ذكر الموجز الاقتصادي عن أسواق النفط وتطورات الموازنة الكويتية العامة الذي أصدره بنك الكويت الوطني أمس أنه بعد تراجع قليل خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي استعادت أسعار النفط عافيتها في يوليو/ تموز الماضي لتتعدى معدلاتها القياسية. وبلغ متوسط سعر خام برنت 38,4 دولاراً للبرميل مقارنة بـ 35,2 دولاراً خلال يونيو. وفي الثلاثين من يوليو سجل خام برنت سعراً قياسياً بلغ 41,6 دولاراً، كاسراً بذلك السعر الأعلى السابق الذي كان سجله في 28 سبتمبر/ أيلول 1990، أي 41,2 دولاراً للبرميل. وفي غضون ذلك ارتفع سعر النفط الخام الكويتي نحو مستوياته لشهر مايو/ أيار، إذ سجل معدل 34,07 دولاراً خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الشهر، مرتفعاً بنحو دولار واحد عمّا كان عليه في يونيو.
مازال الطلب المتصاعد، لاسيما من قبل الولايات المتحدة والصين، هو المحرك الرئيسي وراء الارتفاعات الأخيرة في أسعار النفط. وتم رفع التقديرات عن نمو الطلب العالمي على النفط خلال العام 2004 وذلك للشهر التاسع على التوالي، بحيث قام كل من مركز دراسات الطاقة الدولي والوكالة الدولية للطاقة بتعديل تقديراتهما إلى 3,2 في المئة. وفي الولايات المتحدة بدأت المخاوف تتركز على المخزونات من زيت التدفئة استعداداً لموسم الشتاء المقبل، متحولة بذلك عن مخزونات الوقود لموسم الإجازات الصيفية وقيادة السيارات. وتشكو الصين من نقص في إمدادات الوقود لتوليد الطاقة الكهربائية. وكانت أكبر دولتين مستهلكتين للنفط في العالم استنفدتا طاقتهما التكريرية الاحتياطية إلى ما يقرب معدلات انخفاض تاريخية، ما يدفعهما إلى الاعتماد بثقل أكبر على النفط المستورد.
وساهمت عوامل عدة على رأسها اضطراب الإمدادات النفطية من العراق، بالإضافة إلى اضراب عمال النفط في نيجيريا والمشكلات السياسية في فنزويلا والمصاعب المالية لدى إحدى شركات النفط الروسية الكبرى، في رفع علاوة المخاطر التي تتضمنها أسعار النفط. وتعزز هذا الاتجاه اثر الحيرة بشأن مدى التزام منظمة أوبك بتعهدها زيادة سقف الانتاج بواقع نصف مليون برميل يومياً خلال شهر أغسطس/ آب بعد تنفيذها زيادة المليوني برميل يومياً في الأول من يوليو. وفي وقت لاحق من يوليو أكدت أوبك الزيادة المخطط لها في الحصص الانتاجية وألغت اجتماعها غير العادي الذي كان مقرراً في 21 يوليو في فيينا. ولعل زيادة حصص أوبك للانتاج دليل على اعترافها بأن ارتفاع الأسعار أخيراً نتج عن ضغط في السوق. وتأكيداً على ذلك، رفعت أوبك مراراً تقديراتها لنمو الطلب على النفط خلال العام 2004، ولكن لما كان معظم أعضاء أوبك ينتجون ما يقرب طاقتهم القصوى، أي فوق الحصص الرسمية بكثير، فسيستمر القلق ملازماً للأسواق العالمية حيال مثابرة المنظمة على مستويات أعلى من الإنتاج علماً باحتياطها الحالي، وذلك في وجه الاضطرابات المتكررة للإمدادات النفطية.
انخفض إنتاج النفط العراقي بما يزيد عن مليون برميل يومياً منذ مارس/ آذار من العام الجاري، وسجل تراجعه الأكبر في يونيو الماضي. وارتفع إنتاج دول الأوبك باستثناء العراق بنسبة 4,8 في المئة في يونيو مقارنة بالشهر السابق. وتكون هذه الزيادة الثانية الأكبر منذ فبراير/ شباط 2003 حين هرعت الدول العشر لزيادة انتاجها عند مستهل الحرب في العراق. وساهمت المملكة العربية السعودية - وهي الدولة المنتجة الوحيدة التي تمتلك حالياً الاحتياطي الأكبر - بمفردها بنحو نصف الزيادة في يونيو، أي 600 ألف برميل من النفط الخام يومياً، لتعوض بذلك النقص في إمدادات النفط العراقي. أيضاً سجلت كل من إيران وليبيا ونيجيريا زيادات مهمة في الإنتاج. وأنتجت الدول العشر مجتمعة فوق الحصص المقررة بأكثر من 16,5 في المئة، إذ تصاعد إنتاجها للشهر الرابع على التوالي.
وطبقاً لنشرة «ميس»، بلغ إنتاج الكويت من النفط الخام 2,33 مليون برميل يومياً في يونيو، أي بارتفاع نسبته 1,3 في المئة عما كان عليه في مايو. وتماشياً مع قرار أوبك في الثالث من يونيو الماضي، تم تعديل سقف إنتاج الكويت من 1,886 مليون برميل يومياً إلى 2,046 مليون برميل يومياً في الأول من يوليو، وإلى 2,087 مليون برميل يومياً كسقف نهائي في مطلع أغسطس. وستعقد أوبك اجتماعها المقبل في فيينا في الخامس عشر من سبتمبر المقبل.
إذا ما حافظ منتجو أوبك على مستويات الإنتاج الحالية خلال العام 2004، فلايزال مركز دراسات الطاقة الدولي يرى أن التناقص المتواصل في المخزونات النفطية سيحول دون أي تراجع في الأسعار. وبالتالي، رفع «الوطني» تقديراته لسعر النفط الخام الكويتي بموجب هذا السيناريو الأساسي إلى نحو 35,5 دولاراً للربعين الثالث والأخير من العام الجاري. وبذلك يبلغ متوسط سعر النفط الخام الكويتي للعام 2004 بكامله 33,1 دولاراً وهو بحسب تقرير «الوطني» المعدل السنوي الأعلى خلال أكثر من عشرين عاماً، وتحديداً منذ اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية.
وإنما تتعرض الأسعار للمزيد من الضغوط إذا ما استمر الطلب على النفط في التزايد بما يفوق التوقعات نتيجة موسم شتاء قارس، ما يستنزف ما أمكن بناؤه من مخزونات نفطية خلال موسم الصيف. وبموجب هذا السيناريو، يتوقع «الوطني» أن يصل سعر النفط الخام الكويتي إلى 38 دولاراً بحلول الربع الأخير من العام الجاري وأن يتعدى الـ 40 دولاراً خلال النصف الأول من العام 2005. وفي هذه الحال، من المرجح أن يبلغ متوسط سعر النفط الخام الكويتي للعام 2004 بأكمله 34 دولاراً للبرميل.
ومن ناحية أخرى، من المحتمل أن تؤدي جهود الحكومة الصينية الرامية إلى إبطاء النمو الاقتصادي بهدف الحد من تضخم الأسعار، إلى تهدئة الطلب على النفط، ما يسنح الفرصة لبناء المخزونات وتخفيض الأسعار. وبموجب هذا السيناريو، يتوقع «الوطني» أن يتراجع سعر النفط الخام الكويتي بعض الشيء عن معدلاته الحالية بحلول الربع الأخير من العام، ومع ذلك أن يفوق السعر المستهدف من قبل أوبك على الأقل خلال موسم الشتاء المقبل، بحيث يبلغ المعدل للعام 2004 بأكمله 31,3 دولاراً.
وفقاً لظروف السوق السائدة، تتزايد الاحتمالات أمام الكويت لمزيد من الثروات عن طريق صادراتها النفطية، التي ينتظر أن تولد فائضاً في الموازنة يبلغ على الأقل ضعف ما كان عليه في السنة المالية الماضية. فكما جاء في تقرير «الوطني»، من المتوقع أن يتراوح معدل سعر النفط الخام الكويتي خلال السنة المالية 2004/2005 ما بين 31,1 دولاراً و37 دولاراً للبرميل ليبلغ 35 دولاراً بحسب السيناريو المتوسط. وبالتالي، فمن المتوقع أن تتراوح جملة الإيرادات الحكومية ما بين 7,74 و9,22 مليارات دينار، وذلك مقارنة بالتقديرات الرسمية البالغة 3,32 مليارات دينار وبالإيرادات المحصلة خلال السنة المالية السابقة والبالغة 6,94 مليارات دينار. وإذا ما تم صرف الاعتمادات المقررة في الموازنة والبالغة 6,30 مليارات دينار بالكامل، فيتوقع «الوطني» أن يتراوح فائض الموازنة ما بين 1,44 مليار دينار و2,92 مليار دينار. ومع ذلك فمادامت المخصصات في الموازنة تزيد عن المصروفات الفعلية بنسبة 8 - 10 في المئة، يرجح «الوطني» فائضاً أكبر ما بين 2,07 مليار دينار و3,43 مليارات دينار، ليبلغ هذا الفائض 3 مليارات دينار بموجب السيناريو المعتدل
العدد 702 - السبت 07 أغسطس 2004م الموافق 20 جمادى الآخرة 1425هـ
ذكر الموجز الاقتصادي
ذكر الموجز الاقتصادي عن أسواق النفط وتطورات الموازنة الكويتية العامة الذي أصدره بنك الكويت الوطني أمس أنه بعد تراجع قليل خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي استعادت أسعار النفط عافيتها في يوليو/ تموز الماضي لتتعدى معدلاتها القياسية. وبلغ متوسط سعر خام برنت 38,4 دولاراً للبرميل مقارنة بـ 35,2 دولاراً خلال يونيو. وفي الثلاثين من يوليو سجل خام برنت سعراً قياسياً بلغ 41,6 دولاراً، كاسراً بذلك السعر الأعلى السابق الذي كان سجله في 28 سبتمبر/ أيلول 1990، أي 41,2 دولاراً للبرميل.