجنة الفرعية إلى تقديم حلول عملية لمعالجة هذه القضايا المهمة بطريقة تمكّن الدول والمجتمعات المدنية من تعزيز ومعالجة جوانب حقوق الإنسان من هذه القضايا. ونتطلع إلى سماع وجهات نظركم وآرائكم فيما يتعلق بهذه القضايا، وخصوصاً أن حكمتكم ومعرفتكم العميقة للتعامل مع هذه القضايا مشهود لها.
لقد نُظر في الماضي على أن الدول هي التي تنتهك حقوق الإنسان والحريات الأساسية، إلا أنه مع التطورات الحديثة التي يشهدها العالم، بدأ الوضع يتغير. ففي حين أن الانتهاكات من قبل الدول بدأت تتراجع، نجد أن هذه الانتهاكات بدأت تتزايد من قبل جهات مختلفة غير الدول والتي تنتهك هذه الحقوق وخصوصاً فيما يتعلق بقضايا المرأة وأشكال الرق المعاصر. وهذه الانتهاكات على رغم ازديادها لا يتم التركيز عليها لأسباب عدة. لذلك، فإن واجب ومسئولية اللجنة الفرعية يحتم عليها تحديد هذه الانتهاكات من خلال الدراسات التي ستقدم إلى لجنة حقوق الإنسان. كما توجد حاجة إلى قيام اللجنة الفرعية بتبيان الانتهاكات هذه، وكذلك الأنواع الأخرى من الانتهاكات التي تقوم بها جهات مختلفة والتي لا يتم التركيز عليها أو تبيانها.
إن مبادئنا تحتم علينا أن يعيش البشر بعزة وكرامة، وفي الوقت ذاته لابد من احترام حقوق الأفراد والمجتمعات من قبل الجميع. كذلك، يجب علينا احترام الديانات والثقافات والتقاليد المختلفة لحساسيتها. ولابد من ضمان عدم تأثر حقوق الإنسان والحريات الأساسية سلبياً، على رغم الأعمال الإرهابية التي يتم ارتكابها في أنحاء العالم. وفي الوقت ذاته، يتعين تطبيق معايير حقوق الإنسان الدولية على جميع البشر من دون استثناء. كما يجب ألا يُستثنى أحد عند تطبيق هذه المعايير نظراً إلى قناعتنا بشمولية هذه الحقوق. ومن الضروري منع التمييز والتمييز العنصري وكره الأجانب، نظراً إلى أن المجتمعات لا يمكنها أن تتقدم إذا ما كانت هذه الظواهر متأصلة في أي مجتمع. وإنه من الضروري أن تدرس اللجنة الفرعية هذه القضايا بالتعاون مع الأجهزة المناسبة، كلجنة القضاء على التمييز العنصري، وأن تقدم تقريرها إلى لجنة حقوق الإنسان. ونحن على قناعة بأن الكثير من الخبراء في هذه اللجنة سيساهمون بصورة إيجابية في بلوغ هذه الغاية.
لقد وضعت مملكة البحرين في اعتبارها هذه القضايا المعروضة على اللجنة الفرعية عندما وضعت سياساتها التي تضمن احترام وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. ومن هذا المنطلق، قدمت المملكة خلال هذا العام تقريريها السادس والسابع إلى لجنة القضاء على التمييز العنصري، وان تقديم هذه التقارير يثبت أن مملكة البحرين لا تتهاون مع أي نوع من أنواع التمييز. وفي المقابل، فإن بلادي لديها إرادة لمحاربة هذه الظاهرة. إضافة إلى ذلك، فإن قضايا المرأة اكتسبت أهمية كبيرة في المملكة، ما جعل الجهات المعنية تقوم بخطوات تجاه وضع تقرير المملكة الأول المزمع تقديمه إلى لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة.
كما أن المملكة قدمت هذا العام تقريريها الأول والثاني إلى اللجنة المعنية بمناهضة التعذيب. وتقديم التقريرين يعني أن المملكة تعي ضرورة محاربة جميع أشكال التعذيب الذي يقع على كاهل أي إنسان من قبل المجتمع الدولي. وهذه السياسات تعتبر أساس الإصلاحات التي أرساها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى. فجلالة الملك حفظه الله يؤكد دائماً ضرورة تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. ويعتبر البرلمان في المملكة بمثابة حارس لإنجازات حقوق الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، فإن المجتمع المدني يساهم بدوره في تعزيز وتطوير حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
أتمنى للجنة الفرعية النجاح في مداولاتها خلال دورتها السادسة والخمسين، وأنا على ثقة من أن اللجنة الفرعية ستتمكن من معالجة جميع القضايا المعروضة عليها بطريقة تؤدي إلى تعزيز حقوق الإنسان. ولابد للدول والمجتمعات والمجموعات أن تؤيد مسعى اللجنة الفرعية لأجل بلوغ عالم أفضل
العدد 705 - الثلثاء 10 أغسطس 2004م الموافق 23 جمادى الآخرة 1425هـ