الوجيه المقدام، الثري الملتصق بالفقراء وحقوق الناس، الصادح الذي لم يغادره العنفوان في أعتى سنوات القهر والتكبيل وتكميم الأفواه، ابن الوطن الذي لا يدري المرء إلى أية طائفة أو فئة ينتمي سوى أنه ابن الوطن، كل هذه الأثقال والأوزان الضخمة حملها معه وصدح بالحق وظلامة المحرومين والمستضعفين، إنه المناضل الفقيد عبدالله فخرو. حينما يتذكر المرء شيخا جليلا كالشيخ الجمري، وهو على فراش مرضه يلهمنا عزيمة المضي على دربه، حينما يتذكر المرء شهداء الوطن الذين سقطوا على دروب الحرية، لابد له أن يتذكر المناضل عبدالله فخرو. حينما تتلون عملات النضال بألوان شتى، ويتغير معدنها، ويضع المرء يده على قلبه خوفاً من سقوط العملات الصعبة في وسخ السياسة ودناءتها، حينما يفقد المرء بوصلته أمام الاتجاهات السياسية التي ترمي به يميناً وشمالاً، يتوقف المرء قليلاً عند لحظة وفاء، عند جلال الموت وهو يسور المناضلين من الاختراق، فيتلو فاتحته مرتاح الضمير، وقد أودع في القبر الرهان الأخير، فطريق النضال ممتد بين الأحياء والأموات، وربما كانت عبرة الأموات أكثر صفاء وتجلياً حين يحار الأحياء. ربما كان فخرو عند البعض رقما اعتياديا، وهو يحضر الندوات الجماهيرية، ويشارك الناس همومهم السياسية، أمام فورة المناضلين الجدد، وامتلاكهم ناصية المنابر، ربما زيارته للمرضى في مستشفى السلمانية وهو يحفز الناس ويشحذ هممهم في أحلك الظروف، ويلقي على النظام كلاماً ثقيلاً، علامات لا تبدو فارقة مع اشتداد الخطب الرنانة في إرهاف الناس وقت الرخاء، لكن هذه العزيمة من هذا الشيخ الجليل، وهذا المضاء في تسجيل المواقف الوطنية وقت الشدة والرخاء يجب أن تكون بوصلة السياسيين الجدد، حتى لو تخفى هذا المناضل في زحمة الناس، فهو منهم وإليهم، والوفاء له بأن يكون الساسة الجدد من الناس وإلى الناس، فالناس تتذكر من يذكرها
العدد 703 - الأحد 08 أغسطس 2004م الموافق 21 جمادى الآخرة 1425هـ