تمت عملية الاختبار التي أفسدت يوم الخبراء الإسرائيليين في مكان ما في صحراء كاليفورنيا، بعيداً عن أنظار العالم لكن خيبة الأمل من نتيجة الاختبار هي التي كشفت عن عمق التعاون العسكري بين أميركا وربيبتها «إسرائيل».
فبالتعاون بين شركة إسرائيلية لتصنيع السلاح وبتكليف من وزارة الدفاع الإسرائيلية وتحت إشراف خبراء من وزارة الدفاع الأميركية وشركة «بوينغ» تم أخيراً اختبار الصاروخ الإسرائيلي من طراز «ارو» السهم وهو نسخة طبق الأصل عن «باتريوت»، لمواجهة هجوم بصواريخ «سكود» التي استخدمها العراق ضدها خلال حرب الخليج العام 90/1991 وضد صواريخ «كاتيوشا» الروسية التي يملكها «حزب الله» في جنوب لبنان. لكن «ارو» فشل في التصدي لصاروخ تبلغ قوته قوة صاروخ «شهاب» الإيراني الذي يعتبر حالياً أقوى سلاح إيراني رادع بانتظار حصول طهران على القنبلة الذرية.
هذا ما تروج له «إسرائيل» منذ الأسبوع الماضي في مسعى من حكومتها وأعضاء «الكنيست» الذين دعوا إلى التفكير بطرق لزيادة الضغط على إيران ودفعها إلى التخلي عن برنامجها النووي مقابل أي ثمن. وتثق «إسرائيل» بموقف إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش المتشدد حيال إيران، والذي عبر عنه وزير الخارجية كولن باول حين صرح قبل أيام أن بلاده تفكر جدياً بنقل النزاع إلى مجلس الأمن الدولي. وبعد وقت قصير صعد باول تهديداته، وقال إن بلاده تفكر بالدعوة إلى فرض عقوبات اقتصادية على إيران. ولا تعير «إسرائيل» أهمية تذكر لجهود الوساطة التي تقوم بها 3 دول أوروبية هي فرنسا وبريطانيا وألمانيا وكعادتها في التقليل من أهمية الأوروبيين قالت «إسرائيل» إنها لا تنتظر أن تنصاع إيران بسهولة لمطالب أوروبا وأن تتراجع عن سياستها النووية. ونقلت صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه» الألمانية نقلاً عن مسئولين إسرائيليين وجهاز الموساد أن بلادهم تشعر بالقلق حيال الأهداف غير المعلنة لإيران، وتعتقد أن طهران تعمل سراً في برنامج لإنتاج القنبلة الذرية، إذ سيكون بوسعها - على حد أبعد - تحقيق هدفها بحلول العام 2007 أو 2008. واعترف الإسرائيليون أنه نتيجة الإطاحة بنظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين تخلصوا من عدو كان يهدد أمنهم لكنهم أقروا بأن إيران هي اليوم أكبر عدو لـ «إسرائيل» في منطقة الشرق الأوسط. ولوحظ أن «إسرائيل» لم تسارع للتعليق على نبأ عودة العمل ببرنامج إنتاج اليورانيوم المخصب في إيران لأن هذا لم يكن مفاجأة لها ولأنها تتابع عبر قنواتها السرية البرنامج النووي الإيراني وتسعى إلى التحالف مع الأكراد في شمال العراق لتشكيل وحدات من العملاء ليزودوها بمعلومات عن كل نتائج جديدة يجري التوصل إليها. وكانت مراجع أمنية غربية أعربت عن احتمال أن تقوم «إسرائيل» بالإغارة في الوقت المناسب على المنشآت النووية في إيران مثلما فعلت في العام 1980 ضد مفاعل «عسيراك» الذي بناه العراق بمساعدة فرنسية، إذ دمرته بالكامل قبل وقت قصير على موعد بدء العمل به. لكن الإسرائيليين يخشون رد فعل إيران وهم أيضاً لا يخشون برنامجها الرامي إلى إنتاج أسلحة للدمار الشامل على حد زعمهم، بل يخشون صواريخها من طراز «شهاب» التي ليس لديهم السلاح المضاد للتصدي لها في حال رد الإيرانيون بها انتقاما لمغامرة إسرائيلية ضد منشآتهم النووية.
لذلك تروج «إسرائيل» ضمن حملة إعلامية في الغرب لهدف تصعيد الضغط على إيران كي تصرف النظر عن مواصلة العمل ببرنامجها النووي
العدد 701 - الجمعة 06 أغسطس 2004م الموافق 19 جمادى الآخرة 1425هـ