العدد 702 - السبت 07 أغسطس 2004م الموافق 20 جمادى الآخرة 1425هـ

قبل 53 عاماً «صوت البحرين» شغلتها السواحل والمتنزهات

...ويبقى الوضع على ما هو عليه

«في بداية كل صيف تخصص المجلات المصورة، عربية وغير عربية، عددا من أعدادها للحديث عن المصايف الجميلة وعن السواحل الرملية البيضاء، وما يرافق ذلك من مباهج ومسرات، وتنشر الصور المغرية دعاية لها وتحبيبا فيها.

وقمت أنا وإخواني الطلاب برحلات عدة - أيام الدراسة - إلى الكثير من البساتين المنتشرة في هذه الجزائر، وفي كل مرة كانت تقع عيني على هذه الشواطئ الرملية البيضاء الناصعة، الشواطئ التي لو مرت عليها يد الإصلاح والاستغلال لكانت في مصاف أكثر مصايف العالم شهرة وجمالا.

فلماذا لا نتعهد هذه الأماكن أو بعضها فندخل عليها التحسينات والإصلاحات اللازمة ونقيم المرافق الضرورية فيها، ونبني فيها بعض الأبنية البسيطة الرخيصة الصالحة للسكن، ونقيم بعض «الكابينات» للمستحمين، ثم نجلب إلى هذه السواحل بعض ما يتطلبه البحر من قوارب شراعية صغيرة، وآلات لصيد الأسماك، وكرات مختلفة الأحجام والألوان، وكل ما هو مسل وظريف؟ لماذا؟ لماذا؟».

هذا العدد من صيغ لماذا لم تطرأ هكذا فجأة ونحن نرقب واقع حال السواحل والمتنزهات في البحرين، ولم تستيقظ بداخلنا الأسئلة خلسة، ولم يوقظها احد الموجوعين من أصدقاء البيئة جراء تعاظم تدهور السواحل ببلادنا المسورة بالمياه، بل هي استفهامات طرحها كاتب بحريني قبل 53 عاماً، في مارس/ آذار من العام 1951 تحديداً، في مجلة «صوت البحرين»، في متن العدد السادس، من السنة الأولى.

ومضى قائلا: «قد يسألني البعض وهل يستحسن البحرينيون المصايف ويقبلون عليها؟ وجوابي على ذلك أن كثيرا من البحرينيين يقومون برحلات إلى البلدان المجاورة يصرف فيها الواحد منهم ما لا يقل عن ألفين من الروبيات، وكل ذلك هربا من جو المدينة الحار المشبع بالرطوبة، ذلك الجو الذي يبعث الكسل ويمد الخمول في الجسم، فهل تظن أن يضنون بجزء يسير من هذا المبلغ ليصطافوا في (بلاج) محترم تنشر له الدعاية في كل مكان، والدعاية عنصر هام في بادئ الأمر، فتحببه إلى قلوب الأهالي وتجلب إليه كل ما يرضي النفس ويشبع الذوق ويرفه عن النفس».

ذاك هو أحد المشروعات، الكاتب هناك يتحدث عن الدعاية كمرادفة للإعلانات، وهو لا يدري ربما أن تطور علوم الإعلام والاتصال صار يقتصر مفهوم الدعاية على الدعاية السياسية، والدعاية بمفهوم الخمسينات يطلق عليها الآن الإعلان التجاري.

آلاف الروبيات

وبالعودة إلى الكاتب «وهاك مشروعا آخر يدر على البلاد آلاف الروبيات. فهذه الأراضي البور تغطي جزءا كبيرا من مساحة البلاد. وعدد غير كبير من المهندسين الزراعيين مزودين بالآلات الزراعية اللازمة في مثل هذه الحالة كفيل بتحويل هذه البراري القاحلة في ظرف وجيز من الزمن إلى جنان دانية القطوف تؤتي أكلها كل حين: خضارا، حبوبا، وفاكهة، مما هو أجدى على البلاد وأزكى للأموال المستثمرة في جلب السيارات والدراجات وغيرها من الكماليات بهذه الكثرة التي أصبحت تشكل خطرا على اقتصاديات البلاد لم ينتبه له المسئولون بعد!».

آه يا أيها الكاتب الخمسيني، ليتنا نعرفك، نعرف لك أرضا وعنوانا، ليتك لاتزال على قيد الحياة لننقل لك ما تحولت إليه أمنياتك، وكيف صدقت توقعاتك، وكيف استمرت البشاعة، في حين مازال المسئولون - ومنذ أكثر من خمسين عاما غير منتبهين... أو منتبهون ولكنهم لا يملكون من أمر التغيير شيئا فالموجة أعلى منهم.

يستمر الكاتب بقوله: «وأخيراً حبذا لو قام المشرفون على الحدائق الحكومية برعاية الحديقة المائية وإصلاحها، فهي الآن كما يبدو لي في طي الإهمال. فلماذا لا تزرع فيها الأشجار الكبيرة الدائمة الخضرة، ويعتنى بزراعة الأزهار على اختلاف أشكالها ومواسمها، ولماذا لا تجلب إليها أصناف الحيوانات والطيور؟ ولماذا لا تولى البحيرة الموجودة فيها عناية أكبر، ويزاد عدد الزوارق الموجودة فيها؟ ثم حبذا لو ينشأ في أحد جوانبها حوض كبير للسباحة يلجأ إليه بعض الناس في الصيف تخفيفا من أعباء الحر، فإذا أبردت أجسامهم انتشروا في الحديقة التي يمكن أن تصبح من أجمل حدائق البحرين إذا شاءت لها الحكومة ذلك»!

ليتك تعرف

يا كاتبنا الخمسيني العزيز، الحكومة والقطاع الخاص كلاهما لم يشأ بعد، وليتك تعرف ما حل بالطيور في الحديقة المائية، أو ما حل بالبحيرة التي تتمنى ان تحول إلى بركة سباحة، وحال البطط القليلة فيها، لكن دعني أزف إليك بشرى سارة علها تنسيك ألم «المائية» فعين «عذاري» شقيقة المائية بالرضاعة، التفت إليها المسئولون أخيرا ونفخوا في جسدها الروح وصارت ملاذا للفقراء الذين يمنعهم دخلهم المحدود من دفع الاشتراك السنوي للسباحة في برك الفنادق الفخمة بعدما انتشرت علامات «ممنوع السباحة» على طول شواطئنا، لكن المتنزه المجاور للعين مازال بحاجة إلى أن تكتب عنه، علك بعقد مقارنة بين حال ماضٍ وحاضر تلفت أنظار المسئولين الذين تتحدث عنهم، والذين تتغير وجوههم وتبقى الأمور لا تتغير إلا إلى الأسوأ.

مصيف الخليج

بالعودة إلى صوت البحرين «هذه المشروعات وغيرها مجتمعة تجعل من البحرين جنة، يعيش فيها أهاليها في مرح وسرور طوال أيام الصيف. وإذا شاء القدر أن تكثر أمثال هذه المشاريع فستصبح البحرين يومها مصيف الخليج العربي، وإلى اللقاء في حديث آخر عن مشاريع أخرى».

لا أعرف كم من الأحاديث كتبت عن مشاريع أخرى، لكن ليتك لم تفعل، لسبب واحد هو أن لا جدوى مما تكتب، فما نكتب وعلى رغم 50 عاما مازال لا يغير الشيء الوفير أو لا يغير كما يجب، والأمانة وحدها هي التي تدعونا لأخبارك أن الانتخابات البلدية وحدها جعلت أشباه حدائق وأشباه ملاعب تنتشر هنا وهناك... «أين أنت الآن؟»، من جديد يشاغبنا السؤال كلما استمرت أعيننا في تتبع سطورك

العدد 702 - السبت 07 أغسطس 2004م الموافق 20 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً