التطورات المتلاحقة التي صاحبت ملف غوانتنامو بشأن المعلومات التي فجرها البريطانيون الثلاثة الذين أفرج عنهم أخيراً في إفاداتهم انما هي في الواقع ادانة أخرى تضاف إلى قائمة «الممنوعات» التي تقوم بها إدارة جورج بوش (الابن) من انتهاكات واضحة ضد العرب والمسلمين.
هذه الإدارة التي لا تحترم القوانين الدولية ولا تعير اهتماماً لباقي دول العالم تعيش يومها على مقولة «أعظم قوي في العالم»... وهذه القوة يحلو لها أن تقول وأن تفعل ما تشاء.
وعندما تتعارض المصالح فإن الدول التي تهاب هذه الإدارة تبدأ بتقديم التنازلات الواحد تلو الآخر من دون مراعاة شعوبها.
فمنذ حوادث أيلول المشئومة، والأوراق مبعثرة هنا وهناك بين الغرب الشرق، فلا حديث إلا عن الإرهاب وجماعاته التي تدير عملياتها عبر شبكة الانترنت التي يبدو أن اكتشافها تحول إلى نقمة لا نعمة على البشر.
إن الافادات التي اطلقها هؤلاء الثلاثة كشفت فضيحة أخرى غير فضيحة «أبوغريب»، فالعسكر (المرضى) ذاتهم يطبقون أساليبهم الشاذة الصارخة داخل معتقل غوانتنامو... للأسف، انكشف المستور فقد كانت هذه الأساليب مخول بها بأمر من رجالات البيت الأبيض والبنتاغون على رغم تحججهم بأعذار واهية التي لن تغير من وجه الحقيقة شيئاً...
ها نحن نكتشف ما حلّ بأبناء البحرين من تعذيب وألم وتحقير لا يمكن السكوت عليه أو الإدلاء بتصريحات تستنكر واقعاً أليماً وتقصيراً حقيقياً من الجهات الرسمية المعنية بهذا الملف والتي يبدو أنها لم تفعل الكثير سوى تصريحات تحسّن من موقفها بعد أن أخذت هذه القضية بعداً شعبياً وحقوقياً على مستوى العالم.
إن سمعة معتقل «غوانتنامو» لا تختلف كثيراً عن سمعة «أبوغريب» فكلاهما معقلان للمرضى والشواذ من العسكر الأميركيين الذين لا يعرفون شيئاً عن هويتنا وثقافتنا وديننا إلا الفتات الذي تروج له الإدارة الحالية.
وفي الحقيقة فقد تأثرت وأنا أتابع هذا التقرير لما حل بجمعة الدوسري وتفاصيل أخرى عن باقي المعتقلين... كل يوم تنكشف الأمور، وكل يوم تتعزز الحقيقة ألا وهي أن الجهات المعنية أخفت علمها بتعذيب الدوسري، ولا ندرى إن كانت على علم بالمعاملة التي يتلقاها الشيخ سلمان بن ابراهيم آل خليفة داخل المعتقل وأية ظروف يواجهها الآخرون.
كل هذا يحدث ونحن في زمن الإصلاح، وفي زمن خلت فيه سجون البحرين من التعذيب، وننادي اليوم بنشر ثقافة حقوق الإنسان التي يبدو أنها ستستغرق فترة طويلة لكون الثقافة لاتزال معدومة وخصوصاً عندما تتجاهل بعض الصحف المحلية الدور الذي لعبه مركز البحرين لحقوق الإنسان في نقل وقائع كان يجهلها الرأي العالم المحلي منذ حرب أفغانستان ضد الإرهاب وحتى الآن!
فالواقع يقول: لابد أن نثمّن ونثني على الجهود الشعبية والحقوقية التي بُذلت من أجل خدمة هذا الملف لأبناء البحرين لا لتهميشها... لاننا ببساطة نعيش زمن الانفتاح المعلوماتي
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 701 - الجمعة 06 أغسطس 2004م الموافق 19 جمادى الآخرة 1425هـ