هل البحرين في حاجة الى سكان جدد يُجلبون لها من الخارج للاقامة الدائمة فيها؟ ما هي مواصفات هؤلاء الجدد؟ أسئلة عدة راودتني وأنا أقرأ الخبر (الإعلان) المنشور في صحفنا اليومية بشأن القرار الصادر من قبل وكيل وزارة الداخلية للجنسية والجوازات والاقامة الذي يستهدف حسبما جاء في الاعلان السماح للأجانب المقيمين بدول التعاون باتخاذ البحرين موطناً (كوطن دائم) لهم شرط اقامتهم في دول مجلس التعاون الخليجي مدة 15 عاما وممن يملكون ايداعات مصرفية بقيمة 40 ألف دينار بحريني لكل فرد منهم على كفالتهم الشخصية كمتقاعدين عن العمل.
وأشار الاعلان الى ان الاجانب المقيمين في البحرين مدة 15 عاما فأكثر تم منحهم من قبل بقرار حكومي حق الاقامة في البحرين على أساس كفالتهم الشخصية وفقا لشروط تقتضي ان يكون الشخص حسن السمعة ولديه ايداعات مصرفية في حدود 5 آلاف دينار بحريني وان يكون مستأجرا مسكنا باسمه ويتمتع بصحة جيدة ويمتلك تأمينا صحيا له ولزوجته!
نعم، جاء الخبر على شكل اعلان وهو يدعو من يرغب في الاستفادة من المشروع الجديد الاتصال على هاتف رقم 0097317535203، أو رقم 17528830، أو فاكس رقم 17532152!
أزعم انه حتى يقتنع المواطن بصحة هذا القرار وجدوى فائدته للوطن والمواطن، فان هناك الكثير من الأسئلة حبذا لو يتبرع علينا من اصدر هذا القرار ان يجيبنا عليها.
إن مثل هذا القرار لابد وان يكون قد عرض على جهات مختصة درسته بعناية ودقة لمعرفة جميع الجوانب السلبية والايجابية التي ستعود على الوطن والمواطنين جراء تطبيقه. فهل تم عرضه على مثل هذه الجهات أم لا؟ ونحن في عصر الشفافية، هل من الممكن تحديد هذه الجهات، وتحديد الاسباب التي جعلتها تتبنى اتخاذ مثل هذا القرار؟
إن مثل هذا القرار لابد وان يكون مدعوما بقانون يسنده، فيا ترى ما هو القانون الذي استند اليه هذا القرار؟
جاء في الفائدة الوحيدة التي أشار اليها القرار (ولا احسبها فائدة): ان ايداع مبلغ نحو 40 ألف دينار بحريني من قبل الوافد سيستثمر من قبل المودع في أنشطة تجارية أو اقتصادية أو مالية بالبحرين. تم تحديد المبلغ وكأنه أربعون مليونا من الدنانير سيستثمر في مشروعات ضخمة تخلق فرص عمل جديدة تقضي على البطالة المستشرية!
لم يحدد القرار ما اذا كان سيُسمح للمستفيد منه بجلب اطفاله ومن يعيلهم معه الى وطنه الجديد أم لا. ما هي تبعات السماح لعائلة المستفيد من القرار باتخاذ مملكة البحرين موطنا لها؟ هل من حقهم الاستفادة من الخدمات التعليمية والعلاجية التي توفرها المملكة في مدارسها ومؤسساتها العلاجية؟
أعتقد ان البحرين بمساحتها المحدودة فحتى بنية شوارعها لا تحتمل مثل هؤلاء الوافدين الذين يريدون اتخاذ البحرين موطنا لهم.
واذا جاء هؤلاء الوافدون وأقاموا فما هو وضع اطفالهم مستقبلا عندما يكبرون، أفلا يستحقون المواطنة والجنسية؟
أعرف الكثير ممن كانوا يعملون في البحرين وتركوا العمل عند كفلائهم وأصبحوا يكفلون أنفسهم بأنفسهم، دخلوا في مجالات عمل خاصة بهم ينافسون فيها المواطن، وفي النهاية فإن ما يحصلون عليه من عائد يصدرونه الى بلدانهم، ولا أشعر بأية فائدة منهم تعود على الوطن والمواطنين.
لا أرى في مثل هذا القرار الا نوعا من «الفري فيزا» وتأجيرا للسجلات التجارية من الباطن لا أرى الا محاولة جديدة لجلب مواطنين جدد.
بالتأكيد انها ليست كل الأسئلة وانما بعضها.
حتى نشفي تخوفاتنا التي نتمنى ان لا تكون في محلها فإننا محتاجون الى مناقشة مثل هذا القرار من المختصين في المجالات ذات العلاقة، كما نتمنى من السلطة التشريعية أن تناقش مثل هذه القرارات الحكومية المتعلقة بمحصلة الوطن والمواطن بدل إضاعة الوقت في مناقشة إنشاء هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
العدد 704 - الإثنين 09 أغسطس 2004م الموافق 22 جمادى الآخرة 1425هـ