العدد 2374 - الجمعة 06 مارس 2009م الموافق 09 ربيع الاول 1430هـ

توم كروز يمثل بعين واحدة وينجو من عملية اغتيال فاشلة!

توم كروز يغير جلده، ويثبت أنه ممثل قدير يستطيع أداء كل الأدوار ببراعة واتقان، وها هو في فيلمه الجديد «عملية الاغتيال الفاشلة» يبهر الجميع بشخصية صعبة ومركبة، ويمثل واحدا من أحلى أدواره بعين واحدة!

والفيلم تدور أحداثه في شهر يوليو/ تموز في العام 1944، حين قاد مجموعة من الضباط الألمان محاولة فاشلة لاغتيال الزعيم النازي أدولف هتلر والانقلاب عليه، وانتهى الأمر بالقبض عليهم وإعدامهم بعد محاكمة سريعة، وأضيفت هذه المحاولة إلى 14 محاولة سابقة معروفة فشلت جميعها في التخلص من زعيم الحزب النازي الذي أدخل وطنه والعالم في محنة قاسية، ولم يستسلم حتى اللحظات الأخيرة لينتحر مع عشيقته إيفا براون في برلين في العام 1945.

وعن هذه المحاولة الفاشلة، وقائدها كلاوس فون ستافنبرج الذي كان يشغل وقتها قائد أركان جيش الاحتياط الألماني، يدور الفيلم الأميركي المثير «فالكيري» الذي قام ببطولته توم كروز، وأخرجه برايان سينجر.

وعنوان الفيلم هو اسم عملية الاغتيال الفاشلة، التي كان مبررها - من وجهة نظر القائمين بها - الخوف على ألمانيا التي توالت عليها الهزائم في شمال إفريقيا وفي الجبهة الروسية الشرقية.

أما الضابط ستافنبرج الذي قام بدوره توم كروز، فقد أقسم يمين الولاء لهتلر مثل كل الجنود في الجيش الألماني، ولكنه سرعان ما أحس بأن الكارثة مقبلة.

وبسبب تذمره واعتراضه على ما يراه، تم إرساله ليلتحق بإحدى فرق الدبابات في تونس، وهناك فقد ذراعه وعينه وإصبعين من أصابع يده الباقية. وعلى رغم إصابته الخطيرة التي جعلته يضع عصابة طوال الوقت فوق عينه، فإنه لم يتوقف عن التفكير في التخلص من هتلر، وساعدته الظروف عندما أصبح قائد أركان جيش الاحتياط الألماني، وكان رأيه أن اغتيال هتلر وحده لا يكفي، فلابد أن يستكمل الأمر بانقلاب عسكري تسيطر من خلاله الخلية المتآمرة على العاصمة برلين، ومنها تُصدر أوامرها بإيقاف الحرب، وإعلان الهدنة مع الحلفاء.

الفيلم الذي يعتمد على التفصيلات الواقعية للعملية «فالكيري» يستخدم ببراعة كل أدوات وإمكانات السينما لتقديم بناء مشوق يجعل من الصعب أن تغمض عينيك لمتابعة عملية إعداد القنبلة التي توضع في حقيبة يدخل بها قائد الأركان إلى مقر هتلر ثم يتركها في هدوء بعد أن يبلغه أحد معاونيه تلفونيا باستدعاء عاجل.

وتتحرك بعد ذلك بقية عناصر تنفيذ العملية «فالكيري»، وهي عملية أعدت أصلا لحماية «الفوهرر» بانتشار القوات في برلين خلال ست ساعات فقط، ولكن ستافنبرج نجح في تعديل الخطة بإشراك جيش الاحتياط في تنفيذها واستخدامه في القبض على أفراد «الجستابو» بعد اتهامهم زورا باغتيال الزعيم الألماني.

ومن خلال المونتاج الخلاّق، ينجح كل مشهد في إثارة توتر المتفرج، وصولا إلى مفاجأة النهاية بنجاة هتلر، ونجاحه بمساعدة قواده مثل هيملر وجورنج وجوبلز في اصطياد المتآمرين والقبض عليهم، ثم إعدامهم جميعا ليصبحوا أبطالا في نظر كثير من الألمان لأنهم من القلائل الذين أنقذوا سمعتها، وتحدوا عنصرية هتلر.

كروز أدهشنا بقدرته على التعبير عن انفعالات مختلفة بعين واحدة فقط، ولكن البطل الحقيقي للفيلم هو السيناريو المتماسك، حيث يسلمك كل مشهد إلى المشهد التالي.

ثم يأتى دور كل العناصر الفنية الأخرى، وخاصة التصوير الذي تلاعب بالظل والنور لرسم أجواء المؤامرة، فالضابط شاب يدخل تدريجيا إلى الظلام كلما تورط أكثر في إعداد التفاصيل.

وهناك دائما «مونتير» متمكن هو جون أوتمان قام أيضا بإعداد الموسيقى التصويرية، وعرف كيف ومتى يقطع ليحول كل مشهد تقريبا إلى حدث مشوق لا تعرف كيف سينتهي... وقبل هؤلاء مخرج شاب من الواضح أنه درس جيدا أفلام التشويق، ويعرف تماما أنه لا يحتاج إلى المزيد من التعمق في حياة شخصياته، فكل ما يريد أن يقوله إنهم كانوا شجعان، وخاصة قائدهم ستافنبرج، وإنهم فعلوا ما فعلوه من أجل وطنهم بعد أن توصلوا إلى أن هتلر عدو ألمانيا ومدمرها، وهو ما حدث فعلا بعد ذلك.

لقد أرادوا تغيير التاريخ، ولكن الظروف جعلتهم يكتفون بشرف المحاولة، وبقيت من الحكاية مؤامرة شديدة الذكاء تصلح وقائعها لفيلم من أكثر الأعمال التي يمكن أن تراها إثارة وتشويقا.

العدد 2374 - الجمعة 06 مارس 2009م الموافق 09 ربيع الاول 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً