العدد 705 - الثلثاء 10 أغسطس 2004م الموافق 23 جمادى الآخرة 1425هـ

صوت وراء البرقع يتحدث عن الإصلاحات السعودية

سمير عواد comments [at] alwasatnews.com

ليس من العادة أن تجلس سيدة سعودية داخل غرفة واحدة مع رجل خصوصاً إذا كان أجنبيا. لكن نادية الحزة فعلت ذلك وبموافقة زوجها الذي يعمل بوظيفة مهندس كمبيوتر في شركة «أرامكو». نادية أيضا تعمل بوظيفة مهندسة كمبيوتر في هذه الشركة الأميركية التي كانت مملوكة للأميركيين وأصبحت لاحقا سعودية وتنشط في مجال استخراج كميات النفط لسد احتياجات العالم.

بينما تسود تفرقة بين النساء والرجال داخل المجتمع السعودي المحافظ فإن نظام العمل في شركة «أرامكو» يختلف تماما إذ ليس هناك تفرقة وتحتل النساء مكاتبهن جنبا إلى جنب مع زملائهن الرجال. هكذا تعرفت نادية على زوجها من خلال عملهما في شركة واحدة وقالت إن زواجهما تم عن طريق التفاهم ويعيش الزوجان في بيت داخل منطقة شركة «أرامكو» في الدمام التي خضعت لإجراءات أمنية مشددة بعد الاعتداء الذي قامت به مجموعة مؤيدة لـ «القاعدة».

نادية الحزة ليست مجرد امرأة سعودية عادية. فقد دعاها ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، إلى حضور فعالية فريدة من نوعها شهدتها المملكة وهي «مؤتمر الحوار الوطني». تمت ثلاثة لقاءات في هذا الإطار حتى اليوم. كانت نادية الحزة موجودة بين المجتمعين حين جرت فعالية تحت عنوان «المرأة داخل المجتمع». لكن كيف يجري الحوار بين النساء والرجال إذا كان المجتمع نفسه لا يسمح لهم بالحديث وجها لوجه. لهذا تمت الاستعانة بالتكنولوجية العصرية وهكذا جلسن النساء في غرفة والرجال في غرفة مجاورة وجرت مناقشات بواسطة الميكروفون والسماعات الكبيرة ولم تكن هناك كاميرا في غرفة النساء.

كيف بوسع امرأة منفتحة مثل نادية الحزة أن تعلق على الطريقة الذي عُقد فيها هذا اللقاء حين راحت تتحدث إلى مراسل صحيفة «زود دويتشه» المتجول في منطقة الشرق الأوسط هايكو فلوتاو؟ جاء جوابها بسيطا لكن مبطنا: كان المهم بالنسبة إلى الشروع في مناقشات مع الرجال ففي نهاية لأمر لدي رغبة في تحقيق تقدم. وهكذا جرت في مطلع يونيو/ حزيران مناقشات على مدار ثلاثة أيام في المدينة المنورة عن موضوع المرأة في المجتمع وبصورة خاصة في مرافق التربية وكذلك في مكان العمل وأيضا حقوق وواجبات المرأة في الإسلام.

مثل سواها من نساء كثيرات لدى الحزة آراء معينة عن هذه القضايا وقالت لـ «زود دويتشه» نعم لقد سمح الرسول محمد (ص) للرجال بأن يتزوجوا من أربع نساء لكن ضمن شروط معينة. في بلد مثل ألمانيا إذ المستشار غيرهارد شرودر تزوج أربع مرات وكذلك نائبه ووزير الخارجية يوشكا فيشر حصل على عدد مماثل من النساء فإن كلام مثل الذي صدر عن الحزة يسهم أيضا في نبذ الأحكام المسبقة عن المسلمين الذين يتعرضون إلى السخرية بسبب ما يثيره الغرب عن الزيجات المتعددة. وصفت نادية شروط الزيجة المتعددة بأنه ينبغي على الرجل ضمان الحقوق بالمساواة للنساء الأربع وهذه ليست مهمة سهلة وخالية من التحيز وأضافت: لكن الرجال يتجاهلون هذه العبارة الإضافية التي وردت على لسان خاتم الأنبياء (ص).

وأوضحت الحزة أن تونس أول بلد عربي حوَّل كلام الرسول (ص) إلى قانون إذ من غير المسموح بتعدد الزيجات في تونس المسلمة وهذا ما أمر به الرسول(ص). قالت نادية الحزة إن الرجال السعوديين فهموا الإسلام خطأ وأوضحت أن النساء لعبن دورا بارزا في عهد خاتم الرسل والأنبياء (ص) فكن مستشارات وركبن الجمال ووقفن إلى جانب الرسول محمد(ص) وشاركن في جميع مرافق الحياة.

ثم أتى العثمانيون الذين عرضوا على النساء ارتداء العباءات السوداء من الرأس إلى أخمص القدم. قالت الحزة إن الإسلام ليس بالمظهر ولكن كيف أتعامل كمسلمة مع الناس؟. الحزة لا تلبس العباءة التي أتى بها العثمانيون وقالت إنها لا تعتقد أن الله سيحاسبها لأنها لا ترتدي الحجاب.

كغيرها من مجموعة كبيرة من النساء السعوديات أصيبت الحزة بصدمة مؤلمة حين سمعت أنه لا يحق للنساء المشاركة بأي شكل في أول عمليات انتخاب لمجالس البلدية المقررة في مستهل العام المقبل وقالت سائلة: كيف يمكن أن تتحقق الديمقراطية السعودية؟ وأضافت قولها: إذا عملنا فعلا بما جاء في القرآن الكريم سيتحقق النمو في بلدنا.

وتجد الحزة أنه لا مفر من التغلب على أبرز العراقيل وهو ما يوصف بالعقلية القبلية والتقاليد السائدة منذ عقود من الزمن ورأت أنه لا مفر من تحقيق إصلاحات. لم تقف المملكة عرضة في طريق الإصلاحات لكن هناك من يعارضها وحين تجري إصلاحات فإنها تجري ببطء. على سبيل المثال كان علماء الدين يعارضون فتح مدارس للنساء لكن هذا حصل وقبله المجتمع السعودي.

ترى الحزة أن الطريق ما زال بعيدا أمام طموحات السعوديات. وعلقت على السؤال الذي يطرحه الصحافيون الأجانب باستمرار عن عدم السماح للسعوديات قيادة السيارة وقالت: دعونا من هذه القضية إنها ليست بالغة الأهمية فالمجتمع سيتقبل ذلك فور تشريع قانون بالخصوص، وترى الحزة ما هو أكثر أهمية أن تحصل السعودية على حقها الثمين بأن تدافع عن مصالحها في المحاكم. تنتمي الحزة بالتأكيد إلى مجموعة من السعوديات اللواتي يعرفن تماما نوع الإصلاحات التي تحتاج المملكة لتحقيقها وهي بأي حال تعيش في جو ليبرالي وفره لها مجتمع «أرامكو» وتشعر بنفور تجاه العقلية المتشددة الضيقة السائدة في أرجاء المملكة وإذ النساء يسمحن للرجال أن يفعلوا بهن ما يشاءون. وقالت نادية إن هذه المعاملة لا تقوم على قاعدة دين الإسلام وتنحي باللائمة على العادات والتقاليد الخاصة بالمجتمع القبلي الذي تصر على إلغائه.

أردفت الحزة سائلة: هل يريد السعوديون العيش في نظام يشبه نظام «طالبان»؟ أضافت: لقد حظرت «طالبان» لعبة كرة القدم لكن السعوديين بوسعهم العيش بدون نفط لكن ليس من دون كرة القدم. هناك رغبة قوية عند غالبية السعوديات بالتغيير لكن الحزة ترى عراقيل المجتمع المحافظ أبرز الأسباب التي تحول من دون أن يعبرن عن آرائهن بحرية.

غير أن مواصلة العمل بنظام التفرقة بين النساء والرجال يلحق ضررا متزايدا بالاقتصاد السعودي وفقا لملاحظات المراقبين. وينبغي إفساح المجال للسعوديات للدخول في سوق العمل جنبا إلى جنب مع الرجال. ذلك أن الكثافة الكبيرة بعدد المواليد وكون غالبية السعوديين تحت سن 25 سنة فإنه لم يعد بالوسع الاعتماد فقط على عوائد النفط التي ضمنت الرفاهية خلال العقدين الماضيين. وتجد النساء في كثير من العائلات المحافظة أنهن مضطرات للعمل لضمان مستوى المعيشة لعائلاتهن، ولهذا يحتجن إلى إلغاء عراقيل اجتماعية في مقدمتها السماح لهن بقيادة السيارات دون الحاجة لإذن من الزوج أو الشقيق. وأيقن بعض الرجال أهمية الاستفادة من جهود العنصر النسائي في مجال العمل لكن السعودية بحاجة إلى كثير من الوقت لتتعرف على رصيدها من النساء المثقفات اللواتي يستطعن مزاولة العمل. السعوديات لا يرغبن بإلغاء التقاليد المعمول بها كليا ولكنهن يدعون إلى إصلاحات ويحذرن من تحول النظام الديني المتشدد إلى دكتاتورية

العدد 705 - الثلثاء 10 أغسطس 2004م الموافق 23 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً