ليعذرني الاخوة القراء والمواطنون إن لم أستطع الرد على جميع المكالمات أو الإيميلات، أعلن أن القضايا كثيرة والمشكلات متشعبة ولكن ليعذروني على تأخير طرح بعض ملفاتهم، لا أقول ذلك اعتباطاً ولكن لعتابٍ يصلني بين لحظة وأخرى من القراء حتى ان البعض أستشعر من كلامه العتب الشديد والذي قد يصل إلى القساوة، ولكن ليتفهم القراء الأعزاء حجم الضغط المتواصل، وكل صاحب ملف يطمح إلى أن يسلط الضوء على ملفه بصورة دائمة... لا أخفي عليكم، قمت بتشكيل بعض اللجان وبدأ ضغط العمل يزحف إليها... القضية كبيرة، أن تقرأها جاهزة على الورق فذلك يختلف كثيراً عن أن تعمل على تصحيحها والتدقيق في معلوماتها. طبعاً هنا يجب أن أشكر المواطنين المتطوعين الذين بدأ البعض منهم يحمل جزءًا من ثقل العمل، ولكن على رغم ذلك هذا الأمر لا يكفي. لكي نعمل على تصحيح الوضع وندفع بإصلاح بعض هذه المؤسسات نحتاج إلى عمل مؤسسي وطني يعمل على تأسيس أسس جديدة للثقافة الوطنية القائمة على شكر الإيجابيات ومحاولة تصحيح السلبيات.
منذ أمد وخصوصاً في ظل الضغوط الثقافية والاجتماعية أشعر بحاجة إلى فتح مؤسسة أهلية وطنية أو مركز ثقافي من خلاله أقوم بالاجتماع مع الناس والاستماع إلى شكاواهم، ونعمل أيضاً على توسيع دائرة الطرح الموضوعي في معالجة مشكلاتنا الثقافية والاجتماعية، لأنه من دون عمل مؤسسي يموت كل شيء، والإنسان له طاقة محدودة والعمل الفردي مآله إلى الانتهاء. فلكي نحافظ على الطرح النوعي والمتميز نحتاج إلى فتح مؤسسة ثقافية، وأنا على يقين بأن مستوى الأداء سيشهده الناس أنفسهم، فالخطوط العامة هي: التوازن في الرؤية، تأصيل الولاء الوطني، الدفع نحو ترسيخ قيمنا الإسلامية المتوازنة، وتفعيل الوحدة الوطنية.
ما شهدناه في الصحافة من إنجازات يمكن تحقيقه وتفعيله عبر مؤسسات على طريقة السيدفضل الله الذي استطاع أن يكسب المسيحيين في لبنان - عبر حوارات وطنية تسامحية مشتركة - فضلاً عن المسلمين. أنا مؤمن أن في ساحتنا البحرينية شخصيات وطنية لم تتورط في يوم من الأيام في أي طرح طائفي أو شوفيني ومن كلتا الطائفتين العزيزتين. هؤلاء هم الذين نراهن عليهم، علينا أن نفكر كي نعمل على ترسيخ ثقافة التسامح في المجتمع، كيف نستطيع أن نخرج من صوامعنا المذهبية إلى حيث الرحابة الإسلامية والرحابة الإنسانية والرحابة الوطنية؟ كيف نكون صريحين في خطابنا، في نقدنا؟ كيف نتوازن في النقد؟ وكيف نعمل على التصحيح خطوة خطوة؟ كيف نستطيع أن نوصل رسائل وطنية وسياسية إلى بعضنا بعضاً تعزز الثقة والخوف الدائم على مصلحة الوطن العليا؟ كيف نؤسس لثقافة التوثيق العلمي البنّاء من دون أن نميز في النقد بين مؤسسة ومؤسسة، بين وزارة ووزارة، بين وكيل ووكيل؟ هذا هو الذي يخدم البحرين والوطن.
قد يقول البعض هذا خطاب إنشائي أفلاطوني، لكننا نقول: سمعنا مثل هذه الإحباطات من قبل ولكن على رغم ذلك، ها نحن نقطف بعض الثمار والأيام مازالت تثبت وتعزز صدقيتنا على الأرض. إن هذه الثقافة هي الثقافة التي يكتب لها النجاح والعمر الطويل. ثقافة التوازن في الأمور. لم يعد العالم كما كان سابقاً. الجميع اليوم يتبرأون من الدكتاتورية، لقد أصبحت سبة. إذاً لماذا لا ندفع نحو الإصلاح، نتفاعل مع الإصلاح، ونرسخ دعائمه والحكم في الموضوع يكون للرأي العام. ان باستطاعتنا أن نغير الكثير من الأخطاء التي تحولت إلى عقيدة إدارية ومالية وسياسية واجتماعية في المجتمع.
في فترة قانون أمن الدولة، ما كان لأحد أن ينتقد عنزة الوزير فضلاً عن الوزير، لكن اليوم تبدل الحال. يجب ألا تجلس في بيتك وتنتظر تغيير الأمور... اذهب، كافح، ناضل من أجل توسيع الديمقراطية، حاول أن ترفع السقف وإن جلدك القانون، طالب بحقوقك كمواطن، احرج المسئول، الوزير أو الوكيل... إذا حاربك من منطلق شوفيني أو قومي لأنها جريمة، هو يخاف أن يتهم بها لأنها جريمة يعاقب عليها القانون الدولي فضلاً عن القانون المحلي.
يكفي أن تنطبق عليك لفظة «مواطن» لتطالب بكل استحقاقك والقانون معك. احرج المسئول الذي يقمعك ولكن بالقانون والوثائق والمنطق. فكّر كيف تنجح ملفك بالقانون وليس بالصراخ في الشارع. أوصي المواطنين بالدخول في التجارة قدر الإمكان، فالبحرين ولاّدة مشروعات، في تجارة التجزئة أو غيرها. لماذا يأتي الأجنبي ويفتح له محل مشويات ثم يتوسع وأنت لا؟ لو في كل قرية ومدينة اجتمع خمسة على قلب واحد وفتحوا لهم مشروعاً تجارياً سيرون كيف يبارك الله لهم، طبعاً بدراسة المشروع. الألفا دينار ستجلب لكم عشرة... وهكذا.
إذا كانت هناك محسوبيات وتجاوزات في التراخيص أو الإجراءات الإدارية أوصلوها لنا في الصحافة ونحن نوصلها إلى المسئولين. ولكن أهم شيء أن تعمر البحرين، أن تصبح رائدة في التجارة والاقتصاد بأهلها وشبابها، وعلى التجار أن يساعدوا أبناء البلاد ويرسخوا هذه الثقافة، ان يقرضوهم، أن يشجعوهم. لماذا التجار اليهود يأخذون بأيدي أبنائهم ونحن لا؟ أملنا في التغيير كبير، وعلى المواطن ألا يكتفي براتب هزيل تقطره عليه الحكومة، فليفكر في الكسب الحلال من أماكن أخرى، وكم من فقير معدوم استطاع أن يكون رجلاً اقتصادياً كبيراً، وبالمال الحلال أيضاً. دعونا نفكر في بناء المؤسسات المعرفية والوطنية التي لها انعكاس على مستوى التعليم والصحة والثقافة. لا يوجد هناك شيء مستحيل. الله أعطاك عقلاً وأعطى الآخرين عقولا
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 700 - الخميس 05 أغسطس 2004م الموافق 18 جمادى الآخرة 1425هـ