العدد 699 - الأربعاء 04 أغسطس 2004م الموافق 17 جمادى الآخرة 1425هـ

ايقونات

المحرق - حسين السماهيجي 

تحديث: 12 مايو 2017

هل يمكن لنا أن نفصل الثقافة والأدب عن إنسانيتهما؟!

قد يبدو للبعض أن هذا السؤال لا لزوم له، ويأتي في غير محلّه. ولكن مشهد الثقافة في البحرين يفرض علينا طرح هذا السؤال الذي يمثل جوهر الإبداع والثقافة؛ فما دامت الطروحات الثقافية المرتهنة إلى المغامرات/ المقامرات هي التي تسود هذا المشهد، فهو - لعمري - مشهدٌ مثقلٌ بالبؤس.

أن تجد البعض يتسلّى ويعبث بهذا المشهد المسكين بصبيانية فجّة، ومن دون أدنى رقابة من ضمير على الحبر المهدور على صفحات الصحف، فتلك كارثة من دون ريب... والأمر يهون لو كان اقتصر على مجرد عبث صبياني سرعان ما يطوّق ويلجم، إلا أن حجم الكارثة يتسع ليطال المشهد كلَّه حينما تغدو لغة النميمة والوشاية هي المتسيدة في ظل فقر وعقم صحافي لم تشهد صحافتنا الثقافية في البحرين مثيلاً له عبر تاريخها المديد.

أن تدبّج المقالات والشظيات بناءً على «قال لي أحدهم...» و«أخبرني...» و«قال أحد...» ولك عزيزي القارئ أن تصدق أو لا تصدق؛ فقد غدت التناولات النقدية والأحكام مبنية على مثل تلك الأقاويل والنقولات. ولنا ها هنا جملة من الملاحظات والاستنتاجات المبنية على ما سبق، منها:

أولاً: فقر ثقافي يكشفه عدم وجود مرجعية واضحة يتم الرجوع إليها للموازنة والتحليل.

ثانياً: تكريس لقيم النميمة والوشاية، وضرب القيم الأخلاقية العليا للأدب والإبداع عرض الجدار.

ثالثاً: جبن مفضوح على رؤوس الأشهاد. فإمّا أن يكون أحدهم قد قال وهو لا يجرؤ على التصريح باسمه، وإمّا أن يكون الكلام مكذوباً جملة وتفصيلاً. والحالتان كلتاهما تشيان بفضيحة ثقافية لم يسبق لها مثيل في تاريخ الصحافة في البحرين.

رابعاً: العبث بأسماء المبدعين حدّ النزق والتهور، كما حدث لاسم الزميل جعفر الجمري الذي تمّ العبث باسمه ومكانته الشعرية لمقاصد يأبى صاحبها إلا الإصرار على أخطائه برغبة تحققها. والحال أن الأمر إما أن يكون من نسج خيال الشخص نفسه أو مصدره الخاص، هذا إذا صحّ أن لديه مصدراً اعتمد عليه.

ومهما يكن من أمر، فالأعجب من ذلك كله أن تقتنص عبارات شاردة من هنا أو هناك، وتنتزع من سياقاتها بغرض تمريرها باعتبارها طرحاً شمولياً، هذا مع العلم بأن الشخص إياه يعلم تمام العلم رأي الآخرين بشأن قضايا الأدب والإبداع والمرجعيات المعرفية والصوفية والفلسفية التي تتناسل عنها النتاجات الإبداعية والبحثية.

أمّا الطامة الكبرى، أن يأتي من ليست له صلة حقة بقضايا الكتابة والبحث والإبداع مستغلاًّ المساحة التي يعبث فيها ما شاءت له الصبيانية الفجّة، ليوجّه وعبر شخوص وهمية رسائل وتوصيات الكتابة. وذلك وهمٌ آخر يستحق الرثاء. فأصحاب الإصدارات والنتاجات المستمرة صاروا يوجّهون من قبل من لم يعرف لهم نتاج يتسم بالرصانة والاحترام... بلى، اللهم إلا إذا استثنينا معارك وهمية وفجة مع أفراد من التيار الديني. وليس لنا في مثل هذا المقام إلا أن نقول ما قاله الأسلاف (رمتني بدائها وانسلّت).

يتبقى، أخيراً، أن نعلم أن الأدب والثقافة متى ما انفصلا عن الأخلاق العليا والقيم المتوارثة فسيغدو المشهد عنواناً للبؤس والعجز... على أننا نصرّح ولا نجمجم بلفظنا؛ فما كان حتى الأمس علامةً من علامات صحافتنا الثقافية المضيئة وشاهداً على لحظة رائدة في الثقافة، قد غدا - وللأسف الشديد - وضمن الأمثلة التي تناولناها، مثالاً على فقدان الصدقية والفقر المشين وضرب اسوأ الأمثلة على صحافة ثقافية كانت تفتخر بجديتها وصرامتها عبر عشرات السنين





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً