قبل أسابيع تم تغيير مسميات إدارات التوظيف في الوزارات والمؤسسات الرسمية إلى إدارات الموارد البشرية، وهذا يتماشى مع الطرح الجديد الذي يتحدث عن الموارد بصفتها إمكانات استراتيجية بحاجة إلى تنمية ورعاية، وليس فقط إلى إحلالها في هذه الوظيفة أو تلك. غير أن المطلوب هو اتباع ما قام به عدد من الدول التي تنمو بسرعة. ففي العام 1999 تم تحويل «وزارة العمل» في سنغافورة إلى «وزارة الموارد البشرية»... وفي ماليزيا أيضاً، فان هناك وزيراً بالتسمية نفسها.
وكان الوزير السنغافوري الذي تسلّم المهمات بعد تحويل الوزارة شرح مهمته بالقول «إن القرن الحادي والعشرين سيشهد نمواً في المشروعات المبنية على المعرفة، وان البيئة الجديدة تتغير بسرعة، والعامل الوحيد الذي يستطيع تمكين سنغافورة من المنافسة هو رأس مالها البشري الذي يختزن المعرفة».
بعدها أطلقت سنغافورة برنامجاً باسم «الموارد البشرية 21»، يشتمل على تدريب ورفع كفاءة المواطنين لمواجهة الطلب على المهارات الجديدة في بيئة تتصف بالتغيير التقني السريع، واقتصاد معولم دائم التطور وشديد المنافسة. واشتملت الخطة على تكوين «مجلس قومي للموارد البشرية» يرأسه الوزير ويتكون من وزراء ومسئولين كبار يتولون مسئولية وضع توجيهات لتخطيط قوى العمل وتنمية وجذب المواهب والإشراف على ذلك. لقد وضعت هذه الدول نصب أعينها احتياجات التنمية في ظل بيئة متطورة باستمرار، ومن شروط تلك التنمية وجود موارد بشرية تتخصص فيما تحتاجه الخطة التنموية بعيدة المدى. وقبل ذلك فإن جميع الموارد البشرية - بغض النظر عن التخصصات التي ستتعمق فيها - عليها اكتساب مهارات أساسية لا غنى عنها في عالم اليوم. ومن تلك المهارات التي ينبغي على كل مواطن أن يكتسبها وأن تساعده الحكومة في ذلك، ما يأتي:
(1) القراءة الجيدة لاستيعاب المعلومات المكتوبة والمجدولة والمرسومة بيانياً. وهذه المهارة تجدها في البحرين ضعيفة حالياً حتى بالنسبة إلى عدد غير قليل من خريجي الجامعة.
(2) الكتابة بصورة تمكّن الشخص من إيصال أفكاره إلى الآخرين، وتمكّنه من إعداد الوثائق المطلوبة. والغريب أن هذه المهارة أيضاً ضعيفة في البحرين بالنسبة إلى كثير ممن يتقدمون إلى الأعمال، على رغم أنهم متخرجون من معاهد وجامعات.
(3) القدرة على استخدام الكمبيوتر والانترنت في الحياة اليومية.
(4) معرفة اسياسيات الرياضيات، وهي ما تتفوق فيها بعض البلدان مثل الهند، وبسبب ذلك تطورت لديهم سوق البرمجيات في «بانغلور»، لأن الرياضيات تهندس الذهن وتمكن الإنسان من اكتساب المعارف والخبرات.
(5) مخاطبة الآخرين باللغتين العربية والإنجليزية بأسلوب لائق. وهذا يتطلب اللباقة وحسن المظهر والكياسة، بما في ذلك النظافة الشخصية بكل متطلباتها. وأيضاً يلاحظ هنا ضعف المتخرجين، وقد يستغرب المرء من أن بعض من يبحث عن عمل (من رجال ونساء) ينتعل نعالاً غير لائق ويلبس ثياباً أشبه بثياب النوم ويذهب للمقابلات.
(6) العمل ضمن «فريق واحد» مع الآخرين، لتوليد الأفكار واتخاذ القرار وحل المشكلات والتنفيذ المبرمج. وفي هذا المجال أيضاً نواجه ضعفاً.
(6) الاستقامة والمسئولية والمواطنة السليمة، بحيث يبذل المواطن جهده ويثابر وهو يعلم أنه سيُعامل على أساس كفاءته، ولن يُميَّز ضده لكونه من هذه الفئة أو تلك.
أعتقد أننا بحاجة إلى إلغاء «وزارة العمل والشئون الاجتماعية» كما فعلت سنغافورة، وأن نقيم مكانها «وزارة الموارد البشرية»، وننقل الشئون الاجتماعية إلى هيئة مصغرة، ومن ثم ننطلق كما ينطلق غيرنا، فالآخرون ليسوا أحسن منا
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 705 - الثلثاء 10 أغسطس 2004م الموافق 23 جمادى الآخرة 1425هـ