العدد 700 - الخميس 05 أغسطس 2004م الموافق 18 جمادى الآخرة 1425هـ

لن نجد شريكاً حتى لو تخلص الفلسطينيون من عرفات

الأزمة الفلسطينية في الصحف العبرية:

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

اهتمت الصحف العبرية بالأجواء الفلسطينية الداخلية المتوترة، التي تبدو في سياق صراع القوى الدائر بين الرئيس ياسر عرفات ووزير الشئون الامنية السابق محمد دحلان، خصوصاً بعد تصريح الأخير بأن الرئيس الفلسطيني «يجلس على كومة من جثث». واللافت ان غالبية التعليقات ترى «نهاية لعرفات» على أيدي الفلسطينيين، ومنهم من يرى ان على الدولة العبرية تلقف الفرصة، على رغم إدراكهم ان «إسرائيل» لن تجد شريكاً حتى لو تخلص الفلسطينيون من عرفات». والمثير ان هناك من اعتبر ان حل مسألة محاصرة بيت ياحون والخلاص من صواريخ القسّام هو بيد العقيد محمد دحلان، ففي حال وافق الأخير على تحمل مسئولية الأراضي المحتلة بنفسه، فإن جيش الاحتلال سيغادر تلك المنطقة فوراً. أما في حال رفض ذلك فإن القوات الإسرائيلية ستبقى في بيت حانون إلى أن يتوقف إطلاق القسّام نهائياً.

تسفي برئيل كتب في «هآرتس» تحت عنوان «ماري أنطوانيت في المقاطعة» توقف فيها عند الانتقادات الكثيفة التي بدأت تستهدف رئيس السلطة الفلسطينية، والأزمة التي يواجهها في الأراضي الفلسطينية بالإضافة إلى موقف «إسرائيل» من ذلك. واستهل برئيل، مقالته بإيراد مقتطفات من مقال نشرته الصحافية هدى الحسيني في صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية، من ان عرفات حين طرح سؤاله الشهير «أزمة، أية أزمة؟» عندما كان المتمردون في فتح يحرقون مكاتب السلطة في خان يونس، قد تصرف مثل زوجة الملك الفرنسي لويس السادس عشر، ماري أنطوانيت، حين سألت: «لماذا لا يأكل الثوار البسكويت إذا لم يكن لديهم خبز؟». واعتبر برئيل، ان مقال الحسيني جريئة جداً في هذه الفترة. غير انه لفت إلى ان حملة الانتقادات الشعبية الفلسطينية ضد عرفات لم تبدأ هنا بل قبل عامين على يد الوزير الفلسطيني السابق نبيل عمرو الذي بترت ساقه أخيراً بعد أن أطلق مجهولون النار عليه أمام منزله. ولاحظ ان الحملة الفلسطينية ضد عرفات لم تصبح شرعية فحسب بل بدأت تتحول إلى حملة مركزية أيضاً. فوزير الأمن الوقائي السابق محمد دحلان، هاجم قيادة فتح وعلى رأسها عرفات خلال مقابلات مفتوحة. كما ان الموقع الإلكتروني ٌٌٌّّّ.ْمًٍُّمفْفنفُّ.ُْه (أزيحوا عرفات) ينشر مقالات من عرب وفلسطينيين ضد الرئيس. حتى ان الصحافة العربية الدولية بدأت تشبّه عرفات وقيادته بالقيادة التي أدت إلى ضياع فلسطين في العام 1948. وأكد برئيل، من جهته ان التمرد ضد فساد السلطة وأساليبها القيادية لا يهدف إلى استرضاء الولايات المتحدة و«إسرائيل» بل انه ردة فعل طبيعية من قبل الشارع الفلسطيني. ودعا الدولة العبرية، إلى الرد بشكل مناسب على هذا التطور، وأشار إلى ان الاحتمالات المطروحة أمام «إسرائيل» هي إما الانتظار حتى يقوم الفلسطينيون بأنفسهم بالتخلص من عرفات، أو الاستمرار في تقديم خطة فك الارتباط على انها الرد المناسب، أو الانتظار حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية لمعرفة موقف الرئيس الجديد أو القديم. غير ان برئيل، رأى في المقابل انه بإمكان الإسرائيليين أن يتحدثوا مباشرة إلى الشعب الفلسطيني وأن يصغوا إلى أصوات جديدة ويعرضوا على هذا الشعب قائمة سياسية تلائمه. إلاّ انه استدرك بأن ما من شيء سيتغير في الموقف الإسرائيلي من الفلسطينيين، فسيستمر الإسرائيليون في التأكيد على ان الفلسطينيين لن يكونوا شركاء في السلام حتى لو تخلصوا من عرفات.

وكتب يوئيل ماركوس في «هآرتس» مقالاً تحت عنوان «صباح الخير نيويورك تايمز»، أكد فيها ضرورة استقالة عرفات، انطلاقاً من افتتاحية نشرتها «نيويورك تايمز»، أخيراً ورأت خلالها ان عرفات ليس أهلاً لقيادة الدولة الفلسطينية. وأشار ماركوس إلى ان الصحيفة الأميركية استغرقت عقداً كاملاً لتدرك ما كان الإسرائيليون يخشونه بعد «اتفاق أوسلو»، أي أن يكون عرفات غير قادر على الانتقال من موقعه كزعيم عسكري إلى قيادة مهمة بناء دولة فلسطينية.

ولفت ماركوس إلى ان «نيويورك تايمز» ليست وحدها التي اعترفت أخيراً بفشل عرفات كرئيس بل المنسق الخاص للأمم المتحدة تيري رود لارسن الذي اتهم عرفات بأنه يساهم في انهيار السلطة الفلسطينية. بالإضافة إلى وزير الخارجية الأميركي كولن باول الذي وصف عرفات بأنه خبير في التصريحات الغامضة. واستنتج المعلق الإسرائيلي أن عرفات مخادع، فهو لم يفِ بأي وعد قطعه وأدار ظهره لكل عروض السلام. لافتاً إلى ان الرئيس السابق كلينتون والحالي جورج بوش والمرشح الديمقراطي جون كيري، أجمعوا على ان عرفات هو عقبة في وجه السلام. حتى زعيم حزب العمل شمعون بيريز، وصف عرفات بأنه أحمق.

وأضاف ان حملة الانتقادات لعرفات امتدت إلى داخل المؤسسات الفلسطينية، مذكراً بأن عضو المجلس التشريعي حنان عشرواي دعته في إحدى الصحف السويسرية إلى الاستقالة. ولفت المعلق العبري إلى انه لا ينفي دور «إسرائيل» في هذا الموضوع خصوصاً لجوءها المتكرر إلى القوة ضد السلطة الفلسطينية والدمار الذي ألحقته بالأراضي الفلسطينية. غير انه برّر ذلك بأن الإسرائيليين شعروا مع الوقت بالسأم من العيش جنباً إلى جنب مع «الإرهاب». وزعم ماركوس ان رد عرفات على العرض الذي قدمه كل من كلينتون ورئيس الحكومة السابق إيهود باراك بمنحه 97 من الأراضي الفلسطينية كان انتفاضة الأقصى! واليوم يبدو بالنسبة إلى ماركوس ان عرفات مشغول بتقويض خطة «إسرائيل» للانسحاب من غزة وإغراق شعبه في حال من اليأس!

غير ان ماركوس، رأى في ختام مقاله ان الفلسطينيين هم الوحيدون القادرون على إزاحة عرفات من منصبه. مرجحاً انه في الوقت الذي ستبدأ عوارض الضعف بالظهور على الرئيس الفلسطيني فإن الفلسطينيين سيتمردون عليه.

وعمد عاموس هاريل في «هآرتس» في مقال تحت عنوان «الجيش وجد أسباباً للبقاء في بيت حانون» إلى تعداد أسباب ومبررات بقاء جيش الاحتلال مستنفراً (محتلاً) في بيت حانون شمال قطاع غزة، فلفت بدايةً إلى ان الجيش كان سينسحب من تلك المنطقة لولا سقوط صاروخي قسّام على مستوطنة «سديروت». كما ان اغتيال زعيم خلية أبوالريش التابعة لحركة فتح أوجد المبررات لسقوط المزيد من الصواريخ على المستوطنات، وبالتالي فإن بقاء الجيش في بيت حانون بات ضرورياً. ولفت إلى ان الجيش مضطر أيضاً للبقاء لأن حفلاً راقصاً ينظمه أهالي مستوطنة سديروت الأسبوع المقبل، يشارك فيه مجندون وضباط، ولن يكون مناسباً أن تسقط صواريخ قسّام على رؤوسهم خلال الحفل!

غير ان المعلق الإسرائيلي أشار إلى ان القادة الميدانيين الإسرائيليين يصفون عملية الجيش في بيت حانون بأنها سخيفة، كما انهم يواجهون صعوبات في إقناع الجنود بمبررات العملية خصوصاً عندما تبيّن لهم انها لا تساهم في وقف إطلاق صواريخ قسّام. إلاّ انه دافع من جهته عن العملية معتبراً ان تدمير بساتين الفاكهة مثلاً يهدف إلى كشف معالم المنطقة من أجل تسهيل العثور على الخلايا التي تملك صواريخ قسّام. ورأى ان ثمة احتمالاً لأن تدفع عذابات السكان في بيت حانون السلطة الفلسطينية والمنظمات «الإرهابية» إلى التوقف عن إطلاق الصواريخ.

وأورد تبريراً آخراً للبقاء في بيت حانون، لافتاً إلى ان هذه البلدة أصبحت رهينة لما وصفها «معارك النفوذ» بين «إسرائيل» والسلطة، موضحاً انه في حال وافق (وزير الأمن الوقائي السابق) محمد دحلان على تحمل مسئولية الأراضي المحتلة بنفسه، فإن الجيش سيغادر تلك المنطقة فوراً.

وفي شأن متصل بسياسات «إسرائيل» المستقبلية، كشف زئيف شيف في «هآرتس» عن تشكيل لجنة إسرائيلية خاصة برئاسة دان مريدور، مهمتها مناقشة المفهوم الاستراتيجي الذي ستعتمد عليه «إسرائيل» خلال السنة المقبلة، بالإضافة إلى دراسة مدى تأثير التغييرات التي طرأت على المنطقة خلال السنوات الأخيرة على الأمن القومي الإسرائيلي. ورأى شيف، انه في حال نجحت اللجنة في مهمتها ووصلت إلى مرحلة رفع التوصيات فإنها ستضع تعريفاً شاملاً للاستراتيجية الإسرائيلية المقبلة. ولفت شيف، إلى انه خلال التحضيرات لتشكيل اللجنة تدخل شارون من أجل تعيين عدد من أعضائها على رغم ان هذه المهمة هي من مسئولية وزير الدفاع. وتضم اللجنة بحسب شيف، نائب رئيس هيئة الأركان السابق الجنرال غابي أشكينازي، والنائب الجديد الجنرال دان هالتز، وضباط احتياط في الجيش ومدنيون وعلماء واقتصاديون. وأضاف ان اللجنة ستباشر عملها بعد انتهاء الجيش من صوغ ما يسمى «مفهوم عملياته» أو عقيدته القتالية.

رؤية باحث فلسطيني

وفي السياق ذاته أجرى (مدير مركز الشقاقي للبحوث المسحية والسياسية) في «وول ستريت جورنال» الأميركية، خليل الشقاقي، تحليلاً بشأن أسباب اندلاع الأزمة بين الفلسطينيين على خلفية الفساد المستشري في السلطة وكيفية الخروج منها، فاعتبر ان هذه الأزمة هي رد على خطة شارون للانسحاب من غزة، ولا يمكن حلها إلاّ من خلال إجراء انتخابات وطنية. وأوضح الشقاقي، ان من أسماهم «الحرس الجديد» (في إشارة منه إلى الفصائل المسلحة التابعة لحركة فتح) مثل كتائب شهداء الأقصى تخشى أن تفقد مبرر حمل السلاح والمحافظة على ميليشياتها المستقلة بعد الانسحاب. لذلك فقد بدأت تبحث عن وسيلة لإثبات وجودها وإضعاف قبضة الحرس القديم. ولكن في حال فشلت مساعي «الحرس الجديد» فستكون لديهم مصلحة في استمرار العنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد الانسحاب من غزة. وهذا يعني ان حل هذا الصراع على النفوذ سيترك انعكاسات على جميع الأطراف في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

وتابع الشقاقي: بالإشارة إلى انه خلال استعداد «إسرائيل» للانسحاب من غزة، استغل زعماء «الحرس الجديد» حقيقة ان معظم الموالين لعرفات فاسدون ولا يلائمون مناصبهم، وكره الشعب الفلسطيني لهؤلاء. ورأوا انه لم تعد هناك حاجة إلى الحرس القديم من أجل مفاوضات مع الإسرائيليين بشأن إنهاء الاحتلال في ظل الانسحاب من غزة. وأضاف ان ارتفاع الأصوات في الشارع الفلسطيني الداعية إلى تطبيق الإصلاحات شجعت الحرس الجديد على تحدي عرفات مباشرةً. وجاء التمرد في غزة ليسجل أول

العدد 700 - الخميس 05 أغسطس 2004م الموافق 18 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً