العدد 705 - الثلثاء 10 أغسطس 2004م الموافق 23 جمادى الآخرة 1425هـ

المجاهد «عبدالله فخرو»... الشامخ في زمن الخنوع

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

ورحل عبدالله علي جاسم فخرو صاحب المواقف الإسلامية والوطنية. رحل رجل الكلام في زمن الصمت. رحل الشامخ في زمن الخضوع. رحل مرعب المفسدين. رحل الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر. رحل فخرو الجريء المقدام.

وبعد حياة حافلة بالعطاء رحل عبدالله فخرو الذي كان مدافعاً صلداً عن حقوق الفقراء والمظلومين والكادحين، لا يفرق بين «سني» أو «شيعي»، بل كان رمزاً ومثالاً للوحدة الوطنية. وأعماله تفوق قدرة الرجل العادي، فمن ملاحقته للمفسدين وجرأته في التنديد بأفعالهم إلى زيارة المرضى في المستشفيات، إلى مواساة أصحاب المصائب، إلى مداعبته وعطفه على الصغار، إلى تصدره المسيرات الإسلامية والقومية، هكذا كان عبدالله فخرو.

وحينما ألتقيه كان يقول كعادته مع الكل: «هلا ولد عمي». ودائماً هكذا مع كل الناس: «هلا ولد عمي». وبما له من علاقة مع الوالد المرحوم أحمد بن عثمان، إذ كان والدي يؤم المصلين ويقوم ببعض القراءات على بعض المرضى ويعمل التثويبات والختمات للموتى يوم ثالث الوفاة، كان للوالد مع عبدالله فخرو نوع من العلاقة الخاصة بذلك العمل إذ إن فخرو دائم المساهمة في تلك الأعمال وشديد الاعتزاز بعمل الوالد رحمهما الله. وكان يذكّرني دائماً بالوالد ويقول: «إن والدك إمامنا»، ويترحم عليه.

وليس غريباً أن يكون فخرو معروفاً لدى البحرينيين جميعاً، ولكن الغريب أن فخرو يعرف غالبية الناس في البحرين وهذه من ميزات الرجل وقدراته غير العادية.

ويوم الأحد الماضي كنت أفكر في طريقةٍ لأتمكن من النظر إلى وجه عبدالله فخرو في وسط الزحام من بين أولاده وذويه، فسبحان الله، بعد أن صلّيت العشاء ذهبت إلى «مسجد كانو» في المحرق لتقديم واجب العزاء لأحد الإخوة؛ وإذ بي أفاجأ بالجسد المسجى والأخ محمد عبدالله فخرو واقفاً ويقدمني تجاه والده، فلم أكن أتصور أنني سأرى هذا الوجه المشرق وسأقبل منه الجبين، فقد كنت أتمنى رؤيته وأفكر في طريقة للنظر إلى وجهه من بعيد... وهاأنذا أقبل جبينه، ومن هول المفاجأة والصدمة لم استطع النطق بكلمة، فقد تحجّرت الشفاه إلاّ عن تقبيله والدعاء له في نفسي بالرحمة والمغفرة.

وفي يوم الدفن، توافد الكثير من الرجال والنسوة ليشيّعوا الوالد فخرو، ولمحت لافتة جداً معبرة من «أهالي سترة» عُلقت على سور مقبرة المحرق تحمل عبارات العزاء، وعدة لافتات من «جمعية المحرق الأهلية» كذلك، والأخيرة بعثت بالمنظمين لتيسير مرور الجنازة. ونتمنى دائماً وجود هذه الروح الوطنية التي طالبنا بها مراراً في مقالات عدة؛ وما عتابنا لبعض الإخوة إلاّ في شأن ما آمن به عبدالله فخرو وما كان يطبّقه من رائعة وطنية لا تفرق بين «سني» أو «شيعي» إلا بالعمل الوطني الصالح البعيد عن الأنانية والمصلحة الشخصية أو الفئوية والطائفية والمناطقية الضيقة والبعيد عن الأخطبوط الذي يعمل وفق مبدأ فرق تسد.

رحل فخرو وكثير من أمنياته وأماني الشعب لم تتحقق، فهل نجود عليه كما جاد علينا في حياته بتسمية أحد شوارع مملكة البحرين باسمه؟ نتمنى ان يبادر البلديون بهذا المقترح، فإنه يستحق أكثر من ذلك. فرحمك الله يا عبدالله فخرو... وألهم أهلك الصبر والسلوان

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 705 - الثلثاء 10 أغسطس 2004م الموافق 23 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً